عادي

المطالبة برحيل القوات الدولية من هايتي

03:28 صباحا
قراءة 5 دقائق

وقعت تظاهرات في هايتي، يوم الأربعاء 14/،9 مطالبة برحيل قوات الأمم المتحدة عن البلاد، وكان السبب المباشر هذه المرة اتهام بعض أفراد قوة حفظ السلام الأممية، باعتداء جنسي على فتى من أهل البلاد في الثامنة عشرة من العمر .

وليست هذه هي المخالفة الوحيدة . فالقوات الأممية متهمة بالإفراط في استخدام القوة، وبأنها قوة احتلال . ولكن القضية الأهم التي ما زالت تتفاعل، هي اتهام قوات الأمم المتحدة في هايتي، بالتسبب في نشر وباء الكوليرا، الذي أودى بحياة أكثر من 6 آلاف شخص حتى الآن .

ينتمي المتهمون من قوات حفظ السلام، في حادث الفتى، إلى دولة أوروغواي، ما جعل رئيس هذه الدولة يعتذر لهايتي قائلاً، إن شعب اوروغواي يشعر بالخزي من هذا السلوك الإجرامي الذي أتاه نفر من جنوده . وقد أنهت حكومة أوروغواي خدمة قائد قوتها البحرية في هايتي، واستدعت خمسة من الجنود على صلة بالحادث . وأرسلت إلى هايتي فريقاً للتحقيق في الأمر، كما ورد في موقع فويس أوف أمريكا نيوز (14/9/2011) .

وذكرت الأمم المتحدة يوم الأربعاء، أنها أرسلت فريقاً رفيعاً إلى الدولة الكاريبية لفرض تطبيق سياسة عدم التسامح .

ويعمل في هايتي أكثر من 12 ألف جندي ورجل شرطة تابعين للأمم المتحدة، كجزء من قوة تم تشكيلها سنة 2004 للمساعدة على تحقيق الاستقرار (واستعادة النظام بعد إطاحة الرئيس جين برتراند ارستيد)، في ذلك البلد الفقير والمتقلب سياسياً .

وقد زادت الأمم المتحدة حجم قوتها هناك بنسبة الثلث في العام الماضي، بعد أن أودى زلزال مدمّر بحياة أكثر من 220 ألف شخص .

وكانت قوات حفظ السلام، قد أسهمت في جهود التعامل مع آثار الزلزال، وأشرفت على الانتخابات الرئاسية هذا العام . ولكنها كانت مثار نزاع، لأسباب منها الادعاء بأنها تستخدم قوة مفرطة . كما يعتبرها بعض الهايتيين قوة احتلال .

وقد تعرضت سمعتها لضرر كبير في العام الماضي، عندما تفشّى في البلاد وباء الكوليرا، الذي يُعتقد أنه ناتج عن مياه الصرف الصحي في معسكر لرجال حفظ السلام من نيبال .

ولكن الأمم المتحدة، تنكر ذلك، وتتملص من تبعاته، مما يثير حنق أهل البلاد، ويحملهم على المطالبة برحيل تلك القوات .

في موقع ديسيدنت فويْس (13/9/2011)، يتساءل يفيس انجلر: كم تساوي حياة الهايتيين عند الأمم المتحدة؟ ويجيب: يبدو أنها لا تساوي اعتذاراً على الأقل .

ويمضي قائلاً: في السادس من أغسطس/ آب، تم ضبط وحدة من قوات بعثة الأمم المتحدة لنشر الاستقرار في هايتي- مينوستا، متمركزة في مدينة هينتشي في الهضبة الوسطى، وهي تكبّ البراز والفضلات الأخرى في حفر لا تبعد سوى أمتار قليلة عن نهر اعتاد الناس أن يشربوا منه ويستحمّوا فيه . وبعد شكاوٍ من سكان محليين، وتحقيق من قبل صحافيين، قام المسؤولون في المدينة بإحراق الفضلات بالقرب من نهر غواياموك . وقد انتقد عمدة مدينة هينتشي، أندريه رينود، استهانة مينوستا الآثمة بصحة الناس، ودعا إلى طرد بعض القوات الأجنبية . وفي 21 أغسطس/ آب، اتهمت الأمم المتحدة مرة أخرى بإساءة التخلص من مياه المجاري على بعد خمسة عشر كيلومتراً من هينتشي .

أما المسؤولون في مينوستا، فينكرون التخلص من مياه المجاري . وفي يوم الخميس، 13/،9 أصدرت الأمم المتحدة بياناً ادعت فيه أنه لا داعي لكبّ الفضلات، لأن القاعدة العسكرية في هينتشي أنشأت محطة لمعالجة الفضلات ومياه الصرف الصحي في الخامس عشر من يونيو/ حزيران . كما تنفي مينوستا رسمياً كبّ الفضلات في هينتشي أو غيرها من أراضي هايتي .

ويعلق الكاتب على ذلك قائلاً: إن هذا الإنكار يبدو أجوفَ بالنسبة لكل من تابع عمليات مينوستا . فقبل عشرة أشهر، أدى التخلص باستهتار من مياه المجاري في قاعدة للأمم المتحدة بالقرب من ميريباليس، إلى تفشي الكوليرا بصورة مدمرة . وفي أكتوبر/ تشرين الأول ،2010 جلب نشر قوات جديدة من نيبال، الوباء إلى هايتي، فقضى على 6200 شخص وأصاب أكثر من 438 ألفاً آخرين . وحقيقة ما حدث بهذا الشأن، هو أن شركة سانكو إنتربراسيس التي تتولى عملية التخلص من الفضلات في القاعدة العسكرية، قد كبّت براز القوة النيبالية في حفر تنز في نهر ارتيبونايت . وكان السكان المحليون يشربون من ماء النهر، فكانت تلك هي الطريقة التي أصيب بها أول الهايتيين بوباء الكوليرا .

وعلى الرغم من الأدلة الكثيرة التي تم جمعها من باحثين محليين ودوليين، ترفض الأمم المتحدة تحمل المسؤولية عن تفشي الكوليرا . ففي تحقيق أجراه في نوفمبر/ تشرين الثاني، عالم الأوبئة الفرنسي البارز، رينو بياروكس، ذكر أن القوات النيبالية هي المصدر المحتمل لسلالة الكوليرا، وقد أيدت ذلك دراسة نشرتها مجلة المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض ومنعها، وتحقيق أجراه باحثون نيباليون ودنماركيون وأمريكيون في معهد أبحاث الجينوم في اريزونا . وقد أظهرت الدراسة الأخيرة التي نُشرت يوم الثلاثاء، 13/،9 أن جينوم البكتيريا المأخوذة من مرضى الكوليرا الهايتيين، كان مطابقاً لجينوم البكتيريا التي كانت موجودة في نيبال عند مغادرة رجال حفظ السلام بلادهم سنة 2010 .

وقال ناطق باسم مينوستا، قبل أسبوع، إنّ المنظمة الدولية كانت على علم بالدراسة الجديدة، ولكنها قالت إننا نتبع توصيات التقرير الذي أصدرته مجموعة الخبراء التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة . وقد رفض ذلك التقرير حصر تفشي الكوليرا بمصدر واحد، وخلص إلى أن الوباء نجم عن حشد من الظروف .

ويقول الكاتب إن الجدال حول أصل الكوليرا، يجري مع استمرار المرض في تدمير البلاد . ففي شهر يونيو/ حزيران، مع بداية فصل الأمطار، كان هنالك 1800 حالة جديدة من المرض كل يوم .

ويشير الكاتب، إلى تقاعس وسائل الإعلام العالمية عن الاهتمام بمسألة تخلص قوات الأمم المتحدة من مياه المجاري، على الرغم من استمرار آثار الكوليرا، وانتشار الغضب الواسع على تلك القوات، بسبب تلك القضية .

ويرى الكاتب أن تصحيح الخطأ في هذه القضية، يتطلب من مينوستا، أن تتوقف على الفور، عن التخلص من النفايات من دون اكتراث بالصحة العامة . كما ينبغي عليها أن تعتذر عن إدخال الكوليرا إلى هايتي، ولكي يكون الاعتذار ذا معنىً- كما يقول الكاتب- ينبغي على الأمم المتحدة أن تعوّض الهايتيين بتطهير البلاد من الكوليرا، من خلال استثمارات ضخمة في أنظمة الصرف الصحي، وصيانة الصحة العامة . .

وفي موقع ووركرز دوت اورغ (17/9/2011)، كتب جي دانكل: يطالب الهايتيون بصورة متزايدة بسحب قوات مينوستا . فهنالك تاريخ من الاعتداءات الجنسية لمن يُسمون حفّاظ السلام . ويسود الغضب من أن هؤلاء الجنود قد جلبوا معهم وباء الكوليرا الفتاك، الذي أودى بحياة أكثر من 6 آلاف هايتي، وأصاب ألوفاً غيرهم . كما يدين سكان البلاد مذابح التي ارتكبتها مينوستا ضد الفقراء في سايت سوليل سنة 2005 وفي غيرها .

ويضيف الكاتب، إن قوة مينوستا، هي قوة اشاعة استقرار بالاسم فقط . أمّا هدفها الحقيقي فهو استمرار السيطرة على هايتي، حفاظاً على المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية للولايات المتحدة . ويقول الكاتب، إن قوات الأمم المتحدة، تحتل هايتي منذ سبع سنوات، عندما تسلمت زمام الأمور من القوات الأمريكية التي اختطفت في فبراير/ شباط ،2004 الرئيس جين برتراند ارستيد، المنتخب ديمقراطياً .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"