عادي

الجلسة الثانية .. دور الاتصال في حركات التغيير

05:51 صباحا
قراءة 5 دقائق
تناولت جلسة الحوار التي شارك بها كل من عمرو موسى الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، وأندرو يونغ الناشط في مجال حقوق الإنسان، وأدارتها الإعلامية نجوى قاسم، تطور أشكال الاتصال عمودياً بين الحكومات والشعوب، وأفقياً بين مكونات المجتمعات، وآثار هذا التطور ودوره في حركات التغيير التي يشهدها العالم العربي حالياً، كما تناولت الجلسة اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية بين العالمين العربي والغربي إبان حركات التغيير التي شهدها الغرب سابقاً .

قال عمرو موسى إن العالم العربي يشهد حركة وتغييراً لن يتوقفا، وإن الزمن لن يعود إلى الوراء، وأنه لم يعد باستطاعة بعض الأنظمة الديكتاتورية أن تعيدنا إلى زمن مختلف عن القرن الحادي والعشرين حيث التواصل والتكنولوجيا والديمقراطية متاحة لأفراد أي مجتمع، مشدداً على أن العديد من شعوب الدول العربية عانت في العقود الماضية من أنظمة وإدارات سيئة، الأمر الذي لا يمكن تعميمه بطبيعة الأحوال على كل الوطن العربي، حيث حققت بعض أنظمته نجاحات واضحة في علاقاتها مع شعوبها .

وأكد أن الظروف العامة للدول العربية التي شهدت حركات التغيير متشابهة إلى حد كبير، مع اختلافات في تفاصيل قد تقلل سرعة التغيير في بلد عن آخر، فسوء الأنظمة واحد، والثقافة واحدة لاسيما مع التطور التكنولوجي الذي جعل شعوب العالم العربي كله تتابع في الوقت ذاته حتى المسلسلات الدرامية ذاتها، والإعلانات ذاتها، لذلك ترى أن هناك إجماعاً شعبياً متطابقاً في كل العالم العربي على العديد من القضايا كالقضية الفلسطينية التي لا يستطيع أي نظام عربي الخروج عن دعمها، وإلا كلفه الأمر كثيراً، كما هو الحال مع النظام المصري السابق الذي شعر شعبه بتغير وتراجع من قبله في مجال دعم هذه القضية خلال العقد الماضي .

واعتبر أن هذه الظروف مختلفة بين حركة التغيير التي قام بها الغرب سابقاً، فالتغيير العربي ارتكز آنذاك على عاملي التنوير من جهة والحروب العالمية من جهة أخرى، فيما اضطربت حركة التنوير العربية وطغت عليها قوى ثورية بسبب الاستعمار وفساد الأنظمة لاحقاً، لذلك ترى الآن أي حراك اجتماعي وشعبي في الغرب مرتبطاً بالاقتصاد، بينما يتلازم مفهوم العدالة الاجتماعية والسعي باتجاهها مع الاقتصاد وقضاياه في العالم العربي .

وأشار إلى أنه ورغم دخول المرحلة الجديدة في الوطن العربي، حيث الرغبة والقواعد المتفاهم عليها بالتغيير وإنهاء الديكتاتوريات التي جثمت على صدور الناس، وعطلت التطور، إلا أن هناك تبايناً حاداً في الرؤى حول علاقة الدين بالسياسة، بين تيار يرى وجوب تلازمهما بشكل مطلق، وتيار يرى فصلهما عن بعضهما البعض .

ولفت إلى أنه يتخوف على الروح الثورية التي يجب أن تستمر لمواصلة استكمال التغيير التدريجي في المجتمع ضمن القانون، لأن الثورة تقوم مرة فيما يجب أن تستمر روحها وإلا فالعودة إلى البيروقراطية والروتين .

وأضاف أن العالم العربي يشهد حالياً تغيرات سبقها نقص عمودي في الاتصال بين الحكومات والشعوب من جهة ونقص أفقي بين مكونات المجتمع الواحد من جهة أخرى، بسبب قسوة الأنظمة في العديد من البلدان، ما أدى إلى قيام ثورات متتالية تشابهت أسبابها وخطوطها العريضة، وبالتالي بات لزاماً إعادة النظر بأساليب التواصل الأفقية والعمودية من زوايا مختلفة، لاسيما أن وسائل التواصل لم تعد تقليدية كما كانت في السابق، بل أصبح الاتصال مباشراً ومتاحاً بين المجتمعات، وتفرض الاستماع إلى الناس وعدم الاكتفاء بإسماعهم ما تريده الحكومات، وبالتالي لم يعد بمقدور تلك الحكومات السيطرة على هذا التواصل عبر التلفزيونات والإعلام الرسمي كما كان الوضع عليه سابقاً .

ولفت إلى أنه من نتائج انطلاق التواصل الاجتماعي بأشكاله الحديثة انعدام قدرة الأنظمة والحكومات في السيطرة على عقول الناس ومحاصرة أفكارهم، ولم يعد من اليسير على هذه الأنظمة أن تجعل الناس يصدقون بيسر ما تقوله لهم أو ما تريد أن يعرفوه، فأي إعلام وأي تواصل عليه أن يخاطب عقول المتلقين للوصول إلى أفئدتهم .

مصطلحات ومعان

من جهته قال اندرو يونغ ان المشكلة الاساسية التي تواجهنا هي توافر الكثير من المصطلحات والقليل من المعاني حيث اصبح في متناول الجميع أن يتحدثوا لكن ليس بالضرورة أن نفهم ما يقصدون، والسبب في ذلك أن الكثير من المتحدثين لا يمتلكون رؤية تدور في فلكها كلماتهم وأضاف أن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يمتلك رؤية واضحة حول مختلف القضايا التي يواجهها، وهي رؤية ترتكز على تعاليم الاسلام بحيث أسس سموه لتواصل مدعم بقيم اجتماعية خالدة .

وتطرق اندرو إلى الحديث عن ظروف التواصل والاتصال في الولايات المتحدة الأمريكية حيث بين أن في الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الافكار لكن لا يعرف كيفية الوصول بها إلى بر الأمان مبيناً أن التحدي الماثل أمام الإدارة الأمريكية الحالية متمثل في عدم القدرة على التوصل على اتفاق مع مختلف المؤسسات فيها بسبب غياب التواصل القائم على أساس بنى مشتركة يتفق عليها الجميع في أمريكا بالرغم من أن الإدارة الحالية تعتبر سيدة الاتصال على حد تعبيره .

وأوضح أن درس التاريخ يقول فيما يتعلق بالصحافة إن اوروبا تعتبر منشأها لكن وبالرغم من ذلك إلا أنهم خاضوا حروباً طاحنة فيما بينهم في العصور الماضية والسبب في ذلك عدم قدرتهم على توفير اجواء من التواصل فيما بينهم . مضيفاً أن الأمر يستغرق وقتاً لنفهم العالم معتبراً أن منتديات الاتصال الحكومي التي تقوم بتنظيمها الشارقة والكثير من البلدان حول العالم تسهم في التعرف والتواصل مع المشاكل التي تواجه المجتمعات للوصول بها إلى بر الأمان .

ولفت اندرور الى خطر البيروقراطية واثرها على تأخير عملية التواصل سواء في المؤسسات او المجتمعات واصفا إياها بالخطر الذي خلفته القوى الاستعمارية التي تسعى إلى اضعاف عملية التواصل بين مختلف الأفراد والمؤسسات .

وبين أن فعل الاتصال يجب أن يكون من هيئات عالمية فيما يتعلق بالحاجة إلى احداث تغيير حول القضايا العالمية مستشهداً في ذلك بالجهود التي قامت بها منظمة الصحة العالمية في القضاء على وباء الكوليرا في الدول الإفريقية وقد تكللت مساعيها بالنجاح وهذا بالتالي يلقي مسؤولية على الأمم المتحدة لكي تخلق مناخ اتصال فعالاً لحل مختلف القضايا العالمية وحل قضايا هامة تمس العالم بأكمله لا سيما مشكلة المياه حيث أصبح الماء أهم من النفط نظراً لندرته .

ورأى أن العالم يعيش أزمة واحدة هي الأزمة المالية معتبراً أن غياب الاهتمام والتواصل مع فئة الشباب أثر وبشكل جوهري على طبيعة التواصل في المجتمعات من جهة وبين المجتمعات والحكومات من جهة أخرى، وضرب على ذلك مثل الثورة المصرية، معتبراً أن السبب الرئيس وراء اندلاع الثورة هو وجود اقتصاد مصري يعمل بشكل جيد لنصف الشعب المصري على حساب النصف الآخر، ما افقد الشباب عنصر الانتاج، منوهاً إلى وجود ما يقارب 2 .1 مليار وظيفة والعالم بحاجة إلى أكثر من 2 مليار وظيفة .

وأضاف أن الثورة المصرية بدأت بسلمية جعلت العالم بأسره يحترمها حيث اظهرت للعالم أن التواصل حدث مع اطراف المجتمع المصري، وذكر أن التغييرات التي حدثت في المنطقة العربية بحاجة إلى وقت حتى تلمس نتائجها على المدى الطويل، لأن الأمر ليس مرتبطاً بولادة ثورة لكونها ثورة وانما يرافق هذه الثورات تواصل من نوع جديد بين اطراف المجتمع .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"