عادي

أوباما والعداء الدائم لكوبا

02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
وليام بلوم

في 18 فبراير/ شباط، أفادت صحيفة «واشنطن بوست» أنه «في الأسابيع الأخيرة، أوضح مسؤولو الإدارة بجلاء أن الرئيس أوباما سيزور كوبا فقط إذا قدمت حكومتها تنازلات إضافية في مجالات حقوق الإنسان، والنفاذ إلى الإنترنت، وتحرير الاقتصاد».
تصوروا لو أصرت كوبا على أن تقدم الولايات المتحدة «تنازلات في مجال حقوق الإنسان». فهذا يمكن أن يعني أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم تكرار أي من الأفعال التالية:
* غزو كوبا في 1961، وهو ما عرف باسم غزو خليج الخنازير.
* غزو غرينادا عام 1983 وقتل 83 كوبياً، معظمهم كانوا عمال بناء.
* تفجير طائرة مدنية ملأى بركاب كوبيين عام 1976. (في 1983، نظمت مدينة ميامي الأمريكية يوم تكريم على شرف أورلاندو باش، أحد رجلين دبرا ذلك العمل المريع. والرجل الآخر، لويس بوسادا، وضع تحت حماية المدينة ذاتها مدى الحياة).
* في 1981، انتشر في كوبا وباء حمى الضنك النزفية، الذي كان أول وباء على نطاق واسع في الأمريكيتين. والولايات المتحدة كانت تجري منذ زمن طويل تجارب لاستخدام حمى الضنك كسلاح. وقد طلبت كوبا من الولايات المتحدة مبيد حشرات للقضاء على البعوضة الناقلة لهذا الفيروس، ولكن طلبها قوبل بالرفض. وأعلنت كوبا عن أكثر من 300 ألف حالة إصابة بهذا الفيروس، كان بينها 158 أدت إلى الوفاة.
} تفرض واشنطن منذ عقود حظراً على دخول السلع والأموال الأمريكية إلى كوبا، وهو حظر وصفه مستشار الرئيس كلينتون للأمن القومي ساندي بيرجر عام 1997 بأنه «العقوبات الأشمل التي فرضت يوماً على دولة في تاريخ البشرية».
} الولايات المتحدة قامت بمحاولات عديدة لاغتيال الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، ليس في كوبا فحسب، وإنما أيضاً في بنما، وجمهورية الدومينيكان وفنزويلا.
} في السنوات الأخيرة، سعت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مراراً لإثارة انشقاقات وتمردات في كوبا، وكان الهدف النهائي هو تغيير النظام.
ولكل هذه الأسباب مجتمعة، طلبت دعوى قضائية كوبية في عام 1999 مبلغ 181,1 مليار دولار كتعويضات يجب أن تدفعها الولايات المتحدة عن وفيات وإصابات تعرض لها مواطنون كوبيون خلال أربعة عقود من «حرب» أمريكية على كوبا. وتضمنت الدعوى مطالبة كوبا بمبلغ 30 مليون دولار كتعويض مباشر عن وفاة كل من 3478 شخصاً قالت إن العقوبات الأمريكية تسببت بقتلهم، ومبلغ 15 مليون دولار كتعويض لكل شخص من 2099 شخصاً تعرضوا لأمراض أو إصابات. وطبعاً، لم تدفع الولايات المتحدة فلساً واحداً.
وأحد أكثر الانتقادات الأمريكية تكراراً لوضع حقوق الإنسان في كوبا كان يتعلق باعتقال معارضين (علماً بأنه كان يفرج سريعاً عن معظمهم). ولكن آلافاً وآلافاً من المتظاهرين ضد الحرب في الولايات المتحدة ذاتها كانوا يعتقلون في السنين الماضية. وخلال نشاط «حركة احتلوا» ( التي بدأت ب «حركة احتلوا وول ستريت» في نيويورك عام 2011 ثم امتدت لتشمل الولايات المتحدة كلها قبل أن تتحول إلى حركة عالمية)، اعتقل أكثر من 7000 شخص في السنة الأولى، كثيرون منهم تعرضوا للضرب وإساءة المعاملة على أيدي الشرطة أثناء اعتقالهم. و«حركة احتلوا» استمرت حتى 2014، ما يعني أن رقم ال 7000 يقل كثيراً عن الأرقام الفعلية.
وطوال الفترة من الثورة الكوبية عام 1959 وحتى اليوم، شهدت أمريكا اللاتينية سلسلة طويلة ومخيفة من انتهاكات حقوق الإنسان - من تعذيب منظم، و«اختفاء» العديد من الناس، وكتائب موت مدعومة من حكومات تقتل كثيرين، ومجازر جماعية تعرض لها فلاحون وطلاب وشرائح اجتماعية أخرى. وأسوأ مرتكبي تلك الأفعال خلال تلك الفترة كانوا من الجيش وفرق القوات شبه العسكرية في السلفادور، وغواتيمالا، والبرازيل، والأرجنتين، والشيلي، وكولومبيا، والبيرو، والمكسيك، والأوروغواي، وهايتي وهندوراس. أما في كوبا، فحتى ألد أعدائها لم يوجهوا اتهامات إلى كوبا بارتكاب مثل هذه الانتهاكات.
وإذا أخذنا أيضاً بعين الاعتبار نظامي التعليم والرعاية الصحية في كوبا، اللذين قال الرئيس الأمريكي بيل كلينتون إنهما «الأفضل في كوبا مما هما في معظم البلدان الأخرى»، واللذين ضمنهما «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» الذي أصدرته الأمم المتحدة، وكذلك «الميثاق الأوروبي لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية»، فعندئذ يتضح أنه خلال أكثر من نصف قرن من ثورتها، كانت كوبا تتمتع بواحد من أفضل سجلات حقوق الإنسان في كل أنحاء أمريكا اللاتينية. ولكن كل ذلك لا يبدو كافياً بنظر القادة الأمريكيين.

*كاتب ومؤرخ أمريكي - موقع «كاونتر بانش»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"