القطائـع..العاصمة الطولونية

مركز الحكمة ومقر للجند والحاشية
03:25 صباحا
قراءة 3 دقائق


القطائع.. ثالثة العواصم الإسلامية في مصر، كانت تقع شمالي الفسطاط من قبة الهواء التي صار مكانها الآن قلعة الجبل إلى جامع ابن طولون وهو طول القطائع، وأما عرضها فمن أول الرملية من تحت القلعة إلى الموضع الذي يعرف الآن بالأرض الصفراء، عند مشهد الرأس، وحدد العلامة الأثري المرحوم محمد رمزي هذه المدينة كما يلي: «الحد البحري يبدأ من جامع سنجر الجاولي حتى باب العزب بالقلعة والحد الشرقي سور القلعة من باب العزب حتى جامع السلطان الأشرف قنصوة الغوري عند باب اليسار المعروف الآن بباب الجبل والحد القبلي ويبدأ من جامع الغوري حتى جامع سيدي علي زين العابدين والحد الغربي من جامع سيدي علي زين العابدين وينتهى بجامع سنجر الجاولي» وتدخلت القطائع في «العسكر» وشغلت الجزء المعروف الآن بقلعة الكبش وبتلول زينهم.
وجاء في كتاب «مصر الإسلامية»: وصل أحمد بن طولون إلى مصر سنة 254ه (868م) وكيلاً عن باكباك صاحب إقطاع مصر، وأحد كبار القادة الأتراك في البلاط العباسي، وولاه على مصر الخليفة المعتز بن المتوكل. وكان من عادة أصحاب إقطاعات الولايات أن يقيموا في حاضرة الخلافة العباسية ويرسلوا عنهم وكلاء لتدبير أمور ولاياتهم. ولما قتل باكباك منح الخليفة العباسي إقطاع مصر إلى قائد تركي آخر اسمه ياركوج وكان صهر أحمد بن طولون، فأبقاه وكيلاً له في إدارة مصر وأطلق يده فيها، وأسند إليه أيضاً ولاية الإسكندرية، وخضع له صاحب برقة، وما لبث أن بسط سلطته على سائر أقاليم مصر ثم استقل بها سنة 256ه (870م)، وضم إليها الشام.
كان ابن طولون شاباً طموحاً أقام في أول الأمر بمدينة العسكر ونزل دار إمارتها، وأقام بها مستشفى. ورأى ابن طولون أن العسكر لم تعد تتسع لجنده وحاشيته ولا تحقق طموحه. وأخذ ابن طولون يبحث عن موقع آخر قريب من الفسطاط يصلح لبناء عاصمته الجديدة، واختار بنفسه موقعها حين رأى بين العسكر وتلال المقطم مساحة من الأرض الفضاء عليها بعض المدافن القديمة فأمر بهدمها، واختط فيها مدينة القطائع في شعبان سنة 256 ه (أغسطس 870م)، وأصبحت بعد بنائها مركز الحكمة ومقراً لجنده وحاشيته.
وسميت بالقطائع لأنها قسمت إلى إقطاعات أقطعت كل جماعة من الأتباع والجنود قطعة منها وسميت كل قطعة باسم من سكنها. وبدأ أحمد بن طولون في بناء قصره في المنطقة الواقعة الآن بين القلعة ومشهد السيدة نفيسة، وأمر أصحابه وقواده ورجاله بأن يقيموا بيوتهم حول قصره حتى اتصل
البناء بمباني العسكر والفسطاط، وتفرعت فيها الطرق والشوارع والحارات، وشيدت المساجد والطواحين والحمامات والأفران. ولما كثر أتباع أحمد بن طولون ورجاله وضاق بهم جامع العسكر طلبوا منه أن يشيد لهم جامعاً أكبر.


أساليب معمارية عراقية


تذكر فاطمة الفهرية في «الفتوحات والدول والممالك» أن أحمد بن طولون بدأ بناء جامعه سنة 263 ه (876م) بعد أن شكا الناس إليه ضيق جامع العسكر بهم وكمل بناؤه سنة 265ه (879م). وقد بناه فوق هضبة تتوسط القطائع عرفت بجبل يشكر. ويعد جامع ابن طولون ثالث مسجد جامع أقيم في مصر الإسلامية بعد جامع عمرو وجامع العسكر الذي اندثر بعد زوال مدينة العسكر وموقعها اليوم حي زين العابدين والمذبح بالسيدة زينب.
وظهرت في عمارة المسجد الأساليب المعمارية العراقية التي وفدت من سامراء إلى مصر مع دخول أحمد بن طولون.
واتسعت رقعة البلاد وترامت أطرافها فعم الرخاء أرجاءها، ويسر العيش بها وتزينت القطائع بالقصور الفاخرة والدور العامرة، وتغلب على مشكلة المرض فأنشأ أول مستشفى فى مصر جنوبي القطائع فسبق بهذا عصره بأحد عشر قرناً، وأنفق على بنائه وتجهيزه ستين ألف دينار، وعنى بالمرضى عناية فائقة ولم يقتصر على مدهم بالدواء؛ بل أمدهم بالغذاء والكساء، وشرط ألا يعالج فيه جندي ولا مملوك وقصره على أفراد الشعب والفقراء من الناس.
واستمر أحمد بن طولون في الحكم خمسة عشر عاماً من 254-270ه (868-883م) وتوفي في ذي القعدة سنة 270ه وحكم مصر أربعة من أسرته لمدة عشرين عاماً،وسقطت الدولة الطولونية نهائياً بعد خمسة وثلاثين عاماً من قيامها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"