«فيسبوك» غير الحكيم

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يثير اختيار الناشطة «الإخوانية» اليمنية توكل كرمان في ما يسمى «مجلس الإشراف العالمي لمحتوى فيسبوك وإنستجرام» العديد من نقاط الاستفهام حول هذا الاختيار وتوقيته وأهدافه، لا سيما أن المعنية بالأمر موضع اشتباه منذ سنوات بسبب نشاطها ضمن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وتورطها المستمر في التحريض على الفوضى والتطرف، وعلاقاتها الدولية المريبة بعد أحداث «الربيع العربي» عام 2011 وما تلاها من حروب أهلية وفتن ومؤامرات ودسائس.

مزيج من الغضب والصدمة والحيرة طغى على مواقف غالبية الرأي العام في المنطقة العربية من هذا الإعلان المفاجئ، وسط اتهامات لإدارة «فيسبوك» بعدم التحلي بالنزاهة والحياد وإثارة الشبهات حولها في احتضان توجهات سياسية محددة بما يهدد بجعل منصاتها في خدمة أطراف معينة ما زالت تراهن على إعادة إحياء مشروعها المدمر. ومبعث الغضب والحيرة، أن تجربة بعض الشعوب العربية في السنوات الماضية جرى التخطيط لها وتنفيذها عبر منصات التواصل الاجتماعي ومنها «فيسبوك» الذي أصبح نادياً مفتوحاً للجميع، وشهد على الأحداث الكارثية التي عرفتها سوريا ومصر وليبيا وتونس واليمن، حيث لعبت الجماعات المتطرفة، من «إخوان» و«قاعدة» و«داعش»، أدواراً قذرة في بث الفوضى و«صناعة المأساة» وتسويقها عبر الوسائط المختلفة. ومع أنها لم تحقق جميع أهدافها، فقد خلفت مرارات كبيرة ستتجرعها شعوب المنطقة لوقت طويل. وهذا الألم المستمر هو الذي يجعل الرفض واسعاً لأي حركة أو قرار أو تعيين قد يوحي بخدمة أجندة غير نزيهة أو إيديولوجيا مشبوهة. ويعلم الجميع أن دولاً غربية وأجهزة استخبارات «عظمى» ودوائر صنع القرار، في الولايات المتحدة حصراً، ما زالت تقدم الدعم الإعلامي والسياسي لجماعة الإخوان ومن يمثلها وتتخذ إجراءات لحماية رموزها وتعويمها لاستخدامها مجدداً حين تسنح الفرص والمداخل.

من حق شركة «فيسبوك» أن تختار من تشاء من الناشطين وفق المعايير التي تتوخاها، ولكن قرارها باختيار توكل كرمان ضمن «مجلس حكمائها» ليس حكيماً، ويمثل سقطة كبيرة لهذه المنصة العالمية التي باتت تواجه عاصفة كبيرة من النقد واللوم من جانب رواد التواصل الاجتماعي الذين يعتبرون ما حصل خطأ فادحاً، ما زال من الممكن إصلاحه إذا كانت «فيسبوك» تحترم رأي الأغلبية. فتوكل كرمان لا تمثل المنطقة ولا يمكنها ذلك لأنها شخصية غير مستقلة ومحسوبة على تيار بعينه، وهناك من الأدلة والإثباتات ما يؤكد أن حشرها بين «حكماء فيسبوك» ليس حصيفاً بالمرة ويجب مراجعته قبل أن تتعاظم ضغوط النشطاء وحالة الغضب المستمرة التي قد تفتح الباب أمام كثيرين لمراجعة علاقتهم بموقع «فيسبوك» والبحث عن بديل آخر أو بدائل.

الدعوات المتوالية المطالبة بوقف تفعيل قرار اختيار توكل كرمان ضمن «لجنة فيسبوك» يجب التوقف عندها واحترام من يطلقونها لأنها تعبير عن مواقف ترفض تسييس وسائل التواصل الاجتماعي وتركها متاحة أمام عامة الناس بعيداً عن كل المخططات والأجندات غير البريئة، مثلما قالت عن ذلك عديد التجارب السابقة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"