من إفرازات الجائحة

05:09 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

الإفرازات التي خلفتها جائحة فيروس كورونا، وفرضتها علينا جميعاً في الكرة الأرضية لا تختلف كثيراً من بلد إلى آخر، فالكل أصبح قابعاً خلف أسوار بيته خائفاً يترصد، لا يخرج إلا متسلحاً بكمامته وقفازه، لا يعرفه أحد فكل من يخرج للشارع ويرتاد الأسواق والمراكز التجارية أو يذهب للعمل قد «تنقب» رجالاً ونساء، يمر مر الغريب على أهله وأقاربه وأصحابه، فلا أحضان ولا عناق ولا قبلات ولا حتى مصافحة باليد.
هناك من كان ذا بصيرة رأى الجانب الإيجابي، فاعتبرها استراحة محارب وفترة لإعادة الحسابات والقرب من الله والأسرة والمعرفة، لجأ إلى ربه عابداً منيباً راجياً رحمته وغفرانه وفرجه، وزاد قرباً ومعرفة بأسرته وأهله وناسه، فرمم ووطد وعمّر، غاص في أعماق الكتب ووسائل المعرفة والوثائق يقرأ ويدون ويعتبر ويؤلف، جاعلاً لوقته قيمة وفائدة، وطال ذلك الوعي وسائل التواصل الاجتماعي للاستفادة منها بما ينفع الناس وقتاً ومعرفةً وعلماً، فكانت الندوات والمحاضرات والحوارات المرئية والرسائل النصية ذات القيمة المعرفية والجدوى العلمية.
هناك من غاب بصره وبصيرته، فنظر إلى الأمر باستخفاف، متعللاً بالملل والضيق، متهرباً هنا ومتحللاً هناك، غير ملتزم بالاشتراطات الصحية، فجر وبال الوباء على نفسه وأسرته وأصدقائه ووطنه.
هناك من خشي ربه في وطنه ومجتمعه من التجار ورجال الأعمال، فسارع مؤدياً واجبه الوطني والإنساني، متبرعاً من حر ماله للجهود الرامية لمكافحة هذا الوباء ودعماً للجهود الطبية، ودعماً لاقتصاد بلاده دون المساس بحقوق ومصائر العاملين لديه، ماداً يد العون بسخاء لمساعدة المعوز والمحتاج.
وهناك من لم يرَ سوى من الجانب المظلم من قلبه، لم يرَ سوى تناقص أرباحه، وحصيلة ما يجنيه ويدخل جيبه، فطغى وتكبر وتجبر، فعاث مستغلاً كل ما يمكن أن يقلل تكلفة ما قد يخسره، ولو كان ذلك على حساب موظفيه أو عملائه أو المتعاملين معه، حتى وإن زاد ذلك في أعباء الوطن وهمومه، ضارباً بكل القوانين عرض الحائط معتمداً على المثل الشعبي الذي يقول: «من فرعنك يا فرعون؟ فقال: ما لقيت من يردني».
هذه الجائحة أفرزت الكثير، ومن المهم أن نتعلم ونستخلص منها الدروس والعبر لنعود أقوى مجتمعاً واقتصاداً وتجارة وأكثر احتراماً للقانون وتطبيقه وحباً لوطننا وأهلنا وناسنا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"