لنحول «كورونا» إلى فرصة

02:01 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

لا يمر أسبوع إلا وتتحدث مع شخص قريب أو صديق أو معرفة، يعيش في مدينة ما في العالم، والسؤال الأول في المحادثة يكون عن «كورونا» وتطوراتها في الأماكن التي يعيشون فيها وتعيش فيها، وتكون الإجابة القادمة من بعيد «محظوظون لأنكم في دولة الإمارات، فإجراءاتها الحكومية الاحترازية متميزة ورعايتها الصحية التي تشمل الجميع بلغت مستويات يشار لها بالبنان».. وتبدأ الانتقادات وينطلق التذمر..
ويرد محدثك شارحاً أن حكومته في حالة «ضيعان» و«مرتبكة»، فإذا أصيب أحد بأعراض ويريد التأكد، فالمستشفيات لا تستقبلك، واذا كنت بالفعل مصاباً ب «كورونا» فإن إجابة المستشفى تكون «الزم بيتك» فلا شيء يمكن أن نقدمه لك إلا عندما تقترب من الخطر أو الموت عندها اتصل بنا لعلنا نجد لك مكاناً في المشفى.
كشف «كوفيد19» عن أساسيات كانت غائبة عن الجميع، أو كانت غير منظورة من قبل الكثيرين، أو لم تكن في سلم أوليات الميسورين الذين كانوا يعتقدون أنهم محصنين وبإمكانهم اقتناء أي شيءٍ مهما كانت قيمته.
هذا الفيروس الذي اجتاح العالم ولم تسلم منه حتى المدن التي طالما أبهرت أضواؤها ومعالمها ومطاعمها وأماكن الترفيه فيها أثرياء العالم فاختاروها مكاناً للعيش كونها توفر الكثير من سبل الراحة والرفاهية لهم.
عادة ما يختار هؤلاء مدناً مثل لندن وروما وميلانو وباريس ونيويورك وغيرها للإقامة غير عابئين بتكلفة العيش لأنهم يملكون المال الكافي، ولم ينظروا إلى الجانب الصحي ومدى قدرة الحكومة على توفيره للجميع لأنهم ببساطة يستطيعون من خلال المال الذي يمتلكونه أن يعالجوا عند أفضل الأطباء وأرقى المستشفيات الخاصة.
الجائحة غيرت وستغير الكثير من المفاهيم، ولو تحدثنا عن شريحة الأغنياء - وهم ضمن الفئات العمرية فوق الخمسين عاماً الذين يحتاجون رعاية صحية أكبر - فهؤلاء بدأوا بالفعل بالتخطيط والبحث للانتقال من المدن التي يقيمون فيها، والتي تعتبر - مدناً فاشلة صحياً- إلى مدن أو دول أثبتت أنها تمتلك نظاماً صحياً عاماً قادراً على العناية بالجميع.
«كورونا» وتداعياتها ستكون فرصة كبيرة للإمارات ومدنها لاستقطاب الأغنياء وشرائح الميسورين للعيش والاستثمار فيها، لأن حكومتها أظهرت مدى التزامها بجميع سكانها من مواطنين ومقيمين وحتى الزوار، لأن نظامها الصحي كفؤ ولا يفرق بين غني أو فقير، وأنها تمتلك من المرونة والسرعة ما يجعلها قادرة على مواجهة الأزمات.
النظام الصحي سيتصدر لسنوات طويلة أولويات المستثمرين حول العالم، والإمارات بات لديها سجل حافل بالنجاح في نموذجها الذي عمق صعوده المبهر خلال هذه المرحلة المفصلية، أما نظامها الصحي فحقق معجزات في تعامله مع «كورونا» بمرونة وسرعة استجابة.
لنجعل قطاعنا الصحي قاطرة إضافية للحديث عن مميزاتنا الاستثمارية عندما ننفض غبار الأزمة الصحية العالمية الحالية، ونجعل الأمن والأمان عنواننا الأساسي في استقطاب المستثمرين وأصحاب الكفاءات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"