مشاهد في زمن «كورونا»

لا أدري كيف يمكننا أن نُصنِّف مثل هذه التصرفات، على الرغم من توجيهات الحكومة والجهات الصحية الواضحة باتخاذ التدابير الاحترازية الواجبة على كل فرد، سواء بارتداء الكمامات والقفازات، أو بالتباعد الجسدي أو ساعات التعقيم الوطني، هل نضعها في خانة الجهل أم هي العنجهية والتكبر، أم هي لا مبالاة بغيضة لا تجرّ إلا الويلات؟
كيف نفسر تصرف فتاة تحاول دخول أحد المراكز التجارية من دون أن تلتزم بوضع الكمامة؟ وحينما يمنعها رجال أمن المركز، طالبين منها الالتزام بالاحترازات المطلوبة لتتمكن من الدخول، يرتفع صوتها عالياً موبخاً ومستهزئاً وساخطاً، وتحاول الدخول عنوة، متعللة بأن هذا أمر شخصي.
كيف يمكن أن نفسر ممارسة مجموعة كبيرة من الأفراد للرياضة في أماكن مفتوحة، من دون التزام مجموعة منهم بوضع الكمامة، وكأنهم بممارسة الرياضة في منجاة من وباء لا نعرف كيف ومتى يمكن أن يصيب أياً منا؟
كيف يمكن أن نفسر تجوال أسرة من عدة أفراد في الشوارع، وبين البيوت، قبل أذان المغرب ولا يلتزم أي منهم بما يجب من اشتراطات احترازية، وكأنهم بمنأى عن المرور بأي عابر للطريق ولا يلتزم مثلهم، وقد يكون مستهتراً، وناقلاً لهذا الفيروس الخطر؟
كيف نفسر تجمع عمال بناء لتشييد إحدى المدارس الجديدة في مكان واحد، لا تفصل بينهم أية مسافة آمنة، مما يجب الالتزام به، حسب الاحترازات الصحية المطلوبة، وبعضهم لا يرتدي الكمامة أيضاً؟ هل هو استهتار أم عبث أم استخفاف بأرواح الناس وحياتهم؟
كيف يمكن أن نفسر عدم وضع أية توجيهات في أحد المستشفيات في مدينة دبي الطبية، تشير إلى التباعد الجسدي في أماكن الانتظار، وعدم وضع بعض الأطباء للكمامة عند مقابلة المرضى، مكتفين بقياس درجة حرارة مرتادي المستشفى عند دخولهم، وكأن ذلك هو فرض الكفاية الذي يمكن أن يقدمه ذلك المستشفى؟
كيف يمكن أن نفسر الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام عن تجمع عائلي تسبب في إصابة 3 عائلات مكونة من 40 شخصاً بفيروس «كورونا»، بينهم مسنون وأطفال؟ وفي أية خانة نضعه غير الاستهانة والاستهتار، وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة؟
الدولة تحاول بكل ما تمتلك وبكل طاقتها وجهاتها، حماية الوطن وأفراده من مواطنين ومقيمين من هذا الوباء، لكن دون تعاون الجميع لن تنجح تلك الجهود، الدولة خففت القيود ثقة منها بوعي أفراد المجتمع والتزامهم، فهل نقابل تلك الثقة بمثل هذه التصرفات غير المسؤولة التي لا تنم عن أي وعي بمتطلبات هذه المرحلة الحساسة في حياة كل فرد منا؟.
حينما نقابل الثقة بالالتزام، سيكون كل الوطن بخير.