الصين وأمريكا واللقاح المنتظر

03:34 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

ما يجري بين الولايات المتحدة والصين من خلافات حول تداعيات فيروس «كورونا» وأصل نشأته ولقاحاته، هي إحدى جولات الصراع القائمة منذ عقود بين البلدين، وإن كانت قد احتدمت خلال السنوات القليلة الماضية، ويمكن أن تتطور إلى ما لا يحمد عقباه في المستقبل القريب، إذا لم يتفق العملاقان على خطة لإزالة نقاط التوتر بينهما؛ من أجل مصلحة الأمن العالمي وسلام البشرية.

قبل قصة الفيروس لم تكن العلاقة بين واشنطن وبكين طيبة؛ بل إن العالم انشغل لفترة من الزمن بالهجوم الأمريكي على شركة «هواوي» الرائدة في صناعة الهواتف المتطورة، وما تخلل ذلك السجال من تصريحات مستفزة من هذا الجانب وردود باردة من ذاك، ولم تخل الأجواء من إيحاءات كانت تشير في وقتها إلى أن الصراع مفتوح على احتمالات عدة، ومفاجآت غامضة حتى ظهر فيروس «كوفيد-19» من الصين، وبدأ في اجتياح العالم دولة تلو الأخرى. وفي ظل التوترات والحسابات الدولية المتعددة، تعاملت الصين مع الفيروس بما اقتضاه الحال على أراضيها؛ حيث أغلقت إقليم ووهان؛ بؤرة الفيروس، بينما ظل العالم الخارجي يتفرج لأكثر من شهرين قبل أن يستفحل الوباء، وتعجز الإجراءات المتأخرة عن كبح جماح الوفيات والعدوى؛ ولذلك كان الوضع في أوروبا والولايات المتحدة مأساوياً وفوق الاحتمال في بعض الأحيان. وربما بسبب شدة الألم، وفداحة الخسائر؛ تلجأ بعض الدول إلى الاعتقاد أن ظاهرة فيروس كورونا «قصة مفتعلة»، وتأتي ضمن سياق الصراع الأمريكي الصيني على زعامة العالم.

في الفترة الأخيرة استعرت الهجمات الأمريكية على الصين وكانت عنيفة ومثيرة، وخصوصاً تلك الصادرة عن الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو. وبالمقابل جاءت ردود الفعل الصينية مقتضبة وملتزمة بآداب الدبلوماسية. وأغلب الظن أن الموقف الحقيقي يجري الإعداد له على أكثر من صعيد، أو هكذا يوحي به «التحلي بالحكمة» الذي يبدو أنه يحضر لمفاجأة أو سلسلة مفاجآت. ومن المفترض أن تحمل الدورة السنوية لمجلس الشعب الصيني على مدار أسبوع مؤشرات وعلامات للطريق الذي يمكن أن تسلكه العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وتأثيرات ذلك على الأوضاع العالمية.

بعد الجدل حول فيروس «كورونا» سينتقل الصراع الأمريكي الصيني إلى اللقاحات للقضاء على الفيروس. ومثلما هو ظاهر فإن ترامب، الذي أصبح يتناول عقار هيدروكسي كلوروكوين؛ للوقاية من فيروس «كورونا»، لا يريد أن يخسر حرب اللقاحات، وبات هاجسه الوحيد أن تنتج الولايات المتحدة الدواء في أقرب وقت من أجل أن يتخذه وسيلة في حروبه التجارية بما ينافي مبدأ الصحة للجميع. وفي المقابل فإن الصين بالذات، قد حسبت لهذا الأمر حسابه، وترى أن فوزها بإنتاج اللقاح يعد أمراً مصيرياً؛ بل هي «الحرب التي لا يجب أن تخسرها أبداً»، مثلما كتبت صحيفة الحزب الشيوعي قبل فترة. وحتى يتم تجاوز هذه الأزمة فإن الصراع على اللقاح سيكون أشد خطورة من جولات الاتهامات السابقة، ففيروس «كورونا» أصبح شيئاً من الماضي أما علاجه فهو المستقبل القريب وما بعده.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"