شهيد على عتبة الأقصى

02:52 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لم تختلف الجريمة «الإسرائيلية» بحق الشهيد الفلسطيني، مريض التوحد، إياد الحلاق، على عتبات المسجد الأقصى المبارك، عن الجرائم السالفة التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد الأبرياء العزل، لكنها تعطي دليلاً على أن هذه القوة الغاشمة لا ترعى ذمة أو حرمة، وتستمر في اعتداءاتها وانتهاكاتها وتستبيح كل شيء، وتتبجح بخرق القانون.

استشهاد شاب من «أصحاب الهمم» بدم بارد وبزعم حمله سلاحاً، فضيحة أخلاقية مدوية يجب أن تدينها كل القوانين والشرائع، لأن مبررها كاذب ودافعها حقد دفين وكراهية مقيتة يضمرها الاحتلال وزبانيته لكل فلسطيني مهما كان. وهذه الحادثة الأليمة، ليست الأولى، فقد عمدت قوات الاحتلال والمستوطنون إلى تصفية عشرات الفلسطينيين المرضى النفسيين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أقدمت على إعدامات ميدانية طالت أطفالاً ونساء، فضلاً عن اعتداءات شملت ومازالت رموز الفلسطينيين التاريخية ومنها المسجد الأقصى الذي يتعرض لاقتحامات يومية ينفذها عشرات المستوطنين بحماية جنود الاحتلال وشرطته.

لا يعرف الشهيد إياد الحلاق بأي ذنب قتل، ولكن الجندي السفاح الذي بادر بإطلاق النار عليه كان ينفذ سياسة رسمية تنتهجها حكومة المتطرف بنيامين نتنياهو، وترمي إلى تصعيد الأوضاع تمهيداً للبدء في تنفيذ مخطط ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية، كما توجه تلك الجريمة رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن أجهزة القمع «الإسرائيلية» على أهبة الاستعداد لسفك دم كل من يفكر في الاعتراض والمقاومة، وهو توجه أوحى به برنامج نتنياهو الحكومي، وبعد الدعم غير المحدود من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بات بدوره يواجه مأزقاً سحيق الهاوية، بفعل تداعيات أزمة فيروس كورونا والقلاقل الأمنية عقب جريمة قتل الرجل الأسود جورج فلويد في مدينة مينابوليس.

بفعل الأوضاع المتدهورة في الولايات المتحدة باتجاه موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، أصبحت حكومة نتنياهو في عجلة من أمرها للتسريع بمخطط الضم قبل أن يأتيها المزيد من الأخبار السيئة من واشنطن. ففي ظل هذه الأوضاع أصبح كل شيء ممكناً وسقوط ترامب في الانتخابات لم يعد مستبعداً على الإطلاق، خصوصاً بعد أن تورط نتنياهو في علاقات سيئة مع زعماء الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي يعرف مسبقاً أن عودتهم إلى البيت الأبيض لن تمنحه ما تمتع به من دعم ومحاباة في ظل رئاسة ترامب.

البحث في دلالات الجريمة «الإسرائيلية» الجبانة بحق شهيد القدس، يكشف أن حكومة الاحتلال ستعمد إلى تصعيد اعتداءاتها في الضفة الغربية، وستنتهج سياسة القتل بدم بارد، استناداً إلى «التحذيرات» الأمريكية من تفجر الأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة. ومهما ارتكبت «إسرائيل» من جرائم وسفكت من دماء وانتهكت من أعراض، فسيأتي اليوم الذي تدفع فيه الثمن. والدليل على ذلك حالة الرعب والهستيريا التي تحيط بحكومة الاحتلال ومستوطنيها. وإذا كان هناك من يظن أن ذلك اليوم بعيد جداً، فقد يكون أقرب مما يتصور البعض، لأن الأوضاع ستتغير حتماً، وإن توهم الواهمون العكس.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"