قمة الوحدة ضد كورونا

02:50 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يفترض أن تفتح القمة العالمية بشأن اللقاحات التي استضافتها بريطانيا عن بُعد، الباب أمام توحيد الجهود الدولية طبياً ومالياً وسياسياً، لإيجاد علاج سريع ليس لفيروس «كوفيد 19» فحسب؛ بل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الدولية المتدهورة. ولو صدقت النوايا، فستكون هذه الخطوة بناءة وتسهم في تنقية أجواء عالم بعد كورونا.

أكثر من 50 دولة من بينها الإمارات العربية المتحدة، كانت في الموعد لجمع تبرعات للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي). وأعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن هذه القمة فرصة لتوحيد البشرية في المعركة ضد الوباء، وليس هناك أي مبرر لتكون غير ذلك.

وبالنظر إلى الهدف النبيل، فإن الخطة طموحة جداً، وستعمل أولاً على معالجة جائحة كورونا، ومن ثم تعمل على وضع خطط تجنب البشرية السقوط في مثل هذه الأزمات الوبائية الخطرة، خصوصاً بعد أن اكتشف العالم ضعفه وقلة حيلة دوله متفرقة، بسبب تعدد التوجهات وتضارب السياسات، وهو ما فاقم العجز والخسائر وراكم حصيلة الضحايا المهولة من الوفيات والإصابات التي تجاوزت ستة ملايين إنسان.

من الممكن أن تسهم هذه القمة في وضع استراتيجية ترمي إلى فصل الخلافات السياسية والمنافسات الاقتصادية عن الصحة العامة التي تهم البشرية كلها على السواء. فالخلافات مشروعة، والتنافس الحر مباح لجميع الدول والكيانات، أما ترك حياة الناس في خطر وجعل صحتهم مهددة، فمحرم في كل القوانين والشرائع، يجب على المجموعة الدولية أن تعمل من أجل سلامة الجميع بلا استثناء، وخصوصاً شعوب الدول الفقيرة التي تنتظر العون والمساعدة من دون منّ، فالصحة حق مثلها مثل الحياة والحرية والكرامة.

ومن البشائر الطيبة أن التحالف العالمي للقاحات سيعمل على تحصين نحو 300 مليون طفل من الأمراض الفاشية في الدول الأكثر فقراً في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

قيمة قمة لندن أنها جاءت بعد الأزمة التي اندلعت بين منظمة الصحة العالمية والولايات المتحدة التي قرر رئيسها دونالد ترامب، وقف مساهمة واشنطن في موازنة المنظمة. وبغض النظر عن وجاهة القرار أو عدمها، فإن تصفية الحساب هذه جاءت في الوقت الخطأ، ويمكن أن تُربك العمل الدولي المشترك في مواجهة الجائحة الطارئة، بينما يستوجب العمل الصحيح أن يُرجئ الجميع خلافاتهم حتى تستقر الأوضاع، وعندها يمكن التفكير في الإصلاح أو إعادة البناء أو حتى النسف النهائي.

في هذا الوقت، وأمام العجز عن مواجهة وباء كورونا، ووقف انتشاره، وإنقاذ من يمكن من ضحاياه، أصبح العالم في أمسّ الحاجة إلى التضامن والنزاهة وتحمل المسؤولية الكاملة في البحث عن تطعيمات فعالة تتوفر للجميع بشكل عادل.

ولأن المستقبل يظل مجهولاً، فإن العمل على استشرافه يتطلب من الآن، سياسات ورؤى مختلفة عما سبق. ومرة أخرى يتأكد أن النظام العالمي بصورته المألوفة لن يظل كما هو، وقد آن أوان التغيير الشامل في كل شيء، من أجل أن تستمر الحياة بأفضل مما كانت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"