مصرع شيطان الإرهاب

02:41 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يمكن أن يوصف مصرع عبد المالك درودكال، زعيم ما يسمى «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي» كأهم إنجاز رمزي يتحقق ضد الإرهاب منذ اجتياح فيروس كورونا المستجد معظم دول العالم، بيد أن الأخبار السيئة الآتية من منطقة الصحراء الإفريقية تحبط هذا التفاؤل بالنظر إلى العمليات الإرهابية المتوالية في مالي وساحل العاج والنيجر ونيجريا، والتي راح ضحيتها في الأسابيع الأخيرة مئات الأبرياء.

لا يمكن التقليل من إنجاز القوات الفرنسية التي تمكنت من درودكال وقتلته بعد مطاردة استمرت سنوات، فالرجل كان مطلوباً لأكثر من جهة دولية وتم وضعه على قائمة أخطر الإرهابيين منذ 2011، وهو من أبرز مهندسي نظرية «الذئاب المنفردة» لترويع المدنيين أينما كانوا خصوصاً في دول شمال إفريقيا وأوروبا. وكانت فرنسا أكثر الدول تضرراً من هذه «الذئاب» في باريس ونيس ومرسيليا. وبمصرع درودكال، الذي يوصف بأنه أسوأ من الشيطان، قد تكون حققت بعض القصاص لضحايا العمليات الإرهابية التي عرفتها خلال سنوات مضت.

قبل فرنسا، للجزائر ثارات لدى «مواطنها» درودكال الذي نشأت ميوله الإرهابية في «العشرية السوداء»، وخلالها ارتكب عشرات المجازر بحق المدنيين وقوات الأمن والجيش، وكان إلى جانب المقتول موسى أبو داود، ومختار بلمختار المجهول المصير، من أكثر العناصر الإرهابية خطورة، التي أدارت لسنوات طويلة شبكات تهريب فائقة التعقيد شملت كل شيء تقريباً، السلاح والمحروقات والمخدرات والمهاجرين والذهب واليورانيوم، ما مكنها من جمع أموال طائلة وظفتها في التمدد وسط إفريقيا، واستقطاب الآلاف من الشباب المفقر والمجوع في المجتمعات الصحراوية القاحلة. وبفعل تلك المخططات الشيطانية نشأت وترعرعت جماعات متطرفة عديدة أشهرها «بوكو حرام» وجماعة «أنصار الدين» و«التوحيد والجهاد».

مصرع درودكال، يعني أن أحد رؤوس الإرهاب تم قطعه، أما الأذناب فما زالت تتلوى في تلك الربوع الصحراوية وتحاول إخراج رؤوس جديدة، وذلك مبعث الخطر. ومن خلال الأنباء والتقارير عن العمليات الإجرامية المتكررة على امتداد مساحة شاسعة وسهلة الاختراق والاستيطان، يمكن القول إن منطقة الساحل الإفريقي أصبحت «رسمياً» بؤرة النشاط الإرهابي في العالم، مستفيدة من عوامل عدة، منها محدودية موارد دولها وكثرة مشاكلها، وكونها فضاء لأسوأ الظواهر الاجتماعية من فقر وبطالة وأمية، وصولاً إلى الأوبئة الفتاكة، وآخرها فيروس كورونا الذي يتفشى بشراسة، دون أن توفر وسائل لمقاومته، أو حتى الوعي بخطورته.

في الاجتماع الأخير للتحالف الدولي للحرب على تنظيم «داعش»، صدرت تنبيهات عن إمكانية أن تستغل جماعات الإرهاب انشغال العالم بالجائحة للتخطيط لهجمات كبيرة. وكانت أوروبا أكثر الدول تخوفاً من مثل هذه السيناريوهات. وأشدها رعباً أن تلجأ بعض الجماعات إلى «الإرهاب الجرثومي»، مثلما حذرت من ذلك أجهزة استخبارات ذائعة الصيت. إذ يبدو أن رعب كورونا قد أوحى لشياطين الإرهاب بالتسلح بالفيروسات لإيقاع أكبر عدد من الضحايا. وفي ظل الأوضاع الحالية لا يجب أن يترك أي شيء للصدفة. وما كان خيالاً محتملاً قد يكون جريمة مدوية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"