حبل نتنياهو القصير

02:58 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لا يسمع رئيس وزراء الاحتلال «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو إلا هواجسه المريضة؛ ولذلك يصر على تجاهل كل الأصوات المطالبة بعدم تهوره، والمضي في خطته المشؤومة لضم أراضٍ فلسطينية واسعة في الضفة الغربية، وبدأ يهيّئ الأجواء لتصعيد كبير عبر تكثيف الانتهاكات اليومية والاقتحامات والاعتقالات والتصريحات المسعورة، غير عابئ بالتداعيات الخطِرة في المستقبل القريب.

ما يعتزم نتنياهو اقترافه سيكون جريمة فظيعة ترتكبها «إسرائيل»، ليس في حق الفلسطينيين فحسب، بل بحق المنطقة واستقرارها، ولن تنتصر فيها على المدى البعيد، فضلاً عن أنها ستدفع ثمناً غالياً لا تتوقعه ولا يتخيله نتنياهو وزمرته. فالخطة المزعومة تعني القضاء تماماً على فرص إقامة الدولة الفلسطينية المرتقبة، وابتلاع القدس نهائياً بتهويد محيطها تمهيداً للقضاء على الوجود العربي والفلسطيني بين أسوارها. وحين يقول وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن المنطقة برمتها تقف على مفترق طرق، إما «سلام عادل» وإما «صراع طويل أليم»، فإنه يشير إلى ما يمكن أن يحدث إذا استمسك نتنياهو بما تصوره له أوهامه المتطرفة، واندفع في هذه المخاطرة الكبيرة.

في داخل الاحتلال، هناك أصوات تعارض خطة الضم، ليس حباً في الفلسطينيين، وإنما خشية من ردود فعل غير متوقعة تتجاوز حدود الأراضي المحتلة، إضافة إلى الحذر من المواقف العربية والدولية الرافضة. وعلى هذه الخريطة من التفاعلات، يبدو نتنياهو وكأنه يقف وحده مدعوماً من المتطرفين من أمثاله. وحتى الإدارة الأمريكية، التي مهّد رئيسها دونالد ترامب لهذا المأزق بقراراته حول القدس والاستيطان و«صفقة القرن»، بدأت تتعالى فيها بعض الأصوات العاقلة، وسط تباين واضح بين «تل أبيب» وواشنطن حول «خطة الضم». أما الاتحاد الأوروبي فقد كان أكثر وضوحاً، حين هدد باتخاذ إجراءات من بينها فرض عقوبات على الاحتلال، في حين بدأ المجتمع المدني الأوروبي في التحرك ميدانياً وإعلامياً؛ لفضح الخطة والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي صدارتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

في أكثر من موقف، يسعى نتنياهو إلى التزوير والتلفيق، وأحياناً يفصح عما يعيش من أوهام لا صلة لها بالواقع، دون أن يدري أن حبله قصير، وأن كذبه جعله منبوذاً دولياً وفاقداً للمصداقية. ومن آخر فضائحه، التكذيب الصادر عن موسكو، بعدما افترى على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وزعم أنه وعده بإفشال تبني مجلس الأمن قراراً يطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقد استدعى هذا الادعاء رداً عنيفاً من المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، ملخصه أن «دس تسريبات إعلامية غير موثوق بها أصبح للأسف علامة من علامات عصرنا». ويقود هذا الاستنتاج إلى أن نتنياهو يدير علاقته مع من يلتقي من زعماء في العالم بالخديعة والتضليل والافتراء، وهو نفسه الذي ورط ترامب في هذا المستنقع، وزين له اتخاذ قرارات متطرفة لن تخدم أبداً مصالح الولايات المتحدة مع العالمين العربي والإسلامي. وقد تنتهي تلك المصالح ويصيبها ضرر لا يعوض، إذا مضى نتنياهو في خطة الضم ولم تحرك واشنطن ساكناً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"