لبنان

04:49 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

لبنان شعب حي لا يموت، يمرض لكنه لا يموت، يتحدى كل منغصات الحياة، كم من الهزات والكوارث والمصائب مرت عليه، يتغلب عليها ليعود ذلك الشعب النابض بالبهاء والحيوية والعطاء.
الكارثة التي حلت بمرفأ بيروت وبعيداً عن تبعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أثبتت كم هو أصيل شعب لبنان؛ حيث خرج شيبه وشبابه رجالاً ونساء، الشعب كله في هبة وطنية واضحة المعالم والمغزى لكل ساسة العالم، بأن لبنان واحد مهما قيل، وحدته في شعبه الأصيل المحب للحياة والفرح؛ حيث خرج الجميع ليطهر موقع الكارثة ويمسح ركامها ويزيل أنقاضها ويعبد شوارعها ويغسل أحزانها بنبض قلب واحد لا يدق إلا على نبض لبنان واحد متوحد، خرج ليقول للعالم لن نموت، مهما حصل لن نموت.
لبنان صوت الحرية، التي علمها للجميع ودرس فنونها عبر أجيال وأجيال لكل الوطن العربي، لن يخفت صوته، ولن يرضخ لكل مهاترات المتصيدين والمتربصين والطامعين، سيبقى لبنان شعب البهجة والحضارة والفرح، صوت الصمود والتحدي والانتصار على كل الصعاب.
محزن ما حدث؛ بل موغل في الألم، ومغضب حد الغليان، لكنه لن يغير ثقتنا بأن شعب لبنان العظيم قوي وقادر على تجاوز كل من يريد خفوت صوته، ويعمل على طمس معالم حضارته ولجم لسان الحرية فيه.
لبنان ذاكرة الحرية التي تعلمناها، وصوت العروبة الذي تشربناه عبر إبداع وعطاء علمائها وفنانيها وأدبائها و كتابها وموسيقييها، لبنان هو لحن القلوب المتوهجة بالأمل والتحدي، غصن شجرة العروبة الذي يبقى أخضر مهما يبست الأغصان الأخرى أو طالها الخسف والنكال، الغصن المثمر دائماً بالحرية والجمال حتى ولو قطع عنه الماء.
للبنان في القلب حضور لا يضاهيه حضور، كأنه قهوة الصباح التي تعدل المزاج على لحنها وحدها فقط، لبنان التي لا نذكرها إلا لنعبر عن الجمال والحرية وشعب عاشق للحياة، يصنعها من رحم الأحزان وفي كل الظروف، لبنان شغف المعرفة البكر التي تشربنا حروفها لن يتوقف وسيمضي متوهجاً بالنور والضياء والمعرفة والحرية وإن خذله الجميع.
سلام للبنان وأهل لبنان، ودعاء من القلب بأن يحفظكم رب البرية من كل سوء وأن يحميكم ويعيد لكم الأمن والأمان والطمأنينة، ويعيدكم لنا موطناً لكل الخير والفرح والفن والإبداع والحرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"