محتوى الاقتصاد «عن بعد»

05:08 صباحا
قراءة دقيقتين
صفية الشحي

يعيش العالم طبيعة مغايرة أفرزت وجوهاً جديدة لمختلف القطاعات من حولنا، وقد أصبح «الاقتصاد عن بعد» أحد تلك الأوساط التي عجلت جائحة «كورونا» بظهوره، بعد أن كنا نعتقد أن الأمر يحتاج إلى سنوات قادمة حتى نتمكن من اختبار أدواته، وحلوله المختلفة على أرض الواقع، إلا أننا حرقنا مراحل حتى نصل إلى حالة من التأثر غير مسبوقة، وقد تغيرت دوافعنا الشرائية وحاجاتنا التي كانت تغذيها خلفيات ثقافية، واجتماعية، أججتها تكنولوجيا التواصل الحديثة التي أوجدت أنواعاً مختلفة من المحتويات بقوالب دعائية هدفها الربح قبل كل شيء.
إن التغير طال عادات المستهلكين، وأسلوب تفاعلهم، وكذلك الوقت الذي يمنحونه للتواصل، حيث تشير آخر الإحصاءات أن معدل الاتصال عبر منصة «الواتس أب» زاد بنسبة 1000% خلال الفترة السابقة، بينما ارتفع عدد المستهلكين النشطين على تطبيق «سناب شات» إلى 229 مليون شخص في اليوم، كما أن 67% من الجمهور غيروا العلامات التي اعتادوا على استهلاكها إلى أنواع أخرى. أما أكثر أنواع المحتوى المطلوبة خلال هذه الفترة فهي المقاطع المصورة، والبث المباشر عبر المنصات المختلفة والاتصالات المرئية والصوتية، مدفوعة بالرغبة في التواصل والمعرفة وتحقيق الأمن، بينما تمثلت المحركات الأساسية لهذه الاتجاهات في عناصر مثل الراحة، والوقت، والأمان، مع الانجذاب إلى الرسائل المختصرة من دون الانشغال بالحيل الترويجية السائدة.
وتشير الدراسات إلى أن «الاقتصاد عن بعد» يقابله توجه كبير نحو صناعة المحتوى التي ستصل قيمتها السوقية إلى أكثر من 260 مليار دولار أمريكي بحلول 2024. هذا الواقع الجديد يدفعنا للتركيز أكثر على الحاجة المتنامية عند مستهلكي المحتوى لكل ما يشبع رغبتهم في المعرفة والتعليم والترفيه، كما أن الزيادة المستمرة لاستخدام الشبكة كخيار أول، يمكن استثمارها كأداة تعزز حضور الكثير من رواد الأعمال والشركات الناشئة المتخصصة في هذا المجال، إذا ما تمكنوا من قراءة جمهور لا يمكن له أن يتخلى عن شعوره القوي بأنه المتحكم في قراراته في التلقي، والاستهلاك.
وفي ضوء ذلك، نحن بحاجة لأن نكون أكثر التزاماً وقدرة على الإبداع، وطرح الأسئلة الصحيحة التي تساعدنا على التركيز على الفئة المستهدفة من الرسائل التي ننشرها، والهدف منها، وكل ذلك يجب أن يتم في قالب قصصي يساعدنا على إدراك طبيعة الجمهور انطلاقاً من ألمه، وأمله، وكذلك معرفة أن الجمهور ليس واحداً، بل مجموعة من الأفراد الذين تختلف طرقهم في التفكير، والتعاطف، وفهم العالم، لذا تكمن الفكرة الحقيقية في نجاحنا في أن نحكي قصة تعني كل فرد بحد ذاته، وتمثل أهدافه، وطموحاته الشخصية، انطلاقاً من السياق الثقافي الذي يشكل خياراته، ورغباته، بحيث تتحول هذه الثقافة إلى استراتيجية بحد ذاتها لصياغة محتوى يلامس الطبيعة الجديدة، ولا يناقضها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"