كم مرة أُصبتَ بـ «كورونا»؟

22:56 مساء
قراءة دقيقتين


د. حسن مدن

في بدايات تفشي وباء «كورونا» قيل إن من يصاب به ويشفى منه، يصبح محصناً من الإصابة ثانية. ما زال هذا القول راجحاً، رغم توالي أنباء عن وقوع إصابات ثانية في بعض من شفوا من الوباء أول مرة، ما يعني أن الاحتمال وارد، وأن من شفوا منه ليسوا أحراراً من التقيدّ بالإجراءات الصارمة التي يتبعها الآخرون خشية أن يصابوا، فلكي يكتسب الجسم مناعة ضد إصابة ثانية بالفيروس يجب أن يكون جهازه المناعي قد أنتج أجساماً مضادة كافية لمحاربة العدوى الثانية.
حديثنا لن يكون عن هذا. المختصون والأطباء يؤكدون أن الكثير من الناس حول العالم أصيبوا بالفيروس فعلاً وتعافوا منه بسبب ما أظهرته أجسامهم من مقاومة، دون أن يشعروا بذلك، أو تظهر عليهم أية أعراض، ودون أن يخضعوا لفحوصات تظهر أنهم مصابون.
حديثنا لن يكون عن هذا أيضاً، وإنما عن أمر آخر، يتمحور حول السؤال التالي: كم مرة شكّ الواحد منا أنه مصاب بالفيروس، لأنه شعر بألم عارض في صدره، أو لأن صداعاً لازمه يوماً أو يومين، أو لأنه أحسّ بأن درجة حرارة جسمه مرتفعة بعض الشيء، وقس على ذلك من أعراض تصنف في خانة أعراض «كورونا».
كمّ مرة قام الواحد منا بقياس درجة حرارته للتيقن مما إذا كانت مرتفعة فعلاً أم أن الأمر لا يعدو كونه وهماً ناجماً عن جرعات القلق التي نتلقاها ونحن نتابع الأخبار المتعلقة بالوباء من حولنا؟.
أصبحت عبارات مفتاحية على الشبكة العنقودية من نوع: «كيف تعرف أنك مصاب بكورونا»؟، أو ما هي أعراض «كورونا»؟، وكل ما يتصل بالأمر يحقق أرقاماً قياسية على منصات البحث منذ أن تفشى الوباء.
«لا تسأل جوجل» – هذه نصيحة الأطباء لنا. أحد المواقع يقول لنا التالي: «دكتور جوجل ليس صديقك ولن يكون كذلك أبداً، خصوصاً عندما تكون مصاباً بالقلق الصحي. لا تحاول أن تبحث عن الأعراض على الإنترنت لأنه ببساطة ليس طبيبك، وما يتم تداوله على الإنترنت قد يكون مسؤولاً عن إدخالك بنوبة قلق وهلع لا حاجة لها».
وهم إصابتنا بـ «كورونا» يلاحقنا. أصبح موضوعاً للتندر بيني وبين أحد أصدقائي عدد المرات التي أجراها لاختبار «كورونا»، التي أوشك عددها أن يبلغ عشراً، منذ أن اجتاحتنا الجائحة.
لذا فإن التحذيرات الطبية ليست محصورة بالتقيّد بالإجراءات الوقائية: ارتداء الكمامات، غسل اليدين، التباعد الاجتماعي.. إلخ، وإنما أيضاً بضرورة مقاومة القلق المبالغ فيه من أن تكون مصاباً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"