عندما تلفت الصين نظر الكبار

00:38 صباحا
قراءة 3 دقائق

ليو هيوننج *

جاء تجديد الساعة الأخيرة لاتفاقية مراقبة الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا «نيو ستارت»، بعد اتصال الرئيس جو بايدن بالرئيس فلاديمير بوتين، بمثابة تذكير عاجل ومهم بأن الأمن العالمي كان ولا يزال رهن الالتزام بمضمون اتفاقيات خفض الأسلحة بين القوتين الكبريين في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.

 ولكن قبل أن يجف حبر التوقيع على تجديد الاتفاقية المذكورة، وجهت الصين إنذاراً غير رسمي يفهم منه أن العالم قد تغير. وجاء إعلان وزارة الدفاع الصينية عن نجاح تجربة اعتراض الصواريخ الأرضية المضادة للصواريخ، وتدمير «رأس حربي نووي» افتراضي معاد في منتصف خط مساره بعيداً عن سطح الأرض دون أن يتسبب في أضرار، لينذر القوى القيادية العالمية بوجود طرف آخر لا ينبغي تجاهله عند السعي لضبط أنظمة الصواريخ الباليستية وغير الباليستية.

وفي إطار برامج التطوير الصيني الشاملة، تجري بكين اختبارات على منظومات اعتراض الصواريخ منذ 10 سنوات، وتؤكد مصادر مراكز الأبحاث العالمية المتخصصة أن الصين والولايات المتحدة تستخدمان كل على حدة، أحدث التقنيات الخاصة بأنظمة السيطرة في مجال اعتراض الأهداف الجوية المتحركة وإسقاط الصواريخ الباليستية بشكل مباشر.

 ولم تنس وزارة الدفاع الصينية التأكيد كالمعتاد على أن أهداف الاختبار تنحصر في الأغراض الدفاعية وأن التجربة لا تستهدف أي دولة بعينها. لكن التوقيت بحد ذاته كان مثيراً للاهتمام، وذلك بعد فترة وجيزة من اتصال بايدن ووزير الخارجية الأمريكي الجديد أنتوني بلينكين بنظرائهما في موسكو، وسط ضغوط سابقة تمت في عهد الرئيس دونالد ترامب لإشراك الصين في اتفاقية الحد من الأسلحة النووية. والحقيقة هي أن بكين ومعها المحللون الاستراتيجيون في مختلف دول العالم، يرون أن الصواريخ الباليستية الأمريكية العابرة للقارات، تمثل أكبر تهديد استراتيجي دائم لمدن الصين ولمنصات إطلاق صواريخها النووية أياً كان موقعها على الأراضي الصينية.

 ومعلوم أن برنامج تطوير أنظمة اعتراض الصواريخ لا يزال مشروعاً قيد الاختبار والتنفيذ. ومطلوب من بكين بذل المزيد من الجهود على هذا الصعيد، حسب مصدر عسكري، قبل أن تتأكد من تحقيق القدرة على تدمير الصواريخ النووية الأمريكية، أو الصواريخ الروسية المنافسة. ومع ذلك، يرى أحد المحللين أن الاختبار جاء بمثابة تحذير من أن بكين أصبحت قوة ينبغي تجنب المواجهة معها. ويعكس الحدث حرص الصين على إرسال رسالة إلى الولايات المتحدة على وجه الخصوص، باعتبارها تطور صواريخ باليستية متوسطة المدى. ويأخذ الاختبار وتوقيته بعين الاعتبار سحب الرئيس السابق دونالد ترامب بلاده من اتفاقية الأسلحة النووية المتوسطة مع روسيا التي تهدف إلى نزع الصواريخ الأرضية متوسطة وقصيرة المدى.

 وفي ظل التطورات المتلاحقة في جنوب آسيا وبروز الهند كمنافس قوي للصين سواء في العلاقات مع دول المنطقة والتحالف مع واشنطن، أو في التطور التقني وتهديداته المحتملة في الصناعات العسكرية، تدرك الصين أهمية توقيت الاختبار المذكور الذي جاء قبل نشر الهند لصاروخها الباليستي ذي القدرة النووية الأطول مدى هذا العام وسط استمرار التوتر على طول الحدود المتنازع عليها مع الصين.

 وفي مسعى منها للتذكير بدور تكنولوجيا الصواريخ في توازن الأسلحة النووية الاستراتيجية، ذكرت روسيا أنها طورت صاروخاً أسرع من الصوت لا يمكنه تجاوز الدفاعات المضادة للصواريخ فحسب، بل يمكنه أيضاً المناورة لتدمير هدف بعيد المنال.

من هنا يمكن التأكيد بأن الصين كشفت عن اختبار ناجح له أهمية كبيرة للأمن القومي يكشف قدرتها على تطوير التكنولوجيا الحيوية ويعزز قدرتها على الدفاع عن نفسها استعداداً لما هو أسوأ، على الرغم من تعهد الصين بألا تكون البادئ في استخدام الأسلحة النووية، ولكن من يدري؟

* مدير مكتب العمل في الحزب الشيوعي الصيني. (شبكة أخبار جنوب الصين)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مدير مكتب العمل في الحزب الشيوعي الصيني

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"