وسائل التواصل حتى في المنام

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

الأرجح أن كل الناس في عالم اليوم لا يحررون أيديهم من هواتفهم النقالة إلا لحظة خلودهم إلى النوم، ولا يفعلون ذلك بسهولة، حتى يبلغ النعاس بهم مبلغه، كما أن أول شيء يفعلونه حين يصحون صباحاً، وبصورة تلقائية في الغالب، هو مدّ أيديهم إلى تلك الهواتف المركونة على طاولة صغيرة إلى جانب أسرّة نومهم، ليتصفحوا ما فاتهم خلال ساعات نومهم من رسائل ومنشورات. ليس هذا فحسب، فحتى في حال صحوهم المفاجئ في الليل لأي سبب، فإنهم لن يفوّتوا إلقاء نظرة على شاشة الهاتف، قبل أن يحاولوا العودة ثانية إلى النوم، رغم كثرة تحذيرات الأطباء من أثر ذلك في إطالة الأرق وإضعاف جودة النوم ودرجة عمقه.

بات هذا معروفاً لكثرة ما جرى تداول الحديث حوله. الجديد هو في ما ذهبت إليه دراسة طازجة بدأ واضعوها عرض نتائجها بالسؤال التالي: «هل لاحظت بعد تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أن ما شاهدته عليها ينتقل لأحلامك بل ويتسبب أحياناً في إصابتك بالكوابيس»؟

نقلاً عن موقع «ناشيونال جيوغرافيك»، تداولت وسائل إعلام ما خلصت إليه تلك الدراسة عن الربط بين التصفح المتكرر لمواقع التواصل واضطرابات النوم والأحلام، وحسب ذلك الموقع فإن الدراسة المذكورة اتبعت «مقياس الكوابيس المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي لتصنيف الكوابيس واستكشاف التأثيرات الخارجية على جودة الأحلام. وباستخدام ذلك المقياس، أبلغ المشاركون في الدراسة عن درجة متابعتهم لمواقع التواصل الاجتماعي ومدى شيوع وكثافة الكوابيس المرتبطة بالتكنولوجيا لديهم».

من أجريت عليهم الدراسة، وعددهم يقدّر بالمئات، تحدثوا عن كوابيس حول نزاعات مع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الآخرين، والقصص الإخبارية المزعجة، وعدم القدرة على الوصول إلى الحسابات الشخصية على مواقع التواصل، وشعور المرء بأنه ضحية عاجز وفاقد للسيطرة، وفي النتيجة تسببت تلك الكوابيس في الشعور بالقلق والضيق وانخفاض راحة البال وسوء نوعية النوم، لأن ما تتركه يبقى في النفس طويلاً.

ولعقد مقارنة بين مدمني تصفح وسائل التواصل الاجتماعي، ومن هم أقلّ متابعة لها، مكتفين باستخدامها في المقام الأول للتواصل مع العائلة والأصدقاء، وجدت الدراسة أن الفئة الثانية أقل عرضة لتجربة الأحلام السلبية، مقارنة بالأشخاص الذين يستخدمونها للمشاركة في المناقشات المثيرة للجدل أو لمتابعة الحسابات التي تسلط الضوء بانتظام على الأخبار المؤلمة، كون المحتوى الذي يتضمن مظاهر من التنمر والعدوانية وميول الفتنة يتسبب في ضائقة عاطفية، ما قد يؤدي إلى أحلام سيئة، وأكثر من ذلك يُسبب زيادة حالات الاكتئاب وزيادة الشعور بالوحدة والعزلة.

ها هي وسائل التواصل بالمحتويات المتناقضة التي تقدّمها تزحف إلى ساعات نومنا القليلة أيضاً، غير مكتفية بهيمنتها علينا في ساعات الصحو الطويلة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n8ypxfr

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"