عادي

مدن خالدة على طريق الحرير

01:26 صباحا
قراءة 4 دقائق
1
1
1

إعداد: هشام مدخنة

يمتد طريق الحرير لأكثر من 4000 ميل من البندقية في إيطاليا، إلى شيان في الصين، ويمر عبر عشرات البلدان الرائعة والمترامية على كتفي الطريق، إنها رحلة مملوءة بألق التاريخ الذي يعود بنا لآلاف السنين.
من هنا، وعلى طول هذه الطرق التجارية المترابطة سافرت قوافل التجار، وقطع الحجاج والدبلوماسيون، إضافة إلى المستكشفين الآخرين، الممرات الجبلية وعبروا الصحارى الشاسعة. واليوم أصبح من السهل اتباع خطواتهم أكثر من أي وقت مضى.
ونستعرض هنا بعض المواقع وأماكن الجذب على طول الرحلة التي ستحفز شهيتك لمغامرة طريق الحرير، وستلهمك في التخطيط لهروب ملحمي عابر للقارات.

تمثال جندي مع حصانه في شيان

«شيان» في الصين

تعتبر «شيان» قديماً المحطة الشرقية لطريق الحرير، والمدينة التي بدأت منها العديد من الرحلات. وتعد عاصمة 13 سلالة قديمة، ولا يزال تاريخها وتراثها البالغ 3 آلاف عام يبهر الزوار كل يوم.
تضم المدينة متحفاً لمحاربي «التراكوتا» الصينيين القدماء أيام الإمبراطور الأول «تشين هوانج»، والعديد من المواقع الأثرية والفنون المعمارية المثيرة للإعجاب، مثل سور المدينة التاريخي، ومبنى «درام تاور»، و«بيل تاور»، إضافة لمعبد «باجودا جووس العظيم». ويعد متحف «تشانشي» أحد أفضل المتاحف التاريخية في الصين وسيساعدك على تخيل الماضي بسياقه الصحيح.

«سمرقند» في أوزبكستان

في أوزبكستان يوجد ما لا يقل عن أربع مدن على طريق الحرير، وموقع للتراث العالمي من تصنيف «اليونيسكو». ولكن إذا كنت أمام خيار واحد فقط للزيارة، فلتكن «سمرقند». فعندما غزا الإسكندر الأكبر المدينة قال: «كل ما سمعته عن سمرقند صحيح، ماعدا أنها أجمل مما كنت أتخيل». و«ريجستان»، قلب المدينة وأحد معالم سمرقند البارزة، والساحة المكسوة بالفسيفساء المذهلة، هي رمز خالد لطريق الحرير. إنها مدينة ذائعة الصيت ويسهل التعرف إليها، ومثيرة جداً للإعجاب مثل «تاج محل» في الهند و«الهرم الأكبر» في الجيزة.

«البندقية» في إيطاليا

قليلة هي مدن العالم التي تستطيع منافسة رومانسية «البندقية» التي ازداد جمالها وكثرت مواقع الجذب فيها مع ازدياد أرباح التجارة عبر البحر الأبيض المتوسط، وعلى طول طريق الحرير أيضاً منذ آلاف السنين. سيشدك المزيج بين الطراز المعماري الشرقي الأصيل من خلال القباب التي تعلو القنوات المائية في المدينة، وكاتدرائية القديس مرقس ذات الفسيفساء الذهبية التي تزينها، والتي تعتبر أفضل الأمثلة الشاهدة على الفن البيزنطي. وبينما تنتظر بدء رحلتك الحقيقية عبر طريق الحرير، لا بأس بأن تقوم بجولة افتراضية في البندقية وأنت مستريح على كرسيك.

عجائب طبيعية
رسمت الطبيعة الأم كثيراً من مسارات طريق الحرير، وكان على المسافرين القدامى إيجاد أنسب الطرق التي يمكن عبورها والوصول إليها عبر الجبال، والتنقل بين الواحات من أجل عبور الصحارى و«السهوب الأوراسية»، أو السهوب الكبرى. وستبقى المناظر الطبيعية الفريدة ميزة لا تُنسى على طول طريق الحرير، تماماً مثل المواقع التراثية التي صنعها الإنسان.وصنفت جبال «تيان شان» الغربية كأحد مواقع التراث العالمي «لليونيسكو»، وهي تنتشر في معظم أنحاء آسيا الوسطى وتصل ارتفاعاتها إلى 4503 متراً. إنها واحدة من أكبر سلاسل الجبال وأكثرها إثارة للإعجاب في العالم، وتتميز بتنوع بيولوجي غني بشكل استثنائي، بما في ذلك الكثير من النباتات عالية الارتفاع.
وفي الصيف، تعتبر القمم المغطاة بالثلوج والممرات والبحيرات الجبلية بيئة مثالية للمشي والتنزه. وعندما يتساقط الثلج في الشتاء، استبدل أحذية المشي لمسافات طويلة بالزلاجات، واستمتع بمساحات شاسعة من الأراضي البيضاء ومشاهدة نمور الثلج التي تستوطن المرتفعات الجبلية في آسيا الوسطى.
في الطرف الآخر توجد صحراء «قيزيلكوم» الشاسعة، ولتي تعني «الرمال الحمراء». وتقع بين نهري «أموداريا» و«سيرداريا» في آسيا الوسطى، وتغطي مساحة 115 ألف ميل مربع، ستجد هنا الحفريات والنقوش الصخرية والحياة البرية النادرة مثل الأيل والنسر الذهبي. حتى إن أبسط الأشياء كمشاهدة النجوم في الصحراء يعد أمراً لا مثيل له، ويمكنك تحقيق أقصى استفادة من ليلة صافية تحت النجوم والنوم في خيمة البدو المصنوعة من الوبر والصوف.

المواقع الأثرية

سافر البشر على طريق الحرير لآلاف السنين وتركوا بصماتهم في أماكن كثيرة. ونحت الفنانون القدماء الصور والأشكال وبعض معالم الحياة اليومية في الصخور، وهناك الآلاف من هذه الصور، التي يزيد عمر بعضها على 10 آلاف عام، في مواقع مثل «وادي تامجالي» المدرج في قائمة «اليونيسكو» في كازاخستان، و«لانجار» في طاجيكستان، ومنطقة «سارميشاي» في أوزبكستان.
وكان الناس يتعاونون دائماً في بناء المتاريس والحصون للدفاع عن أنفسهم. إذ يوجد في جمهورية «كاراكالباكستان» وحدها أكثر من 50 قلعة في الصحراء.
وغالباً ما تختص المواقع القديمة على طريق الحرير بجانب روحي مميز، كما أنها موطن للعديد من الروائع الثقافية المنتشرة داخل المتاحف الإقليمية والمواقع الأثرية المحفورة. فقد سافرت الديانة «البوذية» على طول الطريق من الهند وازدهرت في العديد الأديرة التاريخية التي تحولت إلى أماكن جذب سياحي وثقافي مميزة مثل «أجينا تيبي»، و«تختي سانجين» في طاجيكستان، إضافة إلى معبدي «فاياز تيبي» و«كارا تيبي» في أوزبكستان، فضلاً عن كهوف «موجاو» في الصين التي تعود إلى أكثر من 1600 عام وتضم العديد من الجداريات القديمة.

رحلات برية لا تنسى

في بعض الأحيان تشكل الرحلة أو تجربة السفر بحد ذاتها حدثاً لا ينسى، وتضاهي بجمالها الوجهة المقصودة نفسها، وربما تعتبر جزءاً أساسياً من المشروع السياحي بالكامل. وهنا نستذكر طريق «بامير» السريع، أحد أفرع طريق الحرير الذي يشق جبال آسيا الوسطى، ويعرف باسم «سقف العالم» في طاجيكستان، وهو بلا شك أحد أعظم الرحلات البرية على وجه الأرض.
وتتخلل دراما المناظر الطبيعية التي يقع معظمها داخل منتزه طاجيكستان الوطني، أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو، قرى جبلية وقلاع ومدن أثرية مدمرة وحتى أضرحة مقدسة. وبعض هذه الأماكن لا يمكن الوصول إليها إلا بسيارات الدفع الرباعي، الأمر الذي يزيد من متعة الرحلة وتشويقها أكثر. أما إن كنت تفضل وسيلة نقل أكثر راحة، فمن الممكن الآن رؤية أجزاء من طريق الحرير بالقطار. حيث يمكنك الركوب من بكين إلى موسكو، مروراً بآسيا الوسطى على متن قطارات شركة «جولدن إيجل» الفاخرة، أو اختر قطار «أفروسيوب» فائق السرعة والأرخص بكثير، بدءاً من طشقند، العاصمة الأوزبكية، مروراً بسمرقند وبخارى. وكجزء من المشروع، تم بناء بعض المسارات ذات المعايير المنخفضة لمدينة «خيوة» الأوزبكية، المدينة المحاطة بأسوار في صحراء «قيزيلكوم»، وتمثل بأكملها متحفاً كبيراً في الهواء الطلق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"