عادي

قرصنة حسابات الطلبة ضريبة التعليم بالتقنية

00:59 صباحا
قراءة 5 دقائق
1

تحقيق: محمد الماحي

لم يكن اختراق الطلبة لحسابات زملائهم بتطبيقات التعلم عن بعد، إلا مقدمة لتنامي ظاهرة القرصنة التي باتت تقض مضاجع المدارس، حتى تحوَّلت إلى تهديد للعملية التعليمية في هذه الظروف الدقيقة، وأضحت بعض المدارس أشبه ب «مدرسة المشاغبين»، مما حدا بها أن تتقدم بشكوى للجهات المختصة ضد بعض الطلبة، كما أوقفت حسابات آخرين، واستدعاء أولياء أمورهم، لتطبيق الجزاءات المناسبة بحقهم، وفق اللوائح والنظم.

هذا الوضع دفع وزارة التربية إلى أن تتدخل ووجهت تعميماً لإدارات المدارس والهيئات التعليمية «اطّلعت عليه الخليج» تحث فيه جميع الطلبة على تغيير كلمة السر الخاصة بحساباتهم على تطبيقات «التعليم عن بعد» بشكل دائم وبرموز يصعب اختراقها.
وألزمت المعلمين بتعريف الطلبة خلال الحصة التفاعلية بطريقة تغيير كلمة السر الخاصة بهم، والتأكيد على أنها بمثابة هوية الطالب الشخصية وعدم مشاركتها مع أي شخص.
وحددت الوزارة خطوات متنوعة لضمان الاحتفاظ بكلمة سر قوية من خلال اختيار رموز يصعب التنبؤ بها، ويسهل حفظها، داعية إلى اختيار كلمة مرور مميزة تحتوي على تركيبة من الحروف الأبجدية والأرقام والرموز الخاصة.
حصص افتراضية
وكشف عدد من المعلمين أن بعض الطلبة المستهترين ينشئون حصصاً افتراضية خاصة بهم، متجاهلين حصصهم الأساسية، وهو ما يزيد أعباء المعلمين في متابعتهم والتأكد من مشاركتهم في الحصص،كما كشفت إدارات مدارس خاصة عن تلقيها شكاوى من جانب بعض أولياء أمور تفيد باختراق حسابات أبنائهم بتطبيقات التعلم عن بعد وإساءة استخدامها.
وذكروا أنهم بادروا بفتح تحقيقات داخلية في الشكاوى المقدمة للوقوف على صحتها، وبالفعل رصدوا حالات اختراق وهو ما دعاهم لتوجيه إنذارات للطلبة المتورطين وإخطارات لأولياء أمورهم لعدم التكرار.
وأشاروا إلى أن جميع الحالات المرصودة تمت من خلال اختراق حسابات الطلبة من جانب زملائهم بعد إطلاعهم على «الباركود» الخاص بهم سواء بشكل شخصي أو تقني.
تحذيرات أمنية
وغيّر عدد من إدارات المدارس الخاصة برنامج التعليم عن بُعد برنامج «زووم» احترازياً، ببرنامج آخر أكثر خصوصية، استجابةً للتحذيرات الأمنية الصادرة من خبراء تقنية معلومات لاختراق هذه البرامج خصوصية الطلبة والكادر التعليمي.
وأفادت الإدارية في إحدى المدارس الخاصة عائشة سالم، بأن مدرستها درست سلبيات برنامج «زووم» على خصوصية الطلبة وذويهم بالإضافة للكادر التعليمي، إذ تبين بعد أن استعانت المدرسة بخبير تقني أن برنامج «زووم» معرض بسهولة لاختراق أجهزة الطلبة والكادر التعليمي، والتي تعتبر ضمن مسؤولية المدرسة.
وأضافت أن مثل هذه البرامج لم تمكن الكادر التعليمي من منع أي شخص دخيل يحضر الفصول الدراسية، خصوصاً مع كثرة الطلبة وسهولة الحصول على رابط الحصة الذي يتم إرساله للطلبة وذويهم.
أكد مستشار أمن المعلومات، وخبير تحليل وتطوير أداء الأفراد والمؤسسات، عبدالنور سامي، أن التغيير مطلب ضروري لضمان خصوصية الطلبة، إذ إنه ليس هناك برنامج مخصص لتلقي الطلبة تعليمهم عن بُعد بشكل آمن ومضمون ويحفظ خصوصيتهم، متابعاً أن برنامج مايكروسوفت تيمز يعتبر أكثر أماناً من البرامج الأخرى.
وأشار إلى أن مميزات برنامج زووم مكنت اختراقه من قبل البعض بسهولة ودخولهم إلى الفصول الدراسية أثناء تلقي الطلبة تعليمهم عن بُعد، من أجل العبث في المنظومة التعليمية عبر بث فيديوهات لا صلة لها بالتعليم، مضيفاً أن البرنامج نفسه يسجل ويحتفظ بجميع الفيديوهات التي تمت بين المعلمين والطلبة في قاعدة بياناته، ويستخدمها بأي طريقة شاء، سواء من الناحية الإعلانية أو غيرها.
طلبة براء
أخذت الاختراقات التي يمارسها بعض الطلبة، شكلاً جديداً، وأصبحت أشبه بعملية قرصنة بين طلبة مدرسة وأخرى، بعد أن كانت داخل الصف الواحد، حيث تقدمت إحدى مدارس التعليم الأساسي والثانوي للبنات في الإمارات الشمالية بشكوى، للجهات المختصة، تؤكد فيها تعرضها لعملية قرصنة على نظامها وتتهم فيها شخصين، تبين لاحقاً أنهما طالبة وشقيقها، ويدرسان بمدرسة أخرى، في الصفين العاشر والحادي عشر عام، وأنهما تمكنا من دخول حصص افتراضية للمدرسة والتلفظ بألفاظ بذيئة مباشرة نحو المعلم والطلاب وأثارا الفوضى في الموقف التعليمي أثناء الحصة.
كما أن الموضوع لم ينتهِ عند حد الاختراق وحسب، بل امتد إلى حد الإساءة للمعلمين المعلمات بأسماء طلبة بريئين فوجئوا بمعاقبتهم من قبل المعلمين على التجاوز في حقهم.
وفي هذا الإطار دعا مسؤولون وتربويون خلال لقائهم «الخليج» الجهات المعنية بالإشراف على المدارس الخاصة في الدولة إلى تعزيز رقابتهم على أنظمة «التعليم عن بُعد»، خشية من تكرار عمليات الاختراق.
الظروف الاستثنائية
ويقول الخبير التربوي يوسف الحوسني، يجب رصد كل نقاط الضعف في نظام التعليم عن بُعد من قبل المسؤولين لتفاديها مستقبلاً، وخصوصاً أنه نظام يتم تطبيقه لأول مرة بشكل عام بجميع المؤسسات التعليمية داخل الدولة، نظراً للظروف الاستثنائية التي تواجهها جميع دول العالم.
وتساءل عن مدى تأمين تلك الأنظمة التعليمية، وهل تخضع إلى تأمين تقني كافٍ أم أنها سهلة الاختراق، مما يترتب عليه خطورة أكبر تتعلق بعمليات التصحيح الإلكتروني للامتحانات التي تتم فور إجابة الطلبة على الأسئلة.
ودعا وزارة التربية والتعليم إلى إلزام إدارات المدارس الخاصة باعتماد أنظمة أمان أكثر تطوراً، وذلك للحيلولة دون اختراق أي نظام للتعليم عن بُعد بالمدارس الخاصة.
مسؤولية الأسرة
ويتفق جاسم فايز مدير مدرسة الراعفة للتعليم الثانوي بنين في أم القيوين، مع ماسبق ويضيف اليه: ( إن مسؤولية الأسرة باتت مضاعفة، لأنها تمثل جهة الإشراف المباشر على الطالب أثناء تلقيه الدروس عبر قنوات «التعلم عن بعد»).
وقال «في الوقت الذي نتجه فيه لتطوير أساليب التعليم وإدخال التكنولوجيا الحديثة في مسألة التعلم، فإننا اليوم بحاجة أكثر إلى مواجهة العديد من الظواهر الطلابية التي تستهدف إعاقة العملية التعليمية، عبر مزيد من القوانين التي تردع الطلاب وتحاسب أولياء أمورهم على ما يظهره أبناؤهم من سلوكيات أثناء الحصص عن بعد.
ودعا ذوي الطلبة إلى الجلوس مع أبنائهم أثناء الحصة الدراسية من أجل الاستفادة قدر الإمكان وعدم المشاغبة أثناء الحصص.
صعوبة في المواجهة
ويرى التربوي محمد راشد رشود، أن بسبب المعرفة التكنولوجية الواسعة للطلبة، والتي تفوق أحياناً خبرة مدرسيهم، تجد بعض الكوادر التربوية صعوبة في مواجهة سيل اختراق الحسابات التي تتطلب وجود خبرة في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية من قبل معلمين.
وأشار إلى أن «التعليم عن بعد» عملية مدروسة ومربوطة بشكلٍ مباشر مع الوزارة، لافتاً إلى أهمية مراقبة أولياء أمور لأبنائهم أثناء تلقيهم الحصص التعليمية عن بعد، وتثقيفهم بأهمية عدم التقليل من شأن هذه الحصص خصوصاً أنها رسمية وينطبق عليها ما ينطبق على الحصص في الفصول المدرسية.
 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"