عادي
في أوج التطوّر الرقمي والتعليم عن بعد

تحديات استيعاب الطلبة.. تواجه المعلمين

23:44 مساء
قراءة 4 دقائق
1

تحقيق: أمير السني

في ظل تحول التعليم من الواقعي إلى التعلم عن بعد، صارت متطلبات الفهم والاستيعاب لدى لطلاب تحتاج الى مهارات حديثة تسهل عليهم عملية الإدراك وتلقي المعلومات بسهولة ، حيث كان المعلم في السابق لاشيء يحول بينه وبين الطالب، وكانت لغة التواصل سهلة، وبالتالي يدرك المعلم مدى استيعاب الطلاب داخل الفصل، أما الآن فبات من الصعوبة قياس مدى إدراك الطالب بالعين المجردة، وإنما مراقبتهم عبر شاشه، وفي ذلك الإطار حدد عدد من التربويين خطوات مهمة، لتسهيل العملية التعليمية على الطلبة وقياس مدى إدراكهم وفهمهم للدروس. 

يقول التربوي عبيد علي اليماحي، أن عملية التعلم عن بعد التي فرضتها ظروف جائحة كوفيد 19  ساهمت بشكل كبير في تغيير شكل الاتصال بين المعلم والطالب، فبعد أن كان مباشرة صار عبر التعلم الرقمي الذي له مزايا عديدة منها إنه نظام يساعد على إيصال المعلومة بشكل ممتع وسريع وسهل الاستيعاب وبأقصر وقت وأقل جهد، ويكسب المتعلّم مهارات شخصية أهمها مهارات التعلّم الذاتي، ويساعد على متابعة مستوى تقدُّم المتعلّم بشكل لا يقبل التخمين، ويجعل المتعلّم أكثر اهتماماً، وذلك لاستخدامه التقنيات الجديدة التي لا تخلو من عنصر التشويق، ولا شك أنه يقلِّل من الهدر في الموارد، ويقضي على ما كان يسمى بغياب المتعلمين أو التسرب الدراسي.

ويضيف أنه على الرغم من وجود العديد من السلبيات التي صاحبت التعلُّم عن بُعد، إلا أن هناك عدداً من الإيجابيات يجب عدم إغفالها، أولها وأبسطها توظيف التقنية في التعليم، وتوجيهها بدلاً من اقتصارها على الترفيه أو على برامج التواصل، مما لا يضيف للمتعلِّم إلا النزر القليل من الفائدة والخبرة، ومن الإيجابيات أيضاً تنوُّع الأدوات والوسائل التعليمية باستخدام برامج متعدِّدة وتطبيقات متنوِّعة ليتسنى للمتعلِّم اختيار الأنفع والأفضل، ونحن اليوم في أوج التطوّر الرقمي والذكاء الاصطناعي، وما التعلُّم عن بعد إلا أحد أوجه ذلك التطور، وله أهمية كبرى في هذا الوقت بالذات، ولكن مقابل هذه المزايا هناك مأخذ واحد فقط على هذا الأسلوب، ألا وهو فقدان التواصل المباشر بين الطالب ومعلميه وزملائه.

مهارات الفهم

يوضح التربوي فريد عبد المعتال ، أن هناك العديد من الطرق التدريسية التي تساعد الطلاب على  الفهم والاستيعاب عن طريق التعلم عن بعد،  من بينها استخدم العروض المرئية ، مثل المخططات الرسومية وخرائط المفاهيم ، على نطاق واسع لتعزيز التعلم وتطوير مهارات الفهم والاستيعاب، ويمكن أيضًا استخدامها كتقييمات تكوينية، مثال إنشاء الطلاب لتمثيل مرئي أو رمزي (على سبيل المثال ، منظم رسومي أو شبكة ويب أو خريطة مفاهيم) للمعلومات والمفاهيم المجردة ثم الاستعداد لشرح رسوماتهم.

ويؤكد أن عملية التعلم عن بعد تمكن المعلم من تقييم أداء الطلاب بسرعة ، من خلال الإجابة الفورية للطلاب عبر جهاز الكمبيوتر، وهي عمليات فحص سريع ذات كفاءة وفعالية للفهم، من خلال استكشاف الأخطاء وإصلاحها، وأن قيام الطلاب بتلخيص ما يتعلمونه بانتظام ، ليس فقط وسيلة فعالة لمساعدتهم على زيادة مهارات الفهم والاستيعاب والاحتفاظ بالمواد الجديدة، بل يمكن أن يوفر أيضاً للمعلمين نظرة ثاقبة حول ما إذا كان الطلاب يستوعبون الأفكار المهمة حقاً.

ويشير إلى أن التعليم عن بُعد يتيح التوسع في فرص التعلُّم، لكن لا يمكن من خلاله استخدام عمليتي التقويم والتقييم معاً، إذ إنّ عملية التقييم للحكم على أداء الطالب، ونتائج التعلُّم بالاختبارات والواجبات تنحصر في شكل إلكتروني، وهذا يفوِّت على الطالب فرصة تحسين المستوى المعرفي والسلوكي والاجتماعي المتوفرة في التعليم الحضوري.

ويوضح المعلم خالد الحوسني ،  أن التعلُّم عن بُعد أفقد العملية التعليمية كثيراً من الأساليب والطرق التي تسهل استيعاب المادة العلمية والتفاعل والمشاركة بين المعلِّم والمتعلِّم، إلا أنه ساعد على حل المشكلة التعليمية خلال فترة الجائحة، كما جعل المتعلمين قادرين على استيعاب الظروف والمعطيات والإسهام في اتخاذ القرارات وحل المشكلات، ومن أهم الإيجابيات في اعتقادي هو أن التعلُّم عن بُعد ينمِّي في المتعلِّم مهارة التعلُّم الذاتي، مع وجود تفاوت بين المتعلمين بحسب العمر والمرحلة، وهنا يزعم كثير من أولياء الأمور بالتحديد أن الصغار لا يمكن لهم تحقيق التعلُّم الذاتي، في حين أن هؤلاء الصغار يمارسون التعلُّم الذاتي بشكل احترافي في تحقيق ميولهم وهواياتهم.

رسم سياسات

ويبين الدكتور سيد عبدالرحمن ، أستاذ علم الاجتماع أن التعلُّم عن بُعد بات ضرورة مُلِّحة وبديلاً فعّالاً عن التعليم حضوراً، خاصة في ظل الأزمات والجائحة التي يمر بها عالمنا اليوم، وتتميز هذه التجربة ببعض نقاط القوة التي يجب أن نركِّز عليها، وأهمها تعليم الطالب كيف يتعلَّم وليس ماذا يتعلَّم، ما يزيد فرص الاستفادة من المعرفة، اعتماداً على الذات وتطوير مهارات التعليم الذاتي لدى المتعلمين.

وقد أتاح التعلُّم عن بُعد فرصة إيجابية للربط بين المعلِّم والمنزل، مما أعطى العملية التعليمية قيمة وأسبغ عليه صفة المسؤولية الجماعية، فأصبح الكل يملك الدافع لتوفير المناخ الملائم للتعليم، بالإضافة إلى قيام الطلاب بإدارة الحصة ويقوم المعلم بدور المرشد والموجه فقط إذ يقوم بتوزيع الأدوار المختلفة على الطلاب وتشجيعهم على تقديم الملاحظات البناءة لبعضهم بعضاً، وزيادة استخدام الأدوات المرئية التي تجذب انتباه الطلاب، كما يقوم المعلم بتضمين الكثير من الأنشطة الصفية واللاصفية والرحلات الافتراضية التي تضمن بقاء الطلبة مندمجين طوال الوقت، مستغلاً اهتمام الطلاب بالتكنولوجيا، كما يستخدم الطلاب والمعلم مربعات الدردشة، لإبقاء التواصل وعرض الأفكار.

ويدعو الدكتور سيد إلى توفير برامج توعوية مسموعة ومرئية ومقروءة لتحفيز المتعلّم واطّلاعه على فوائد التعلُّم عن بُعد ومضار عدم الالتزام به وقت الضرورة، ووضع برامج ومقررات تتناسب مع ظروف هذا النوع من التعلُّم وتأهيل الكوادر التعليمية نفسياً وتربوياً للحصول على النتائج المرجوة، كما أن تعزيز دور الشراكة بين الأسرة والمدرسة، وتهيئة البيئة المناسبة والجاذبة للطلبة بما يلائم النمط الجديد للتعلم، ضروري لتدارك هذا التحدي، كما ينبغي للمدارس توفير منصات تعلم تفاعلية تعزز الدافعية والحماس والإقبال على التعلم وتقدم المعلومة بطريقة محببة للطلبة، كما يجب رسم سياسات واضحة لاستخدام هذه المنصات وفتح الكاميرا من قبل الطالب والمعلم، لضمان التفاعل والتواصل البصري مع مراعاة جميع جوانب الخصوصية والأمن والسلامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"