د. نورة صابر المزروعي
للنجوم أهمية كبرى في حياة الإنسان حيث اعتمد عليها الأجداد للاستدلال على الاتجاهات، اتجاه القبلة تحديداً، كما تستخدم في علم التنجيم الذي يعتمد على مواقع النجوم للكشف عن توقعات وحوادث مستقبلية.
تبدو النجوم حين ننظر إليها من على سطح الكرة الأرضية كأنها صامتة، ثابتة، لكنها ليست كذلك، فقد أثبتت الدراسات بأن النجوم مليئة بالموجات الصوتية التي تجعل النجم نابضاً وفي حركة دائمة. والذي يحفز نبض النجوم وحركتها هي الحرارة، فالنجوم مليئة بالغازات وملتهبة.
رصد العلم الحديث ظاهرة أصوات النجوم وأطلقت عليها وكالة ناسا الأمريكية اسم المطارق الكونية، حيث تمكن فريق تابع لوكالة الفضاء الأمريكية من اكتشاف أنماط منتظمة لنجوم نابضة بوضوح ووصفوها ب «المحيرة».
أشار القرآن الكريم إلى هذه الظاهرة في سورة «الطارق»، قال الله سبحانه وتعالى (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ، النَّجْمُ الثَّاقِبُ، إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ...)، وسمى جل وعلا النجم طارقاً، لأنه يظهر ليلاً بعد غياب الشمس، كما شبه سبحانه وتعالى الصوت الذي يصدر من النجوم بالمطرقة، وهي أداة يستخدمها النجار، وما شابهها من أدوات الطرق، وفي هذه الآية الكريمة كأن الله عز وجل يريد أن يعلّم البشرية بأن النجوم عظيمة في خلقتها، دقيقة في عملها، لا تخطئ مسارها، وقد حجبت أسرارها عنا، كذلك، وكَّل الله سبحانه وتعالى ملائكة لتحفظ البشر في كل الأوقات، والملائكة الموكلة بتلك المهمة لا تخطئ في كتابة ما يصدر عن البشر من أقوال وأفعال، نقرأ في قوله تعالى:(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ).
النجوم هي أحد أعظم أسرار الخالق عز وجل، وتتجلى أهميتها في ذكرها من خلال أكثر من موضع في القرآن الكريم، وربما يتساءل قارئ: لماذا أقسم الله بمواقع النجوم وليس بالنجوم ذاتها في قوله (فَلَا أُقْسِم بِمَوَاقِع النُّجُوم وَإِنَّهُ لَقَسَم لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيم)؟ والجواب في تمعن حركة النجوم وأصواتها ومواقعها، فهي غير واضحة للإنسان بسبب بعدها واستحالة انتقال أصواتها إلينا في الفراغ الذي يفصلنا عنها. وقد أثبتت الدراسات أن الإنسان لا يستطيع أن يرى حقيقة مواقع النجوم، وأن ما نراه في السماء ليلاً مواقع مرت بها النجوم، وليس النجوم ذاتها! ويعتقد بأنّ ذلك بمثابة رحمة إلهية لأنها لو كانت واضحة للناظر، لتسببت في فقد البصر من شدة لهيبها وتوهجها.
إن أسرار خلق النجوم تتكشف تباعاً ومع تقدم علوم الإنسان، وفي كل يوم يكشف علم الفلك عن أسرار جديدة للنجوم التي تعد واحدة من أعظم عجائب خلق الله سبحانه وتعالى في هذا الكون.