أدرك الإنسان قيمة الألوان منذ العصور القديمة ووظفها في الأعمال الفنية، والتشكيليّة، والمباني التي كانت بدورها تصوّر الحالة النفسية للإنسان وتُعبّر عن مشاعره، كما استُخدمت كوسيلة للعلاج في الحضارات القديمة: اليونانية والإغريقيّة وبلاد الهند، والصين، ومصر وهذا يفسر لنا موقع اللون في النفس.
شاعت رمزية الألوان عبر الأجيال مّا جعلها تكتسب دلالات رمزيّة تعبر عن الحياة والموت والسعادة والرّحمة. فأسطورة الخوف من سم الأفعى الأصفر واقتران اللدغ بالاصفرار والشحوب المرتبط بالمرض ثم الموت جعل الأصفر رمزاً للمرض والذبول، كما أنه إحدى علامات فصل الخريف التي تشير إلى رحيل الأخضر ثم تساقط الأوراق.
ارتبط الأحمر تاريخياً بمفهوم الأخطارالمقترنة بالجرائم والحروب، وتميز بمفهوم خاص في طقوس الشعوب البدائية، أما أماكن العبادة فشاعت فيها البساطة في الألوان: الأخضر والأزرق والأبيض وابتعدت عن البهرجة والتكلف.
في العصر الحديث احتفلت معاني الألوان تبعاً للحالة النفسية للفرد، بل وأثرت في قراراته تجاه الأشياء، فالشخص قد يعجب بأثاث أو سيارة تتميز بمقاييس ومواصفات ملائمة للاقتناء، ولكن ما يحدد قراره في الشراء هو اللون.
أثبتت الدراسات النفسية أنّ للألوان قدرة في التأثير على خلايا الإنسان؛ فلكل لون موجة ضوئيّة خاصّة لها طول معيّن يختلف من لون إلى آخر، ولكل موجة تأثيرها على الحالة النفسية.
إنّ الألوان ليست مجرّد موجات واهتزازات ضوئيّة فحسب؛ ولكنها تصل إلى أعماق النفس البشريّة، فمنها ما يعبر عن الراحة والحب والبهجة، ومنها ما يثير مشاعر القلق والاضطراب والحزن، فالأثر الإيجابي أو السّلبي للون له انعاكاسات فسيولوجيّة نفسية، بالإضافة إلى تأثيرها الواضح على الحالة المزاجيّة؛ لذا كان هناك مراعاة واضحة لنفسية الأفراد عند توظيف مفهوم الألوان في المؤسسات التعليمية: المدارس والكليات، والمؤسسات الصحية: المستشفيات والعيادات، وفي الموسسات الحكومية بشكل عام، خاصة مكاتب عمل الموظفين.
ومؤخراً ظهر الكثير من المراكز المُتخصّصة في العلاج بالألوان في الدول الأوروبية، ونتمنى من المسؤولين في مراكزنا الصحية توظيف فكرة العلاج بالألوان لما لها من تأثير إيجابي في حالة المريض.