عادي
حولت اللغة إلى نبض ملتهب

إيفون فيرا.. روائية زيمبابوية تكتب الإنجليزية بقلبها

22:54 مساء
قراءة 3 دقائق
إيفون فيرا
1703

في تقديمها للترجمة العربية لرواية الكاتبة الزيمبابوية إيفون فيرا وعنوانها «عذارى من حجر»، تقول الكاتبة والمترجمة العراقية بثينة الناصري: «اندفعت لقراءة رواية «إيفون فيرا» فصدمتني، كان الأسلوب مذهلاً، يأخذك مسحوراً إلى أعماق الكهوف والتلال في الشوارع الصاخبة في مدينة «بولاوايو»، ليشدك إلى أعماق النفس البشرية، وهي تخوض الحرب والحب والشك والاغتصاب والقتل، ثم حين نويت أن أترجم الرواية بعد سنوات، وجلست أبحث عن عنوان المؤلفة حتى أستوضحها بعض الأشياء واتصلت بدار النشر، فصدمت لأن «إيفون فيرا» قد توفيت قبل ثلاث سنوات».

كانت فيرا كتبت ست روايات ومجموعة قصصية بعنوان «لماذا لا تنحت حيوانات أخرى؟»، ورحلت عن 41 عاماً، فقد ولدت في 19 سبتمبر/ أيلول 1964 وتوفيت في 7 إبريل/ نيسان عام 2005، ويقال إن وفاتها جاءت بسبب الالتهاب السحائي، أو مرض نقص المناعة المكتسبة، وقد فازت روايتها الأخيرة «عذارى من حجر» التي وصفها النقاد بأنها أفضل أعمالها اكتمالاً وأكثرهاً رواجا بين القراء، بجائزة نادي القلم السويدي عام 2004 وجائزة ماكميلان عن إفريقيا 2002، وسبق أن فازت بجائزة كتاب الكومنولث في عام 1997 لأفضل رواية إفريقية عن روايتها «تحت اللسان».

فترة صيام

اهتمت فيرا بعادات الكتابة، وكانت تشبه الوقت الذي تقضيه بعيداً عن الكتابة بأنه «فترة صيام» وكانت تكتب لمدة عشر ساعات يومياً، تقطعها بالجري إلى الثلاجة لالتهام ساندويتشز وقالت مرة إن الكتابة هي جزء من حياتها لا يحتمل التفاوض، فهي مستعدة للتضحية من أجل الكتابة بأعز علاقاتها، وفي حوار معها نشر في كتاب بعنوان «العلامة والمحرمات» قالت: «دائما تجذبني الصورة، وقبل أن أعمل في قاعة الفنون الوطنية، كانت أكبر المؤثرات فيّ، ربما هي السينما، كيف تجهز وتركب وتحرك الصور، كما كان لدي ميل قوي للتصوير الفوتوغرافي».

وحين تكتب فيرا رواية تمر بلحظة بصرية ذهنية، تراها وتضعها على منضدتها، كما لو أنها صورة فوتوغرافية. ففي رواية «من دون اسم»، كان لديها تلك الصورة، لترى العالم المتشظي أو المشروخ، تقول فيرا: «أعيش وحدي ولذلك من السهل أن أغلق بابي، أجلس إلى مكتبي، وكذلك أنسحب من وظيفتي، أطلب إجازة وأجلس للكتابة باستمرار، وحين أنتهي أعود إلى المجتمع، إذا كنت متأكدة من الرواية، فالأمر لا يستغرق مني وقتاً طويلاً، إن ما يستغرق وقتاً طويلاً هو الإيمان بالفكرة وتتبعها، يمكن أن يأخذ ذلك سنة قبل أن أجلس وأكتب».

وتحكي فيرا: «كلما كتبت أكثر ازدادت الكتابة يسراً، وكانت أكثر متعة أيضاً، وكنت أكثر وعياً بما أفعله أثناء الكتابة، أنا أفضل مصحح لكتاباتي، وهذا شيء رائع، أعرف ما ينبغي أن أشطبه وأنا أكتب، أي سطر، أي فقرة، أيها أحتفظ به وأيها أهملها، لم أكن سأكتب لو لم أكن أبحث عن الجمال، ولو كان غرضي فقط أن أدافع عن قضية، إنني أهتم بعمق مواضيعي لكنني أريد أن يقرأ الناس كتاباتي لجمالها وللقصة الشخصية».

مدرسة أدب

ولدت فيرا في روديسيا الجنوبية (زيمبابوي الآن)، من أبوين يعملان في التدريس، وتعلمت في مدارس بولاوايو قبل أن تصبح مدرّسة أدب إنجليزي في مدرسة ثانوية، حيث التقت بالرجل الذي سيصبح زوجها، وكان ذهب إلى إفريقيا سائحاً عام 1977 ثم عاد إلى البلاد للعمل في وظيفة مدرس سنة 1984 زارته فيرا في ما بعد في كندا وتزوجا في عام 1987 وانضمت إلى جامعة يورك في تورنتو، وأنهت سنوات الدراسة في أربع سنوات، ونشرت في تلك الفترة ثلاث روايات، ثم عادت إلى زيمبابوي، وعملت مديرة في قاعة الفنون الوطنية.

تصف بثينة الناصري فيرا قائلة: «كانت مثل عاصفة عاتية عبرت في زمن محتوم محدد، وابتدعت طرقاً جديدة للكتابة، وفعلت باللغة الإنجليزية ما لا يجرؤ إنجليزي قح على فعله بها، تحولت بين يديها الإفريقيتين إلى نبض ملتهب، ثم مضت لا تلوي على شيء، كأنها تلاشت في عطفة في شارع بولاوايو أو في متجر بيع الزهور».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"