عادي

عذب الكلام

22:21 مساء
قراءة 3 دقائق
2

إعداد: فوّاز الشعّار

لغتنا العربية، يُسرٌ لا عسر فيها، تتميّز بجماليات لا حدود لها ومفردات عذبة تخاطب العقل والوجدان، لتمتع القارئ والمستمع، تحرّك الخيال لتحلّق به في سماء الفكر المفتوحة على فضاءات مرصّعة بدرر الفكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس في بناء ذائقة ثقافية رفيعة، ننشر زاوية أسبوعية جديدة تضيء على بعض أسرار لغة الضاد الساحرة.

في رحاب أم اللغات

التّجاهلُ في البَلاغةِ: أنْ يَقولَ الشّاعرُ«لا أدري»، وأمثالِها، أو يَسْتفهم بِبَعْضِ حُروف الاستفهام؛ كقول ابن الرّومي:

أَأَسْماءُ أيُّ الواعدينَ تَرَيْنَهُ

أشَدَّكُما مَطْلاً فإنّيَ لا أدْري

أَأَنْت بِنَيْلٍ منك يُبْرِد غَلَّتي

أمِ النَّفْسُ بالسُّلوانِ عَنْكِ وبالصَّبْر

وقَولِ أبي هلال العسكريّ:

أَثَغْرٌ ما أَرى أَمْ أُقْحُوانُ

وَقَدٌّ ما بَدا أَمْ خَيْزُرانُ

وَطَرفٌ ما تَقَلَّبَ أَمْ حُسامٌ

وَلَفظٌ ما تَساقَط أَم جُمانُ

فكلاهُما لا يسألُ، لأنه لا يعرفُ، ولكنّه تساؤل العارفِ والمؤكِّد

دُررُ النّظم والنّثْر

بَكى أسفاً

لابن شَهيدٍ القُرطبيّ (من الطويل)

بَكَى أَسَفاً للبَيْنِ يَوْمَ التَّفَرُّقِ

وقدْ هَوَّنَ التَّوْدِيعُ بَعْضَ الَّذِي لَقِي

وَما للَّذِي وَلَّى بِهِ البَيْنُ حَسْرَةٌ

بَكَيْتُ وَلَكِنْ حَسْرَةً للَّذِي بَقِي

وَقدْ شاقَنِي الوُرْقُ السّواجعُ بالضُّحى

ومَنْ يسْتمعْ داعِي الصّبابَةِ يشتَقِ

على فَنَنٍ مِنْ أَيْكةٍ قَدْ تَعَلَّقَتْ

بحبْلِ النَّوَى مِنْ قَلْبي المُتَعَلِّقِ

فَصَدَّقْتُها في البَيْنِ مِنْ غَيْرِ عَبْرةٍ

وكَمْ مِنْ كَثيرِ الدّمْعِ غَيْرِ مُصَدَّقِ

لَعَلَّ نَسيمَ الرِّيحِ تأَتي به الصَّبا

بِنَشْرِ الخُزامى والكِباءِ المُعَبَّقِ

كأَنَّ علَيْهَا نَفْحةً عَبْشَمِيَّةً

أَتَتْ مِنْ جَنابِ المُسْتَعِينِ المُوَفَّقِ

فنِلْتَ الَّذِي قَدْ نِلْتَ إِذ لَيْسَ للعُلا

سواكَ كأَنَّ الدَّهْرَ للنَّاسِ منْتَقِ

من أسرار العربية

أوْصَافِ حميدة: الحُلاحِلُ: الشُّجاعُ. الهُمَامُ: البَعيدُ الهِمَّةِ. القَمْقَامُ: الجَوَادُ. الغِطْرِيفُ: الكَرِيمُ. الصِّنْديدُ: الشَّريفُ. الأَرْوَعُ: الذِي لَهُ جِسْمٌ وَجَهارَةٌ. الكوْثَر: الكَثيرُ الخَيْرِ. البُهْلُولُ: الحَسنُ البِشْرِ.

المُعَمَّمُ: المُسَوَّدُ في قَوْمِهِ. الغَيْدَاقُ: الكَرِيمُ الجَواد، الواسِعُ الخُلُقِ، الكَثِيرُ العَطِيَّةِ، وكذلك السَّمَيْدَعُ.

الأرْيَحِيُّ: الذي يَرْتاحُ للنَّدَى. الخِضْرِمُ: الكَثيرُ العَطِيَّةِ. اللُّهْمُومُ الواسعُ الصَّدْرِ. الآفِقُ: الذي بَلَغَ النهايَةَ في الكرَمِ. ذو الرَأْي والتجْرِبَةٍ: دَاهِية. جَالَ بِقَاعَ الأَرْضِ واسْتَفَادَ التَّجَارِبَ منها: باقِعَة. نَقَّبَ في البِلادِ واسْتَفَادَ العِلْمَ والدَّهَاءَ: نِقَابٌ. الحَدِيد الفُؤَادِ: شَهْمٌ. الصَادِقُ الظَّنِّ الجَيِّدُ الحَدْسِ: لَوذَعِيٌّ. الذَكِيُّ المُتَوَقِّدُ المُصِيبُ الرَّأْي: أَلْمَعِيٌّ. الطَيِّبُ النَّفْسِ الضَّحُوكُ: فَكِهٌ.

هفوةٌ وتصويبٌ

يقول بعضهم: «وقد حازَ المُتسابقُ على الجائزة»، وهي خطأ، والصّوابُ: «حازَ الجائزةَ»، لأن حازَ، معناهُ: ضَمَّ أو جمعَ، وهو يتعدّى بِنَفْسه.

والحَوْزُ الجَمْعُ. وكلُّ مَنْ ضَمَّ شَيْئاً إِلى نَفْسِهِ، فقد حازَه حَوْزاً وحِيازَةً. والحَوْزة الناحية. والمُحاوَزَةُ: المُخالَطةُ. قال العجّاج:

يَحُوزُهُنَّ وله حُوزِيٌّ

كما يَحُوزُ الفِئَةَ الكَمِيُّ

ويكْثُرُ اسْتِخدامُ كلمة «ضِدّ»، في غَيْرِ الصّوابِ، كأن يقول بعضُهم: «حاربنا ضِدَّ الإرهابيّينَ»، و«شنَّ الجَيْشُ هُجوماً ضِدَّ العَدوّ».. وسواهُما. والصَّوابُ «حارَبْنا الإرْهابيّينَ» و«شنّ الجَيْشُ هُجوماً على العَدوَّ»، لأنّ كُلَّ شيءٍ ضادَّ شَيْئاً لِيَغْلِبَهُ، فهوَ ضِدُّهُ؛ فالسَّوادُ ضِدُّ البَياض،والمَوْتُ ضِدُّ الحَياة، واللّيْلُ ضِدُّ النّهار. والجَمْعُ: أَضدّاد. يقول دوقلةُ المنبجيّ:

فالوَجْهُ مِثْلُ الصُّبْحِ مُبْيَضٌّ

والشََّعْرُ مِثْلُ اللّيْلِ مُسْوَدُّ

ضِدَّانِ لمّا استُجْمَعا حَسُنا

والضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ

من أمثال العرب

إنّ السّماءَ، إذا لَمْ تَبْكِ مُقْلَتُها

لَمْ تَضْحَكِ الأرْضُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الزَّهْرِ

وَالزَّهْرُ لا تَنجَلي أَحداقُهُ أَبَداً

إِلّا إِذا مَرِضَت مِنْ كَثرَةِ المَطَرِ

البيتان للبُحتريّ، يُبيّن فيهما، أنّ الأفضل هو التفاؤلَ والشّعورَ بأنّ القادم سيكون أجملَ، والدليلُ أنّ بكاءَ السّماء، ب«ذَرْفِ» المطرِ، سيجعل «ثغر» الأرض يَفْترُّ عنِ ابْتسامةٍ جميلةٍ يُزيِّنُها الزّهرُ والوردُ. فليكن التفاؤلُ والأملُ نصب أعيننا دائماً، لأنّهما يُحقّقانِ السّعادة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"