عادي

كيف تعمل دجاجة «جوجل» التي تبيض ذهباً؟

22:17 مساء
قراءة 7 دقائق
الرئيس التنفيذي ساندر بيتشاي
مقر جوجل في لندن (بلومبيرج)
دبي: هشام مدخنة

تبلغ القيمة السوقية لألفابيت، الشركة الأم لجوجل، أكثر من 1.8 تريليون دولار، ما يجعلها واحدة من أكثر الشركات المتداولة قيمة في العالم مع «أبل»، و«مايكروسوفت»، و«أمازون».

والأمر اللافت أن «ألفابيت» ومنذ إنشائها عام 2015 وحتى اليوم تحقق جميع إيراداتها وأرباحها تقريباً من ذراعها التقنية العملاقة «جوجل»، التي لطالما صورت نفسها على أنها شركة تكنولوجيا واستثمار تعمل في العديد من المجالات التقنية والحيوية، مثل البحث عبر الإنترنت، والهواتف المحمولة، والذكاء الاصطناعي، والسيارات ذاتية القيادة، والتكنولوجيا الصحية، مع رؤىً وآفاق بعيدة المدى للمستقبل.

لكن اللافت أكثر أن نشاط جوجل الرئيسي يعتمد في الواقع على «الإعلان عبر الإنترنت» والتي باتت تعرف بأنها «الدجاجة» التي تبيض ذهباً للشركة. وبلغة الأرقام، بلغت عائدات «ألفابيت» عام 2020 نحو 183 مليار دولار، منها 147 مليار دولار (أي أكثر من 80%) من نشاط إعلانات جوجل، وذلك وفقاً للتقرير السنوي للشركة.ولأكثر من عقد من الزمان، هيمنت جوجل على قطاع الإعلان عبر الإنترنت، وبحسب «إي ماركيتر»، شركة أبحاث السوق المتخصصة بالتسويق الرقمي والوسائط، من المتوقع أن تستحوذ الشركة على ما يقرب من 29% من حصة الإنفاق على الإعلانات الرقمية على مستوى العالم في عام 2021. في حين تحتل «فيسبوك» المركز الثاني بأقل من 24% من حصة الإنفاق الإعلاني، وجاء العملاق الصيني للتجارة الإلكترونية «علي بابا» ثالثاً بأقل من 9%.

وعلى مر السنين، أسست جوجل واشترت عدداً كبيراً من أدوات تقنية الإعلان التي تُمكّن ناشري المحتوى من جني الأموال من خلال إعلاناتهم، وتسمح لهم باستهداف شرائح من الناس على محركات البحث، وموقع يوتيوب، والخرائط، وعلى المواقع الأخرى عبر الإنترنت. وفي حين أن محرك البحث والمنتجات الأخرى تشكل الجزء الأكبر من عائدات إعلانات جوجل، إلا أن نشاطها الإعلاني على يوتيوب، والذي شهد قفزة بنحو 50% على أساس سنوي في الربع الأول، يجني الأموال بشكل متزايد أيضاً وبعيداً عن الإعلان التلفزيوني التقليدي.

المنتجات الرئيسية لنشاط الإعلانات

تمتلك شركة «جوجل» حقيقة عدداً كبيراً من المنتجات التقنية التي تناسب جميع أصناف المنخرطين في سوق الإعلان الرقمي، بما في ذلك الشركات من جميع الأنواع والأحجام. ومن الصعوبة بمكان التفكير في أي مجموعة تقنية أخرى منافسة وتقدم هذا الشمول في عملية شراء وبيع الإعلان عبر الإنترنت في مكان واحد فقط، على الأقل خلال السنوات القليلة القادمة. فما هي المنتجات الرئيسية لنشاط الإعلانات في جوجل وكيف تجني الأموال؟

1- محرك البحث والحصة الأكبر

يُعتبر محرك البحث الشهير «جوجل» أحد أكبر مصادر الربح للشركة. ففي عام 2020، حققت جوجل 104 مليارات دولار من إيرادات البحث وغيرها من المنتجات، وبلغت عائدات الإعلان وحدها 71% من الإجمالي، و57% من مجمل إيرادات «ألفابيت».

ويتضمن هذا الرقم الإيرادات الناتجة عن خصائص البحث عبر محرك جوجل، جنباً إلى جنب مع الإعلانات على المواقع الأخرى المملوكة للشركة مثل البريد الالكتروني «جي ميل»، والخرائط، ومتجر تطبيقات «جوجل بلاي».

ويمكن للمعلنين الذين يستخدمون منتجات جوجل المتزايدة الاختيار من بين استراتيجيات عطاءات وعروض أسعار مختلفة، وكلمات رئيسية للبحث، وعبارات محددة تؤدي إلى عرض إعلاناتهم للمستخدمين ذوي الصلة. كما يمكن لمن يرغبون في زيادة عدد الزيارات إلى موقعهم، أن يختاروا على سبيل المثال عروض تسعير «تكلفة النقرة الواحدة»، حيث يدفعون عندما ينقر أحد الأشخاص على إعلاناتهم. ويمكنهم أيضاً وضع الحد الأقصى للمبلغ الذي يريدون دفعه مقابل هذه النقرة، وعدد المرات التي يودون أن يظهر بها الإعلان في عملية البحث وفي أي مكان.

إلى ذلك، قال جو باليسترينو، متخصص التسويق الرقمي: «كلما كانت الصناعة أكثر تنافسية وتكلفة، كان ثمن العطاء المقدّم للإعلان أعلى». فعلى سبيل المثال، إذا كنت محامياً وتتعامل مع أمور دقيقة، وتبحث في دعوى قضائية تقدر بملايين الدولارات، فمن المحتمل أنك ستدفع بضع مئات من هذه الدولارات مقابل نقرة واحدة من أحدهم. لكن إذا كنت تدير نشاطاً تجارياً لخدمات تنظيف المنزل، فقد تدفع 7 دولارات للنقرة لأن متوسط دخلك ربما يكون 50 دولاراً فقط للعملية ككل. لذلك، اعتماداً على مدى تنافسية القطاع، ومقدار الأموال التي يمكن أن يجنيها صاحب العمل، تزداد تكلفة مفاتيح الإعلان الرئيسية أو تقل. وتتيح جوجل أيضاً للمعلنين استهداف الموقع الجغرافي واللغة والجمهور، مثل الأشخاص المهتمين بشراء المنتجات أو الخدمات ذات الصلة بالتمويل، أو مستأجري العقارات ومالكي المنازل.

وبحسب تقديرات «ويدبوش»، تعرض جوجل الإعلانات في عمليات البحث التجارية بشكل أساسي، مما يعني أن حوالي 80% من عمليات البحث العادية لا تزال غير مستغلة من قبل الإعلان بعد.

ومع تزايد حركة الشراء عبر الإنترنت، يتوقع المحللون أن يستمر جنوح الميزانيات المخصصة للإعلانات من مجالات تقليدية كالتلفزيون والتسويق المباشر إلى الوسائط الرقمية والبحث عبر الإنترنت.

وفي سياق متصل، بدأت حدة المنافسة بين «أمازون» و«جوجل» تشتد بشكل كبير في قطاع الإعلان والبحث. وبالرغم من توقعات «إي ماركيتر» بأن تستحوذ الأخيرة على 56.8% من إجمالي عائدات الإعلانات على شبكة البحث في الولايات المتحدة في عام 2021، إلا أن حصة «أمازون» والتي تبلغ 19% تنمو بشكل مطرد قد يزعزع حصة جوجل في سوق الإعلانات بشكل عام. وخصوصاً بعد ما تسبب به الوباء بازدياد الطلب الرقمي على السلع والخدمات، والذي استفادت منه أمازون أكثر من غيرها بكثير.

وأوضح المحللون المتفائلون بشأن أعمال البحث في جوجل أنها تطورت على مر السنين وستواصل التطور، سواء كان ذلك باستخدام عمليات البحث بالصوت والصورة أو غيرها من الابتكارات لعرض المنتجات أمام الجمهور الأوسع والمهتمين. وفي الوقت نفسه، أصبحت منتجات مثل «خرائط جوجل» أكثر استراتيجية من ناحية الإعلانات. فعبر استخدامها، يمكن للمعلنين شراء إعلاناتهم بناءً على قوائم الأنشطة التجارية المحلية و«الدبابيس». وللعلم فإن خرائط جوجل حديثة العهد في استخدام الإعلان ومنذ عام 2019 فقط، ولكن في ظل وجود أكثر من مليار مستخدم نشط شهرياً، ووسط آلاف التحديثات اليومية، من المتوقع أن تصبح الخرائط لاعباً أساسياً ومهماً في تشكيلة جوجل الإعلانية وجنيها للثروات، بقيمة قد تصل إلى 11 مليار دولار بحلول عام 2023، وفقاً لمورجان ستانلي.

2- "يوتيوب" وصانعو المحتوى

يُعد موقع «يوتيوب» أحد مصادر إيرادات الإعلانات الرئيسية لشركة جوجل، ومثّل ما يقرب من 20 مليار دولار من العائدات في عام 2020، (حوالي 13% من إجمالي عائدات الإعلانات في جوجل).

ورغم صغر حجم الإيرادات مقارنة بمحرك البحث، ينمو يوتيوب بوتيرة أكبر من مصادر الإعلانات الرئيسية الأخرى لجوجل، فقد جلبت الوحدة نحو 6 مليارات دولار من عائدات الإعلانات خلال الربع الأول لعام 2021، ارتفاعاً من 4 مليارات دولار عن العام السابق، وبمعدل نمو 49%، مقارنة ب 30% معدل ارتفاع إيرادات محرك البحث عن نفس الفترة.

وإذا رغب صانعو المحتوى على يوتيوب في جني الأموال من قنواتهم، فيمكنهم تفعيل إعلانات الفيديو ومشاركة أرباحها مع جوجل ببساطة. وهذه أحد الطرق الشائعة التي يجني بها يوتيوب الأموال. ولكي تكون مؤهلة لتحقيق الدخل من مقاطع الفيديو، تحتاج القناة إلى 4000 ساعة مشاهدة عامة خلال ال 12 شهراً الماضية، و1000 مشترك على الأقل، وأن تلتزم بسياسات نشر معينة.

ويمكن لموقع يوتيوب جني الأموال أيضاً من تفعيل إعلانات على مقاطع فيديو من قنوات ليست ضمن برنامج الشركاء وصانعي المحتوى، وبالتالي الاستحواذ على الحصة كاملة. وباستطاعة صانعي المحتوى أيضاً كسب المال بطرق أخرى، عن طريق إنشاء عضويات في قنواتهم وبيع المنتجات على سبيل المثال، أو عن طريق اقتطاع الأموال عندما يشاهد أعضاء «يوتيوب بريميوم» مقاطع الفيديو الخاصة بهم.

ولدى المسوِّق الذي يرغب في شراء إعلان على يوتيوب العديد من الخيارات، بما في ذلك الإعلانات القابلة للتخطي، أو التي لا يمكن تخطيها والتي تظهر قبل أو بعد أو أثناء بث الفيديو، وإعلانات «يوتيوب ديسكفري» التي توجه المستخدمين إلى مقاطع فيديو أو قنوات أخرى على يوتيوب، إضافة إلى إعلانات التسمية الرئيسية.

3 شبكة «جوجل»

الضلع الرئيسي الأخير لمثلث عائدات إعلانات عملاق التقنية هو «شبكة جوجل»، والتي بلغت قيمتها 23 مليار دولار في عام 2020، وشكلت حوالي 16% من إجمالي عائدات الإعلانات في الشركة.

وتتضمن هذه المجموعة الإيرادات الناتجة عن بيع الإعلانات خارج منتجات جوجل الأساسية الخاصة. وللتوضيح أكثر، يمكن للناشرين أو صانعي التطبيقات استخدام منصات جوجل فرعية مثل «أدسينس»، أو «أدمانجر» أو «أدموب» لتقديم شرائح إعلانية معروضة للبيع للمعلنين. ويستخدم الناشرون هذه الأدوات لإدارة حملاتهم، ويتقاسمون الأرباح مع جوجل بنسب مختلفة اعتماداً على مقدار العمل الذي يقوم به كل طرف.

أدسينس

هناك أكثر من مليوني صانع محتوى بمثابة عملاء لمنصة «أدسينس»، يمكنهم إدخال رمز جوجل الخاص بهم على مواقعهم أو مقاطع الفيديو الخاصة بهم، ويقوم المعلنون بتقديم عروض أسعار للظهور في تلك الشرائح الإعلانية. وإذا عرض المحتوى إعلاناً عبر «أدسينس»، فإن صانعه يتلقى 68% من الإيرادات التي تعترف بها جوجل فيما يتعلق بهذه الخدمة. ويمكن لمصممي مواقع الويب أيضاً وضع إعلانات البحث على مواقعهم أو تطبيقاتهم الخاصة، مما يتيح لهم جني الأموال مع كل نقرة يقوم بها زوارهم. وعندما يتعلق الأمر بالبحث، يتلقى الناشرون 51% من العائدات المعترف بها.

أدمانجر

«أدمانجر»، فهو نظام أساسي لإدارة الإعلانات للناشرين الكبار الذين لديهم قدر كبير من المحتوى يبيعونه مباشرة للمعلنين. وتدعم المنصة عمليات تبادل الإعلانات والشبكات المتعددة، بما في ذلك «أدسينس» و«أد إكستشينج»، بالإضافة إلى شبكات الطرف الثالث، مثل شركة «دبل كليك» لتطوير خدمات وعرض الإعلانات عبر الإنترنت، والتي كلّفت جوجل 3.1 مليار دولار في عملية استحواذ عام 2007.

أدموب

بخصوص «أدموب»، الشركة التي اشترتها جوجل عام 2009، فهي عبارة عن نظام أساسي متخصص ببيع مساحات إعلانية داخل تطبيقات الأجهزة المحمولة والألعاب، مثل الشعارات الصغيرة التي تظهر أعلى أو أسفل التطبيق، أو نافذة منبثقة قد تظهر بين مراحل اللعبة المختلفة. وأصبح باستطاعة صانعي الأجهزة التي تعمل بنظامي التشغيل «آي أو إس» و«أندرويد» استخدام منصة «أدموب» لكسب المال. وبحسب جوجل، هناك أكثر من مليون تطبيق يستخدم منصة «أدموب»، مع أكثر من مليون معلن موجودين داخل هذه التطبيقات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"