عادي

د. رشا عبد الرحمن: تقوية مناعتنا النفسية أساس الحياة الصحية

23:23 مساء
قراءة 3 دقائق

حوار: مها عادل

الصحة النفسية من مقومات بناء الصحة العامة في المجتمعات، حيث ترتبط الحالة النفسية بعلاقة وثيقة ومؤثرة بالصحة البدنية للفرد، ويعتبر التوازن النفسي للأشخاص من أهم مسببات النجاح في الحياة العملية والاجتماعية، وزيادة الإنتاج والتمتع بحياة صحية سليمة.

وتقول د. رشا عبد الرحمن رئيسة قسم علم النفس في جامعة عجمان: «كلما ارتفعت الصحة النفسية زادت الصحة البدنية، والعكس صحيح، حيث إن تمتع الفرد بصحة جسمية جيدة يؤثر إيجابياً في شعوره بالثقة والانطلاق وفي علاقته بذاته، ويصبح أكثر قدرة على أداء المهام المطلوبة منه، والتواصل مع الآخرين بنجاح، ويتضح ذلك بعدة أمثلة. فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل منتظم، أو يمارسون نظاماً غذائياً صحياً يتمتعون بصحة نفسية جيدة،

حيث إن الاهتمام بالصحة الجسدية يحفز الدماغ على إفراز الهرمونات التي تعزز الصحة النفسية وهرمونات السعادة، مثل «السيروتونين» الذي يزيد من الثقة بالنفس، وهرمون «الدوبامين»، و«الأوكسيتوسين» (هرمون الحب).

كما تؤثر الصحة النفسية إيجابياً في الصحة الجسمية؛ إذ إن تمتع الفرد بحالة نفسية جيدة يسهم في تقوية جهاز المناعة بشكل عام، وتمتعه بصحة جسدية جيدة، ويمكن القول إن الصحة النفسية هي أساس بناء الشخصية الإنسانية».

توضح لنا د. عبد الرحمن، حجم التأثيرات السلبية للمشاكل النفسية على الصحة العامة للفرد وأدائه في الحياة، وتقول: «تؤثر الضغوط النفسية بشكل سلبي في الصحة الجسمية للفرد، بكل ما تتضمنه من مشاعر القلق أو الخوف أو الحزن، حيث تحفز الدماغ على إفراز هرمونات التوتر مثل «الكورتيزول» و«الأدرنالين»، مما يؤدي إلى انخفاض شعوره بتقدير الذات والثقة بالنفس، ومن ثم يؤثر في مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين، وفي أدائه في الحياه بشكل عام».

وتضيف: «يمكن أن تؤدي زيادة الضغوط إلى ظهور بعض الأعراض الجسدية المرضية التي يطلق عليها الاضطرابات «السيكوسوماتية» أو «النفسجسمية»، وهي عبارة عن اضطرابات جسمية نفسية المنشأ، تتضح في الشكوى المتكررة من أعراض جسدية واضحة ومشابهة تماماً للعديد من أعراض الأمراض الحقيقية، منها القرحة المعدية والصداع النصفي، والحساسية والأكزيما وآلام الظهر، والقولون العصبي والغثيان، والقيء المستمر، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وفي الحقيقة تظهر الاضطرابات «السيكوسوماتية» عندما يتعرض الفرد لضغوط شديدة ومستمرة، ويعتقد أنه قادر على التحمل ولا يعبر ولا يتكلم ولا يقوم بأي رد فعل تجاه هذه الضغوط، ويصل إلى نقطة لا يستطيع الجسد فيها الاستمرار، فيقول لصاحبه لا أستطيع، حافظ على نفسك ويقوم بتنبيهه بهذه الأعراض».نصائح

تقدم د. عبد الرحمن مجموعة من النصائح والتوعية للأسرة والمجتمع عن كيفية الحفاظ على الصحة النفسية لتحقيق مجتمع صحي نفسياً وبدنياً، وتقول: «مفهوم الصحة النفسية من المفاهيم التي لا نعيرها اهتماماً في تربيتنا لأطفالنا في مجتمعاتنا العربية، نحن نركز على التعليم والغذاء الجيد، ولا نهتم بالصحة النفسية؛ لذا يجب العمل لزيادة الوعي بأهمية الثقافة النفسية من خلال العمل على تقوية مناعتنا النفسية، فمثلما يكون الفرد حريصاً على زيادة مناعته الجسدية من خلال الرياضة أو تناول الفيتامينات أو غيرها من الوسائل، يجب علينا العمل على زيادة مناعتنا النفسية، من خلال محاولة تطبيق بعض النصائح مثل:

* أحبب نفسك وتقبلها كما هي، ثم ابدأ في تعديل مالا يعجبك، تحمّل نفسك كما تتحمل الآخرين.

* احرص على إقامة علاقات وصداقات طيبة مع الآخرين، وعلى أن تكون محاطاً بعلاقات إيجابية تشعر فيها بالتقبل والاحتواء والأمان.

* تعلم إدارة مشاعرك، فجزء مهم من المناعة النفسية هو مهارة إدارة المشاعر والتحكم في الانفعال والغضب، لا تتخذ قرارات سريعة أو في لحظة غضب، تأنّ وخذ وقتك. خلق لنا الله جزأين في الدماغ أحدهما للعقل والتفكير، والآخر خاص بالمشاعر ويعمل قبل التفكير بدقيقتين، لو انتظرت فقط دقيقتين ستتغير أشياء كثيرة في حياتك.

* عبر عن اتفاقك أو اختلافك مع الآخرين، درّب نفسك على الكلام والبوح، وتحلّ بالبساطة وحس الفكاهة والمرح.

* اعمل على تنمية الثقة بنفسك، افتخر بنجاحاتك في الماضي حتى لو كانت بسيطة فستكون أكبر دافع لك للاستمرار والنجاح.

* تعلم أن تحب وتعبر عن الحب، احبب نفسك والآخرين، فالحب من العوامل التي تزيد من المناعة النفسية والجسدية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"