عادي
لوحة بصرية تعكس معاني القيم والإرث الحضاري

شوارع وساحات «إكسبو» تحكي تاريخ الإمارات

02:57 صباحا
قراءة 4 دقائق

إكسبو 2020 دبي: يمامة بداون

لم يكن مصادفة أن تختزل «شوارع» و«ساحات» إكسبو 2020 دبي تاريخاً حافلاً لدولة الإمارات، وتؤرخ أحداثاً مرت بها، حتى استمدت الأماكن عبقها من أسمائها، وأصبح كل ما يتنقل بين مناطق «إكسبو» الثلاث، عبر طرقات وممرات، تحمل أسماء إماراتية عريقة.

«الخليج» تجولت في الإمارات عبر «إكسبو»، وشاهدت كيف للحضارة والتطور أن تنسجم مع الهوية والتراث، حتى أصبحت تلك الأسماء محفورة في وجدان كل من أقام بالدولة أو مر بها زائراً.

ولأن كل اسم يروي أحداثاً مستوحاة من سكان الدولة الأولين، تأسرك أسماء اللافتات التي تمت عنونتها وفق رؤية ثقافية مشرقة، تشكلت هويتها التاريخية كدولة ملهمة، تتسم بالشموخ والجمال العصري، فعلى امتداد شوارعها النابضة بالحياة والحضارة، نرى نخبة من القصص والحقب والمحطات المهمة في تطور الدولة، حتى أصبحت تمثل تلك الأسماء لوحة فنية وبصرية تعكس في معانيها الكثير من القيم والإرث الإنساني والحضاري ونمط الحياة، وتهدف في جوهرها إلى ربط ماضي الإمارات بحاضرها ومستقبلها، وتعريف زوارها وضيوفها وسياحها بدلالاتها ورمزيتها الحضارية.

وشكلت اللافتات في إكسبو صرحاً تاريخياً للدولة، فهي تتغنى بأسماء «إماراتية» في طرقاتها وحدائقها، حتى تكون شاهدة على النهضة التي جرت في 50 عاماً، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تغنت اللافتات بأسماء عريقة، منها الوصل، هلال الفرسان، الرؤية، القرم، الغاف، اليوبيل، الوادي، الغروب، الشروق، الأمل، الاتحاد، والثريا، والسدر.

قبة الوصل

وأبرز هذه المعالم هي قبة الوصل؛ حيث تتربع في موقع استراتيجي بمنتصف «إكسبو» بوصفها القلب النابض للحدث، ولأن «الوصل» هو الاسم القديم لمدينة دبي، فهو يعبّر عن الأهمية الدائمة للمدينة بصفتها بوابة للوصل بين الشرق والغرب، كما تمثل «الوصل» تجسيداً حقيقياً للتواصل، وتمثل نقطة التقاء لملايين الزائرين من جميع أنحاء العالم، وتجسد شعار «إكسبو» الرئيسي «تواصل العقول وصُنع المستقبل».

ساحة البحر

وتعتبر «ساحة البحر» بوابة استقبال الزائرين تجاه جناح التنقل، التي تضم كل من شارع الأفق وشارع الاتحاد وشارع الثريا، فيما ترحب ساحة الأرض بزوار الموقع من البوابة الرئيسية الواقعة أمام جناح الاستدامة، الذي يضم كل من شارع الأمل وشارع السدر وشارع القرم، أما ساحة الشمس التي يصل إليها الزائرين من بوابة جناح الفرص، فهي تضم كلاً من شارع الغروب وشارع الشروق، كما يضم الموقع شارع الوادي وشارع الحكمة وشارع اليوبيل وشارع الغاف وهلال الفرسان وشارع الرؤية.

حديقة الفرسان

أما حديقة الفرسان، فاستلهم اسمها من التراث الغني الحافل بقصص الفروسية في الدولة، وموضوعها هو الثقافة الإماراتية والرغبة في الارتباط بتاريخ البلاد وفنونها، وقد انعكس ذلك في الممرات وتنسيق الحديقة، وتضم الحديقة مسرحاً مُدرجاً، ومنطقة ألعاب للأطفال ومنافذ لبيع الأطعمة والمشروبات، ومتاجر صغيرة، وأماكن واسعة تلائم كل الاحتفالات التي تقام في الهواء الطلق.

واحة مستدامة

بينما تشكل حديقة ساحة الوصل واحة مستدامة بما تضمه من مساحات خضراء وأشجار ونوافير مائية ومرافق خدمية وترفيهية لاستضافة الزوار والفعاليات الجماهيرية.

كذلك الحال بالنسبة لحديقة الثريا، والتي ترتفع 55 متراً عن سطح الأرض، وهي برج مراقبة و«حديقة طائرة» في الوقت ذاته؛ حيث يقع البرج في حديقة اليوبيل، وطابقه العلوي مزروع بعشرة من أشجار البونسيانا الصفراء، ويتصل بالطابق السفلي المكيّف عبر مجموعة من السلالم؛ إذ تتأقلم هذه الأشجار مع المناخ الحار والجاف لدولة الإمارات، وتشكل جزءاً لا يتجزأ من حدائق دبي وشوارعها.

كما أن تصميم حديقة اليوبيل مستوحى من الوادي، وهو نوع من الأنهار الموسمية يفيض بالماء في الصحراء بعد هطول الأمطار الغزيرة، فيكسو الأراضي القاحلة باللون الأخضر.

تسامح وعطاء

بينما يشكل «شارع الغاف» في إكسبو، امتداداً للثقافة الإماراتية؛ حيث تميز بالعديد من الرموز التي ارتبطت بالتسامح والعطاء والتعايش، ومن بين هذه الرموز شجرة الغاف، التي سبق وقامت الإمارات باختيارها شعاراً رسمياً ل«عام التسامح 2019»، ووصفها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قائلاً: «شجرة الغاف مصدر الحياة وعنوان الاستقرار في وسط الصحراء، كانت ظلالها الوارفة مركزاً لتجمع أجدادنا للتشاور في أمور حياتهم».

كما اهتم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بزراعة الأشجار عموماً، وأشجار الغاف خصوصاً؛ حيث تعد شجرة الغاف واحدة من أكثر الأشجار البرية التي تتحمل درجات الحرارة والجفاف الشديد، وهي تنمو في الإمارات بكثرة مع أشجار القرط والنيم والسدر، كما تتحمل الملوحة العالية ولا تستهلك الكثير من المياه وتتحمّل تقلبات الجو والرياح، وهي ملائمة للزراعة في التربة الملحية الرملية، بما يجعل منها حلاً مثالياً لمشكلة التصحر.

بيئة مائية

أما «شارع القرم»، فتعود أهمية الاسم لارتباطه بغابات من أشجار صغيرة الحجم تنمو في البيئة المائية، تغطي عشرات الكيلومترات من الأراضي الساحلية، وهي جزء لا يتجزأ من النباتات الساحلية في الإمارات؛ إذ تعتبر موطناً لأعداد كبيرة من الأسماك والسلاحف والطيور، كما أن لها العديد من الفوائد، منها الحد من عملية نحت التربة، والقضاء على الملوثات السائلة في المياه وحماية البيئة البحرية التي تنمو فيها الطحالب، وتحسين جودة المياه المحيطة والمساعدة على نمو أنواع مختلفة من الشعاب المرجانية، كما أن نبتة القرم تستخدم كغذاء لكثير من الكائنات الحية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"