هل لـ«كورونا» زمن؟

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

مصادفة كنت أستمع لإحدى الإذاعات، حين بدأ برنامج يناقش «عمليات التجميل والصحة النفسية»، وفي التقديم قالت المذيعة إنه سيسلط الضوء على هذا الموضوع في زمن «كورونا»، ولم أتابع بقية البرنامج، لذلك ليس بوسعي أن ألخص لكم ما قيل بهذا الخصوص، لكن لفت نظري حرص معدّي ومقدّمي البرنامج على تناول موضوع عمليات التجميل وعلاقتها بالصحة النفسية في زمن «كورونا» بالذات.
قلت في نفسي: لم توفر «كورونا» حقلاً من الحقول إلا وطالته بآثارها، فصرنا نسمع ونقرأ عن «الاقتصاد في زمن كورونا»، «البطالة والعمل في زمن كورونا»، «الرياضة في زمن كورونا»، و«الثقافة والفن في زمن كورونا»، وبالطبع «الحب في زمن كورونا» في تنويع على رواية جابرييل ماركيز الشهيرة: «الحب في زمن الكوليرا»، وكل هذا مفهوم ومنطقي، ف«كورونا» كارثة كونية سحبت آثارها على كافة مجالات الحياة، لكن لم يسبق أن خطر في بالي أن يكون لعمليات التجميل أيضاً خصوصيتها في ظروف الجائحة.
في غمرة هذا كله ألا يبدو منطقياً أيضاً أن نطرح سؤالاً غريباً بعض الشيء، هو: «هل لكورونا زمن»، هي التي أجبرت كل مناحي الحياة أن تكيّف أداءها مع زمنها، أي زمن «كورونا»، وسنجد أن الإجابة عن هذا السؤال صعبة على خلاف ما يبدو ظاهراً، فالبديهي أن نقول: نعم! لكورونا زمن، هو الزمن الذي عشناه وما نزال نعيشه منذ عامين إلا قليلاً.
ما لا نستطيع الجزم به هو إلى أي مدى سيمتد هذا الزمن، من المنظور الكوني، الذي لا يتوقف على حال بلد أو مجموعة بلدان، وإنما يطال العالم كله، أي هل اقتربنا من نهاية هذا الزمن «الكوروني»، أم أن في الأفق مفاجآت أخرى غير سارة لا قدّر الله، حكماً مما تشهده بعض البلدان من ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بصورة مقلقة، ما يعني أن شبح الفيروس ما زال يجول في العالم مسبباً القلق والخوف.
سؤال آخر يتفرع عن هذا السؤال يخطر على البال أيضاً، فإذا كان صعباً الجزم بموعد نهاية «زمن كورونا»، فإنه لا يقل صعوبة تحديد متى بدأ هذا الزمن، فما زلنا في حال اللايقين حول هذه البداية، كيف ومتى وأين بالضبط، وسط الغموض المحيط بالموضوع، وما طاله من عمليات «تسييس» تقتضيها صراعات الدول الكبرى ومصالحها.
أكثر من ذلك يصح السؤال عما إذا كان هذا الزمن قد بدأ في ذهن أحدهم، أو مجموعة أذهان، ارتأت تصنيعه لغاية من الغايات، أو أنه مجرد تعبير عن تقلبات الطبيعة مما ألحقه بنو آدم فيها من عبث؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"