عادي
التوتر على أشده في ثلاث جبهات: البحر الأسود وأوكرانيا وحدود بيلاروسيا وبولندا

صراع روسيا والغرب يضع أوروبا على شفا حرب

01:26 صباحا
قراءة 4 دقائق
الفرقاطة الروسية الأدميرال إيسن
رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال نيكولاس كارتر

كتب: المحرر السياسي

تمر العلاقة بين روسيا والغرب بمرحلة حرجة لم تشهدها منذ سنوات، وبلغ مسار «التوتر والاحتكاك» أشده، بعدما أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية تدريباً حربياً جوياً بالاشتراك مع بريطانيا فوق منطقة الاتحاد الأوروبي، عن طريق صواريخ «راف -26» فرط الصوتية، التي قالت واشنطن منذ فترة إنها مخصصة لقهر الأعداء، فيما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هذه المناورات «تحدٍّ خطِر» لبلاده، بالتزامن مع تحذيرات صدرت عن قادة عسكريين من أن الأجواء المصاحبة للمناخ الراهن بين الجانبين تهدد بفتح نوافذ الحرب «صدفة»، بحسب تعبير رئيس أركان الجيش البريطاني، الجنرال نيكولاس كارتر، الذي أكد أن العلاقات بين روسيا والدول الغربية تشهد توتراً غير مسبوق، وهي أكثر جدية مما كانت عليه في عهد الحرب الباردة.

نقاط تماس خطِرة

مناورات وتوترات في البحر الأسود، والحال نفسه بين روسيا وأكرانيا، وأزمة خطِرة بين بيلاروسيا وبولندا بسبب المهاجرين، كلها ثلاث نقاط تماس مرشحة للتصعيد، وربما خطأ بسيط أو سوء تقدير للموقف قد يقود الوضع إلى ما لا يمكن توقعه. وبعد جولة امتدت شهوراً من استعراض العضلات العسكرية للطرفين، والتباهي بالأسلحة المتقدمة والصواريخ فرط الصوتية، تسارع التوتر مؤخراً مع إعلان الولايات المتحدة نشر الصواريخ الأمريكية المتطورة على الأراضي الأوروبية. وقبل هذا التطور، توعدت موسكو، أكثر من مرة، بتنفيذ ضربة انتقامية لا تقتصر على قواعد هذه الصواريخ، إنما تشمل مراكز اتخاذ القرار بإطلاقها.

تحذير روسي شديد

وفي سياق هذا التصعيد، استنكر الرئيس الروسي، استخدام حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لطائرات استراتيجية خلال مناورات في البحر الأسود، ووصفه بأنه تحدٍّ خطِر لروسيا. وصرح فلاديمير بوتن، أمس السبت، بأن تدريبات غير مجدولة لحلف الناتو، في البحر الأسود، تشكل تحدياً خطِراً لبلاده، وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة «فيستي» الرسمية: «إن الولايات المتحدة، وحلفاءها في حلف شمال الأطلسي، يجرون تدريبات لم تكن مقررة مسبقاً في البحر الأسود، ولا تشارك مجموعة بحرية نافذة فحسب في هذه التدريبات، بل كذلك الطيران، بما يشمل الطيران الاستراتيجي، يشكّل ذلك تحدياً خطِراً بالنسبة إلينا»، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن روسيا ستتخذ في حال الضرورة إجراءات رداً على خطوات غير ودية من قبل الناتو والغرب.

وتأتي التصريحات الروسية بعدما أعربت واشنطن والاتحاد الأوروبي، الأسبوع المنقضي، عن قلقهما حيال أنشطة موسكو العسكرية قرب الحدود الأوكرانية.

قلق غربي على أوكرانيا

وحذّر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن روسيا، من ارتكاب «خطأ فادح» آخر بشأن أوكرانيا، في وقت طلبت واشنطن توضيحات بشأن تحرّك الجنود الروس قرب الحدود. كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه حيال الأنشطة العسكرية الروسية قرب الحدود الأوكرانية. وأكد أنه يراقب الوضع مع شركائه بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا.

ولفت ناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن التحرّكات الروسية «غير عادية في حجمها».

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد حذرت الاتحاد من أن روسيا تحصن حشودها العسكرية على حدود أوكرانيا وربما تخطط للغزو، قال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، بيتر ستانو، إن التكتل الأوروبي يتابع التطورات في المنطقة، على الرغم من أن الرأي العام في التكتل يشعر بقلق بالغ من هذه الأوضاع المستجدة، وعبر قراء صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية، عن اعتقادهم بأنه من الضروري ضبط النفس في توازن القوى العالمية، الذي يتم انتهاكه في الوقت الراهن وبالدرجة الأولى من جانب أوروبا والولايات المتحدة. وعلى واحدة من الجبهات المتوترة، قال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، إن بلاده تريد نظام «إسكندر» الصاروخي الروسي ذا القدرة النووية لنشره في جنوب وغرب البلاد. وقال لوكاشينكو لمجلة الدفاع الوطني، إنه يحتاج إلى نظام الصواريخ الباليستية الروسية المتنقلة، والتي يصل مداها إلى 500 كيلومتر، ويمكنها حمل رؤوس تقليدية أو نووية.

خشية من خطأ فادح

وفي خضم التصعيد المتوالي، أكد رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال نيكولاس كارتر، أن خطر اندلاع حرب عرضية بين الغرب وروسيا أكبر من أي وقت مضى، بل هو أكثر احتمالاً مما كان عليه خلال الحرب الباردة، نظراً لغياب العديد من الأدوات الدبلوماسية التقليدية. وقال كارتر، في تصريحات تذاع اليوم الأحد في إذاعة «تايمز» إن خطر تصاعد حدة التوتر أصبح أكبر في العصر الجديد «لعالم متعدد الأقطاب»؛ حيث تتنافس الحكومات لأهداف متباينة ومصالح مختلفة.

وتصاعد التوتر في شرق أوروبا في الأسابيع الماضية بعد اتهام الاتحاد الأوروبي روسيا البيضاء بنقل الآلاف من المهاجرين جواً لخلق أزمة إنسانية على الحدود مع بولندا العضو في الاتحاد، في نزاع يهدد بجر روسيا وحلف شمال الأطلسي إلى مواجهة.

وتابع أنه في أعقاب العالم ثنائي القطب في حقبة الحرب الباردة وعالم الهيمنة الأمريكية أحادي القطب، يواجه الدبلوماسيون الآن عالماً متعدد الأقطاب وأكثر تعقيداً، مضيفاً أن «الأدوات والآليات الدبلوماسية التقليدية» خلال حقبة الحرب الباردة لم تعد متاحة. واستكمل، «بدون هذه الأدوات والآليات، ثمة خطر أكبر بأن يؤدي هذا التصعيد أو ذاك إلى حسابات خاطئة». وقال: «لذلك أعتقد أن هذا هو التحدي الحقيقي الذي علينا مواجهته».

وفي تصريحات لصحيفة «دايلي أكسبرس» قال كارتر: «نعيش في العالم الأكثر منافسة مما كان عليه منذ 10 و15 عاماً. وأعتقد أن المنافسة بين الدول، والدول الكبرى، تؤدي إلى اشتداد التوتر. ويجب أن نكون حذرين، ويجب أن نمنع أن يؤدي الطابع العدواني لعدد من ساستنا إلى وضع يسفر عند تصعيد النزاع عن ارتكاب أخطاء». وترى الصحيفة أن أزمة الهجرة على الحدود البيلاروسية البولندية أصبحت حجة لقلق الغرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"