«الأحوال الشخصية» في مسلسل

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

من أكثر المسلسلات التلفزيونية الرمضانية إثارة للاهتمام والجدل، المسلسل المصري «فاتن أمل حربي»، الذي يكاد يتصدر اهتمام المشاهدين، من الجنسين، وجرى تناوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وإلى حدٍ ما في الصحافة أيضاً، ويعود الأمر، بدرجة أساسية، إلى الموضوع الذي يتناوله المسلسل، وهو قانون الأحوال الشخصية في مصر، ولكن الاهتمام بالمسلسل لا يقتصر على مصر وحدها، وإنما شمل البلدان العربية الأخرى، كون السجال حول مضامين قوانين الأحوال الشخصية قضية عربية شاملة.
ينطلق «فاتن أمل حربي»، الذي أخرجه محمد العدل، من حكاية زواج فاشل دام عشر سنوات، لعب فيه دور الزوج المتحكم وصعب المراس شريف سلامة بإتقان، فيما أدت دور الزوجة المعنفة، وبإتقان أيضاً، نيللي كريم، وأضفى وجود هالة صدقي في المسلسل، في دور صديقة الزوجة، طابعاً مسلياً وخفيف الدم، كسر حدّة مسار الأحداث الصعبة التي تدور في شقة الزوجين أولاً ثم في أروقة المحاكم، مروراً بدار رعاية المعنفات، كون المسلسل يتناول مسائل من نوع الولاية التعليمية للأطفال في حالة الطلاق، وحضانة الأم للأبناء في حال زواجها مرة أخرى.
طبيعي أن ينقسم الرأي حول مسلسل يتناول، وبشجاعة، قضية على درجة كبيرة من الدقة والحساسية، بين معجبين به، ورافضين له، ومن أجل مثل هذا التناول الشجاع للقضية كان لا بد من كاتب من معدن ووزن إبراهيم عيسى، وهو كاتب وصحفي ومقدم برامج مثير للجدل، عرف بمقاربته الجريئة لقضايا مختلفة داخلة في نطاق «التابو» أو المسكوت عنه.
وقرأتُ، والعهدة على من كتب، أن هذا أول عمل درامي يكتبه عيسى، وكونه هو المؤلف فإن ذلك كان مدعاة لاعتراض المختلفين معه على المسلسل برمته، وعلى أحد مواقع التواصل الاجتماعي يصادفنا قول لأحدهم فحواه أنه كان يرغب في متابعة حلقات المسلسل، ولكنه ما إن علم بأن إبراهيم عيسى هو المؤلف صرف النظر، رغم أن منتجي المسلسل يشيرون في مقدمته إلى أنه جرت الاستعانة برأي قضاة شرعيين وأساتذة قانون حول محتواه.
المطالبة بإنصاف المرأة من أوجه التحيّز القانوني ضدها عبر تغيير، أو تعديل، قوانين الأقوال الشخصية قضية مطروحة في بلدان عربية عديدة، سواء كانت هذه المطالبة تنطلق من الرغبة في رفع ما تشكو النساء منه من أوجه عسف، أو من الرغبة في الحفاظ على مكتسبات للمرأة نصت عليها التشريعات المعمول بها في بعض البلدان. ومثال ذلك ما أظهرته مؤسسات المجتمع المدني والحركة النسوية في تونس من رفض وتصدٍ لمحاولات حزب «النهضة» وحلفائه، عندما تمكنوا من مفاصل السلطتين التنفيذية والتشريعية، لتغيير أحكام مجلة الأحوال الشخصية، الأفضل عربياً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"