عادي

الحرائق تهدد الغابات المهملة في إسبانيا والبرتغال

18:57 مساء
قراءة 3 دقائق
مدريد - أ ف ب
في مواجهة حرائق مدمرة تهدد بالتزايد تحت تأثير الاحترار المناخي، يتحتم على إسبانيا والبرتغال الاهتمام بغاباتهما بشكل أفضل، لمنع النيران من التهام عشرات آلاف الهكتارات كل صيف.
واحترق نحو 200 ألف هكتار من الأراضي منذ مطلع العام في إسبانيا، بحسب النظام الأوروبي للإبلاغ عن حرائق الغابات، ما يجعل منها البلد الأكثر تضرراً جراء الحرائق في القارة، تليها رومانيا (149264 هكتارا) وبعدها البرتغال (48106 هكتارات).
وأوضحت مونيكا باريّا من الفرع الإسباني لمنظمة «غرينبيس»، أن انتشار النيران «يتوقف على ثلاثة عناصر: التضاريس والأحوال الجوية والنبات». ومع معدل الأمطار الضعيف منذ أشهر، وموجة القيظ والرياح الشديدة، تقول باريّا: «لدينا حالياً الظروف المثلى لاندلاع حرائق شديدة الكثافة»، مشيرة إلى أن العنصر الوحيد الذي يمكن التدخل بشأنه هو النبات.
وأوضحت أنه «حين يكون النبات جافاً، يؤجج النيران. هذا النبات القابل للاشتعال هو ما يمكننا التدخل حياله»، خاصة من خلال إزالة الأجمات وعيدان الأشجار، وإقامة أشرطة من الأرض خالية من النبات لقطع الطريق على الحرائق، وإشعال حرائق موجهة للقضاء بصورة احتراسية على الأعشاب والأغصان اليابسة والعيدان.
أشجار أكثر مقاومة
لكن من أجل «حصر النار وصولاً إلى وقفها» ينبغي كذلك، برأيها «إقامة أحراش أكثر انتظاماً، وأكثر تنوّعاً لتكون أقوى وأكثر مقاومة»، خلافاً للأحراش الحالية التي تطغى فيها أشجار الصنوبر والكينا، وهي من الأصناف شديدة الاشتعال.
وتكسو الأحراش نحو 36 % من أراضي كل من إسبانيا والبرتغال، وتشكل أشجار الكينا، المعروفة أيضاً بأشجار اليوكاليبتوس، ربع الأحراش البرتغالية.
وإن كان هذا الصنف مورداً مربحاً لصناعة الورق في البرتغال، فإنه غالباً ما يشار إلى دوره في انتشار الحرائق.
ففي هذا البلد كانت أشجار الصنوبر البحري والكينا تشكل 83% من المساحات التي احترقت بين 2011 و2020، بحسب معهد الحفاظ على الطبيعة والغابات.
ويدعو الخبراء وأنصار البيئة إلى زرع أصناف من الأشجار المحلية أكثر مقاومة للنيران مثل أشجار الكستناء والبلوط والقطلب.
وشددت مارتا لياندرو نائبة، رئيس جمعية «كويركوس» للدفاع عن البيئة، على أن «سياسة احترازية حقيقية ستسمح على سبيل المثال بتقديم تشجيع مالي لصغار المنتجين حتى يتمكنوا من الانتظار سنوات عدة لتصبح هذه الأشجار الأكثر مقاومة مربحة، من غير أن يتجهوا تلقائياً إلى أشجار الكينا».
الهجرة من الأرياف
وفي إسبانيا، حيث توصف مساحات كبيرة بـ«إسبانيا الخالية» نتيجة هجرة سكانية كثيفة، كان للهجرة من الأرياف وطأة شديدة السلبية على صيانة الغابات. والواقع أن النيران الأكثر عنفاً في الأيام الأخيرة اندلعت في هذه المناطق تحديداً، ومنها كاستيّا إي ليون، وإستريمادورا.
وتُطرح المشكلة ذاتها في البرتغال حيث حقول عدة متروكة، والغابات تفتقر إلى العناية، والجنبات مملوءة بالعيدان اليابسة. فمالكو الأراضي مسنون، ولا يمكنهم الاستمرار في إزالة الأعشاب والعيدان.
غير أن خافيير مادريغال، من المعهد الوطني للبحث والتكنولوجيا الزراعية والغذائية، يشدد على وجوب حصر النبتات اليابسة التي تسهم في انتشار الحرائق بحدود عشرة أطنان لكل هكتار، ما يوازي كيلوغراماً واحدا للمتر المربّع، في المناطق الحرجة.
وإدراكا منها لهذه المشكلة، لفتت وزيرة التحوّل البيئي الإسبانية، تيريسا ريبيرا، الخميس، إلى أهمية «وجود الإنسان في المناطق الريفية» باعتباره «الحارس الحقيقي للأراضي الواقعة على خط المواجهة الأول طوال العام».
من جهته، دعا وزير الداخلية البرتغالي، جوزيه لويس كارنيرو، الثلاثاء، إلى «تطوير تنمية الأرياف» لمكافحة الحرائق.
وإن كانت آليات تعتمد على الماعز أو الغنم لتدارك اندلاع النيران، معتمدة موضعيّاً في مواقع متفرقة من شبه الجزيرة الإيبيرية، فإن الخبراء يدعون إلى تنمية كثيفة لتربية المواشي على نطاق واسع.
والمطلوب بحسب، لورديس هيرنانديز، من الفرع الإسباني للصندوق العالمي للطبيعة هو «إيجاد نسيج إنتاجيّ في القطاع الأوليّ في هذه المناطق» يكون «مربحاً». وبينت أن صيانة الأراضي «تفترض كلفة لا يمكن السلطات تحمّلها»، كما أن «الوقاية هي استثمار للمستقبل حين ننظر إلى كلفة إخماد الحرائق للهكتار الواحد».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"