عادي

حظر التأشيرات على الروس.. عقوبات أم انتقام جماعي؟

22:58 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: أحمد البشير

أثّرت تداعيات الحرب بأوكرانيا في قدرة المواطنين الروس على السفر، إذ تتواصل المناقشات النشطة بين العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول الحاجة إلى حظر التأشيرات السياحية للمواطنين الروس، فبعد ستة أشهر من الحرب، يجد الاقتراح صدى محبطاً واسع النطاق لدى الجمهور الروسي الذي يبدو أنه إما غير قادر أو غير راغب في التعبير عن معارضة ذات مغزى للحرب التي تشن باسمه.

من خلال حظر التأشيرات، يأمل الاتحاد الأوروبي في زيادة الضغط على موسكو وإنهاء عمليته العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وطرح مشروع قرار بشأن الحظر للنظر فيه كجزء من الحزمة السابعة من العقوبات على روسيا التي تبناها المجلس الأوروبي الشهر الماضي.

وبالفعل، وتحديداً في 26 فبراير، علّق الاتحاد الأوروبي نظام التأشيرات الميسّر مع روسيا، والذي كان يمنح المسؤولين ورجال الأعمال الروس معاملة خاصة. وفي غضون ذلك، استبعدت المفوضية الأوروبية فرض حظر كامل على تأشيرات شنغن السياحية للروس، لأنها تتعارض مع معايير الاتحاد الأوروبي.

وقامت بعض الدول الأوروبية بما في ذلك التشيك وبلجيكا والدنمارك بتشديد أو إيقاف منح وثائق الدخول للروس بعد اشتعال الحرب في أوكرانيا، فيما دعت لاتفيا وليتوانيا إلى حظر إصدار التأشيرات للسياح من روسيا على مستوى الاتحاد الأوروبي.

وتأشيرة «شنغن» هي تأشيرة إقامة قصيرة الأمد تسمح لأي شخص يحملها بالسفر إلى أي دولة في الاتحاد الأوروبي مع إمكانية إقامته فيها لمدة تصل إلى 90 يوماً لأغراض السياحة أو العمل.

إلا أنه وفي حال ألغى الاتحاد الأوروبي منح طلبات التأشيرة للروس، فإنه بذلك سيخسر أكبر سوق لطلبات «شنغن» في العالم. وشهد السوق الروسي ذروته في عام 2013، عندما تقدم أكثر من 6.89 مليون روسي للحصول على تأشيرات شنغن، وهو ما مثل 39% من إجمالي تأشيرات الدخول في ذلك العام والتي بلغت 17.25 مليون تأشيرة.

وفي عام 2019، أي قبل جائحة «كوفيد-19»، قدّم الروس أكثر من 4.13 مليون طلب لقنصليات الدول الأطراف في اتفاقية «شنغن»، وهو ما مثل 24% من إجمالي طلبات التأشيرة البالغ 16.92 مليون طلب.

وفي عام 2020، كانت هناك طلبات من روسيا للحصول على التأشيرة الأوروبية بلغ عددها 654 ألف طلب.

حظر السفر

وتؤيد بولندا حظر تأشيرات شنغن على الروس على مستوى الاتحاد الأوروبي، إذ أعلن نائب وزير الخارجية البولندي، بيوتر وارزيك، مؤخراً أن وارسو تعمل أيضاً على تطوير حل يسمح لها برفض منح التأشيرات للروس بشكل كامل، وقال: «يمكننا أن نتوقع قراراً بشأن هذه المسألة في الأسابيع المقبلة».

وفي الحادي عشر من أغسطس الجاري، حظرت إستونيا دخول حتى المواطنين الروس الذين يحملون تأشيرات شنغن الصادرة عن السلطات المحلية. وقال وزير الخارجية الإستوني، أورماس رينسالو: «قررت الحكومة، بناءً على اقتراح من وزارة الخارجية فرض عقوبة على تأشيرات شنغن سارية المفعول التي تصدرها إستونيا للمواطنين الروس. وسيتم منعهم من دخول البلاد».

وبعد بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، علّقت ليتوانيا إصدار تأشيرات شنغن للمواطنين الروس، وجاء في إعلان على صفحة وزارة الخارجية الليتوانية على «تويتر»: «كدليل على التضامن مع الشعب الأوكراني، أوقفت وزارة خارجية ليتوانيا إصدار التأشيرات لمواطني الاتحاد الروسي». ومؤخراً، أيدت التشيك، اقتراحاً بحظر التأشيرات على مستوى الاتحاد الأوروبي للمواطنين الروس. وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي في بيان: «إن التوقف التام لمنح التأشيرات للروس من قبل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد يكون عقوبة أخرى فعالة للغاية».

كما دعت رئيسة الوزراء الفنلندية، سانا مارين، إلى حظر التأشيرات السياحية للروس على مستوى الاتحاد الأوروبي، وقالت إن «الشعب الروسي لم يبدأ الحرب لكن في الوقت نفسه علينا أن ندرك أنه يدعم الحرب»، مضيفةً: «ليس من العدل أن يتمكن المواطنون الروس من دخول أوروبا ومنطقة شنغن كسياح، بينما تقتل روسيا الناس في أوكرانيا».

وستخفّض هلسنكي عدد التأشيرات السياحية الروسية التي تصدرها بنسبة 90% بسبب تزايد الاستياء من الحرب على أوكرانيا.

تباين في الآراء

ومع ذلك، يوجد تباين في مواقف دول شمال أوروبا وألمانيا بشأن تقييد منح التأشيرات السياحية للروس، إذ رفض المستشار الألماني، أولاف شولتز، تلك الدعوات، قائلاً إن فرض حظر شامل على تأشيرات دخول الروس «أمر يصعب تخيله، وأضاف في تصريحات أدلى بها مؤخراً: «كان قراراً مهماً من جانبنا بفرض عقوبات على المسؤولين عن الحرب وضد العديد من الأثرياء الموالين للحكومة الروسية وأولئك الذين يستفيدون مالياً واقتصادياً من نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».

وقال:«سنواصل القيام بذلك، لكنني أعتقد أنها ليست حرب الشعب الروسي، إنها حرب بوتين»، معتبراً أن تقييد التأشيرات السياحية من شأنه معاقبة كل من يهرب من موسكو لأنه يختلف مع النظام الروسي.

كما أن هنالك بلداناً أخرى لا تدعم فرض حظر على سفر الروس إليها، فمن المرجح أن تعارض الدول التي تربطها علاقات وثيقة تقليدياً بروسيا، مثل المجر، بشدة هذا القرار، في الوقت التي تقول فيه ألمانيا التي ترحب على أرضها بإحدى أكبر الجاليات الروسية، إن هذه الخطوة ستقسم العائلات وتعاقب معارضي الحرب الذين غادروا موسكو بالفعل.

وشككت المفوضية الأوروبية أيضاً في جدوى حظر السفر الشامل، قائلةً إنه يجب منح فئات معينة من المسافرين، بما في ذلك أفراد الأسرة والصحفيون والمعارضون، تأشيرات في جميع الظروف.

وأثارت الدعوات التي وجهتها أوكرانيا وبعض الدول الأعضاء إلى الاتحاد الأوروبي لفرض حظر شامل، رد فعل غاضباً من الكرملين، إذ قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن أي محاولة لعزل روسيا أو الروس هي عملية ليس لها آفاق، مضيفاً أنها أظهرت «عدم عقلانية في التفكير».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2raxvrm2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"