عادي

تعليم القرآن الكريم بالصور

21:54 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

عندما كنت طالباً في جامعة الأزهر الشريف في مصر، كنت أشتري أمهات الكتب المؤلفة من أجزاء عدة، وكنت كلما اشتريت كتاباً بدأت في قراءته حتى آخر مجلد، وبعده أشتري كتاباً آخر.

وكان من تلك الكتب «تفسير الجواهر» للعلامة الطنطاوي الجوهري، وهذا التفسير كان يتميز عن سائر التفاسير، بأنه تفسير مصور.

بمعنى أنه إذا فسر سورة النحل أو النمل، شرح الآيات شرحاً لفظياً، ثم تطرق إلى مملكة النحل أو قرى النمل، فصورها وتناول أحوال النحل أو النمل بالتفصيل، وهكذا كان يفعل مع الآيات الكونية والعلمية؛ حيث إنه يكتب صفحات عن المجرات والكواكب، وجسم الإنسان والحيوان وغيرها من الدقائق المشفوعة بالصور.

كنت أستغرب قليلاً؛ إذ كيف يضع الصور في كتاب التفسير؟ لكن كنت أستمتع بقراءته، لأنه رغم إطالته لا يمل من القراءة.

سُئلت عن حكم تعليم الناشئة القرآن الكريم بالصور، فتذكرت ذلك التفسير فقلت: إذا كنت أنا الكبير أستمتع بالقراءة المصورة، فكيف الصغير لا يستمتع؟ نعم، إنه يستمتع ويستوعب أكثر، لأن الصور تقرب المعنى إلى الذهن، ولا سيما في صفوف المرحلة الابتدائية الدنيا؛ حيث إن تلاميذها يلتفتون إلى الصور وإلى التلوين أكثر.

وما المانع إذا كان الهدف أن يُسَهل الحفظ على الصغار، وأن يربط المقروء بالملموس المشاهد؟

قد أفتت هيئة الإفتاء في قطاع الإفتاء والبحوث الإسلامية في دولة الكويت بالجواز أيضاً، لكن بشروط مثل:

- ألا يصور الأنبياء عليهم السلام.

- ألا تصور الملائكة عليهم السلام.

- ألا يصور الخلفاء الراشدون الأربعة: أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله تعالى عنهم.

- ألا تصور زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، وهنَّ أمهات المؤمنين، رضي الله تعالى عنهنَّ أجمعين.

- ألا تصور بنات النبي، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنهنَّ.

ثم بعد ذلك أجازت الهيئة تصوير الصحابة والأئمة والعلماء رحمهم الله تعالى، لكن بشروط أيضاً مثل:

- ألا يقصد بتصويرهم التقديس والتعظيم.

- ألا يمتهنوا من خلال الصور.

- أن يكون تصويرهم لمصلحة مشروعة لا من أجل مربح مادي بحت.

- أن تراجع النصوص قبل تمثيلها. ولا تصور من ضمنها النساء.

- أن يتحروا الدقة في التصوير؛ بحيث إن الصورة تقرب الشكل الحقيقي للشخص المصور.

- أن يُراعى وضع الآيات القرآنية فوق الصور لا تحتها.

- أقول: هذه الشروط لا شك أنها تكفي؛ إذ تقيد أهل التنفيذ بها عند التنفيذ، لكني أفضل وأرجح عدم تمثيل الصحابة ولا الأئمة الكبار، لأننا لا يمكن أن نفي بحقهم، ونقوم بدورهم، لا في القول ولا في الفعل.

ثم إن الصور ترسخ في الأذهان، فكيف لو مثل أحدهم دور عمر بن عبدالعزيز أو دور رابعة العدوية، ثم رؤي ذلك الشخص في أدوار أخرى، وهو يشرب الخمر، أو هي ترقص مثلاً؟

ألا يحصل اضطراب عند المشاهد، ويفقد ذلك الشخص الذي مثل ذلك الدور مصداقيته، ويجعل ذلك الصحابي أو ذلك الصالح محل شك أيضاً؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jbnxx5r

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"