عادي

المرأة ووسائل التجميل

21:52 مساء
قراءة 3 دقائق
1

د. عارف الشيخ

يقف بعض الرجال موقف المتشدد من المرأة إذا كانت تأخذ بوسائل التجميل الحديثة، مستدلاً بحديث: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله»، رواه البخاري ومسلم.

لكن هذا الحديث ينبغي ألا يفسّر تفسيراً ظاهرياً، ومطلقاً غير مقيد، لأنه هو علّل اللعن في نهاية الحديث بعلة، ألا وهي تغيير خلق الله تعالى.

لذلك يقول الشيخ عبدالحليم محمد أبو شقة في كتابه «العظيم» ج5 ص 190: «إن لكل عصر طريقته وأدواته في التجميل، وما ورد من طرق وأدوات كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينزل بها وحي من السماء، وإنما كانت مما تعارف عليه الناس وأقرها الشرع».

وعلى ذلك، فكثير من صور وأدوات التجميل الحديثة، لا حرج على المرأة المسلمة إذا مارستها، سواء كانت لتجميل العينين أو الوجنتين أو الشفتين أو اليدين أو القدمين، ما لم تكن من مادة تحول دون إسباغ الوضوء ووصول الماء إلى البشرة.

ثم يذكر حول الحديث الذي ذكرناه آنفاً، بأن بعض الفقهاء اتجه إلى استثناء بعض طرق التزين من دائرة النهي، إذا كانت برضا الزوج ولإدخال السرور عليه، أو كانت لعلاج عيوب بدنية.

ويذكر ابن حجر العسقلاني رحمه الله في «فتح الباري على البخاري» ج 12 ص 497 عند شرحه لحديث: لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، قائلاً: «وذهب الليث ونقله أبوعبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، أما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي، إلى أن قال: «وفصل بعضهم بين ما إذا كان ما وصل به الشعر من غير الشعر مستوراً بعد عقده مع الشعر، بحيث يظن أنه من الشعر، وبين ما إذا كان ظاهراً، فمنع قوم الأول فقط لما فيه من التدليس، وهو رأي قوي، ومنهم من أجاز الوصل مطلقاً، سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر، إذا كان بعلم الزوج وبإذنه».

وذكر ابن حجر أيضاً في «فتح الباري» ج12 ص 500 قائلاً: «وقد أخرج الطبراني من طريق أبي إسحاق عن امرأته أنها دخلت على عائشة وكانت شابة يعجبها الجمال فقالت: المرأة تحف جبينها لزوجها، فقالت عائشة أميطي عنك الأذى ما استطعت».

إذن الحديث وكل الأحاديث التي وردت في هذا الباب، يجب أن يفهم منها المنع إذا كان بهدف الغش والتدليس، أما إذا كان بهدف إدخال السرور على الزوج، فجائز بل واجب، لأن الزوجة واجبها أن تحصن زوجها من الوقوع في الحرام، والمرأة يجب أن تختلف عن الرجل في زينتها، وإذا كانت مشعرة، على سبيل المثال في وجهها وفي سائر جسمها، فما المانع من أن تتجمل وتتزين حسب متطلبات العصر، ووسائل العصر؟

المهم ألا تخرج بزينتها إلى الرجال الأجانب، قال تعالى: «ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن» إلى آخر الآية رقم 31 من سورة النور.

نعم، ومن الظلم أن تطلب الزوجة من زوجها الطلاق، بسبب أنه يطلب منها حف شعر وجهها أو ترقيق حاجبيها، مع العلم بأنها تلبس النقاب ولا يراها أحد غير محارمها.

في الواقع إننا اليوم في حاجة إلى فهم أكثر عصرية، لكي نستطيع أن نحافظ على ما تبقى في أيدينا، من أمور ديننا، والحديث يقول: «هلك المتنطعون».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yfhnkzwn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"