الإمارات تقود العالم لتعزيز حرية التجارة

20:58 مساء
قراءة 4 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي*

أعلنت منظمة التجارة العالمية، في بيان، يوم 19 ديسمبر/ كانون الأول، أن المؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة سينعقد في أبوظبي في فبراير/ شباط 2024. ويلتقي وزراء التجارة من 164 دولة أعضاء في المنظمة كل عدة سنوات، في مؤتمر وزارين ويسعون إلى الاتفاق على قواعد تجارية عالمية جديدة، ما يضع دولة الامارات في قلب المحادثات التي ستشكل مستقبل التجارة العالمية. ويعتبر المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية أحد أهم الأحداث في مسيرة منظمة التجارة العالمية الحديث، في وقت يبدو فيه أن التجارة الحرة باتت كبش فداء في بعض الدول عند الاختيار بين الشعوبيين والديماغوجيين.

وما يعبّر بوضوح عن أهمية دور الامارات العالمي في استضافة ذلك المؤتمر باعتباره سيشكل مستقبل التجارة العالمية، ما أكدته القيادة الإماراتية الرشيدة؛ إذ قال صاحب السموالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: «تقع دولة الإمارات في قلب خريطة التجارة الدولية وتمثل جسراً بين أركان العالم، ونواصل تعزيز هذه المكانة عبر شراكات مستدامة، وفي عام 2024 نستضيف المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، وسنعمل إلى جانب 164 دولة، على إطلاق حقبة جديدة من حرية التجارة لخير الإنسانية». إلى ذلك، قال صاحب السموالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «164 دولة في منظمة التجارة العالمية ستعقد محادثات تطوير التجارة العالمية في بداية عام 2024 في دولة الإمارات، نرحب بالدول المشاركة، ونرحب بمنظمة التجارة العالمية، وندعم كل التحركات الدولية التي تضمن التدفق الحر للسلع والخدمات بين مختلف دول العالم وتحمي مستقبل التجارة العالمية».

إن اختيار دولة الامارات لاستضافة المؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة يعبّر عن الثقة العالمية في قيامها بقيادة دول العالم نحو تحقيق الأهداف المرجوة.

وإن الثقة العالمية بالإمارات ترجع إلى العديد العوامل من أهمها:

أولاً: ان ذلك الاختيار جاء انعكاساً واضحاً لتأثير الإمارات المتنامي في إعادة تشكيل خريطة التجارة العالمية، ويمثل التزام الامارات المستمر بحشد الجهود الدولية لمواجهة التحديات الاقتصادية. وحشد جهود المجتمع التجاري العالمي لتعزيز دور منظمة التجارة العالمية كمنتدى للمفاوضات التجارية وصنع القوانين، وتنشيط مهام حل النزاعات والتحكيم، وتبنّي الرقمنة وسياسات التجارة الرقمية الاستراتيجية، ومعالجة الإعانات المشوهة للسوق بالتزامن مع حماية مصالح الدول الناشئة.

ثانياً: تعكس استضافة المؤتمر مكانة الإمارات كداعم رئيسي لحرية تدفق التجارة والاستثمار بين مختلف دول العالم، كما أنها تتويج للقفزات النوعية التي حققتها الإمارات من حيث النمو الاقتصادي والتنويع على مدى العقود الأخيرة، والتي كانت محورية في الرؤية الطموحة للدولة لإطلاق عصر جديد من التنمية الاقتصادية المستدامة. واعترافاً من المجتمع الدولي، بما تشهده دولة الإمارات من تحول طموح في اقتصادها، وتسريع إنتاجها الصناعي، ودمج التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز صناعات المستقبل، وتطوير قدرات جديدة في قطاعات مثل الطاقة المتجددة واستكشاف الفضاء. مع قناعة المجتمع الدولي وإشادته برؤية القيادة الإماراتية التي وضعت التجارة في صدارة الرؤية الاقتصادية الجديدة لدولة الإمارات، في تأكيد على دورها كمحفز للنمو والازدهار، والتنمية الاجتماعية، والثقافية، والصناعية، وحرص الإمارات على توسيع علاقاتها مع المجتمع الدولي لتسريع التدفقات التجارية والاستثمارية وتحفيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم. وتعكس اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي أبرمتها الدولة مع العديد من الدول، وتلك التي سيتم إبرامها مع اقتصادات حيوية وذات أهمية استراتيجية حول العالم، إيمان الامارات بالتعددية والتزامها بخلق فرص جديدة للمصدرين والمصنعين والمستثمرين. ودفعها باتجاه رفع القيود المفروضة على التجارة في الخدمات تدريجياً، ورفض جميع أشكال الحمائية والتمييز، وتعزيز الشفافية.

ثالثاً: إن ذلك الاختيار للإمارات يعكس ثقة عالمية بأنها ستسعى نحو مبادرات من شأنها أن تسهل المدفوعات عبر الحدود، وتقلل من المخاطر وتضمن الوصول الشامل إلى نظام التجارة العالمي للاقتصادات النامية في جميع أنحاء العالم.

رابعاً: تعد استضافة المؤتمر إنجازاً مهماً يؤكد مكانة الإمارات كمركز اقتصادي عالمي رائد. ما يعزز من مكانة الدولة كوجهة أولى رائدة مفضلة مع ما تمتلكه من مقومات وقدرة على تنظيم واستضافة كبريات المؤتمرات والفعاليات العالمية. وبفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي المتميز الذي يربط العالم، شكلت الإمارات جسراً طبيعياً وناجحاً لعمليات التجارة، الأمر الذي يجسده عقد اجتماعات منظمة التجارة العالمية في العاصمة الإماراتية. ولا أدلّ على أهمية التجارة الحرة في ازدهار المجتمعات اقتصادياً، وتحسين مستوى المعيشة، علاوة على أثرها الحاسم في معركة النفوذ العالمية، من تلك الانتقادات اللاذعة التي وجهتها مراكز دراسات أمريكية لاستراتيجية الأمن القومي التي أعلنتها إدارة الرئيس بايدن باعتبار أن هناك أداة رئيسية مفقودة فيها، وهي التجارة الحرة. ورأت أن هذا الإغفال صارخ بشكل خاص؛ لأن الصين تدين بصعودها إلى نجاحها كقوة تجارية. لاسيما وأن الإدارات الأمريكية السابقة أدركت أن التجارة كانت مفتاح الهيمنة الأمريكية العالمية.

*كاتب وأكاديمي مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/48zervaw

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"