«السنع الإماراتي»

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يقول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه: ترك لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نفخر به ونحافظ عليه ونطوره ليبقى ذخراً لهذا الوطن الغالي وللأجيال القادمة.
إن مجتمعنا الإماراتي يحافظ على العادات والتقاليد التي شكلت هويته والتي يتوارثها جيلاً بعد جيل، فنحن أبناء الوطن لم ولن نفرط في موروثنا الحضاري، لأننا حريصون على التمسك والالتزام به، فقد استقاه الأجداد من ثقافتهم العريقة وحافظوا عليه من خلال نقله إلى أبنائهم لتطبيقه في حياتهم.
 ولقد استخدم أجدادنا كلمة «السّنع» والتي كانت تُمثل دستور الأخلاق الذي يحكم تصرفات الفرد، وحِكمة التصرف وحسن اختيار الكلمات وهو مرادف لكلمة «التربية» في يومنا هذا، ومن مبادئ «السّنع»، الترابط الأسري، وحسن التعامل، والتسامح واحترام الآخرين وحسن الضيافة وآداب التخاطب.
وبجهود دولتنا الحبيبة لقد تم إحياء كلمة «السّنع» وقيمها في المجتمع الإماراتي عبر العديد من المبادرات الوطنية التي تؤكد أن القيم الأخلاقية ثابتة في جذورنا وتراثنا، وهذه المبادرات هدفها نشر سلوكيات «السّنع» وشرحها للجيل الإماراتي الواعد، فمثلاً من سلوكيات «السّنع»، «سنع المجالس» ويعني التصرفات المقبولة في المجالس ومنها خلع النعال قبل الدخول والبدء بالسلام على الحاضرين من جهة اليمين وترحيب أهل المجلس بكل من يدخل بالوقوف والسلام عليه، بينما يتمثل «سنع الضيافة» بكل ما يتعلق بالولائم وتقديم الطعام والشراب للضيوف أو ما يُسمّى (بالفواله) وخصوصاً في المناسبات الاجتماعية أو استقبال الضيوف والبدء في تناول الطعام بعد أن يقول المضيّف «سمّواً» وتجنب استخدام يده اليسرى لتناول الطعام ولا ينهض المُضيف عن الوليمة قبل أن يفرغ الضيف من تناول طعامه، وعلى الضيف بعد الانتهاء من طعامه قول «أكرمكم الله» أو«كثّر الله خيركم وزادكم من زوايدِ الخير».
 ومن التطبيقات العملية «لسنع صب القهوة» الذي يعد عنوان الضيافة العربية الأصيلة، الإمساك بالدلة باليد اليسرى وتقديم الفنجان باليد اليمنى وهزّه إذا اكتفيت، وأن يتأكد صاحب المجلس أن قهوته ساخنة وخالية من أي شوائب؛ حيث يعد تقديم القهوة الباردة أو العكرة انتقاصاً بمكانة الضيف.
فالسّنع يكشف عن معاني مُعبرة عن أسرار التعامل الناجح مع الآخرين فإذا أردنا أن نكون مقبولين من قبل الوسط الاجتماعي الذي ننتمي إليه وجب علينا معرفة الممارسات السلوكية اليومية واللبقة، فهي تعمل على تعزيز الهوية الوطنية والشعور بالانتماء عن طريق التعرف إلى الموروثات الشعبية ودورها في التماسك الاجتماعي وتصحيح بعض المفاهيم والقيم السلوكية الدخيلة، فالسّنع ما هو إلا تجسيد للذوق الرفيع في التعامل الاجتماعي والإنساني بين أفراد المجتمع المتماسك المتحاب.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2b4kcx7t

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"