صندوق الأضرار والخسائر.. انطلاقة مهمة ولكن..

00:00 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد*

مرت عدة أشهر على قرار مؤتمر الأطراف السابع والعشرين الذي عقد في شرم الشيخ نهاية عام 2022، بتشكيل لجنة انتقالية لوضع التفاصيل الإجرائية الخاصة بانشاء صندوق الخسائر والأضرار (Loss &Damage Fund)، الذي كان الإنجاز الأهم ليس للمؤتمر وحسب، وإنما للدول النامية عموماً، منذ بدء مفاوضات المناخ قبل 30 عاماً. على أساس أن حكومات العالم وافقت أخيراً على إنشاء هذا الصندوق الذي سيكرَّس لمساعدة الدول على التعافي من الحوادث المناخية المتطرفة، لاسيما الدول النامية الأكثر عرضة للكوارث المناخية الطبيعية. ولحسن الحظ، قررت الجهات المختصة بملف تغيّر المناخ في الأمم المتحدة تحديد موعد لعقد أول اجتماع لهذه اللجنة قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP-28) في مدينة إكسبو دبي، خلال الفترة من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، إلى 12 ديسمبر/ كانون الأول 2023. وقد حددت الأمم المتحدة تاريخ 15 ديسمبر 2023، موعداً لتقديم حكومات الدول الأعضاء في اللجنة مرشحيها. وقد تم توزيع أعضاء اللجنة البالغ عددهم 24 عضواً، على أسس جغرافية، والإمكانات المالية للدول الأعضاء في اتفاقيات المناخ. وتم تحديد الفترة من 27 إلى 29 مارس/ آذار 2023 لعقد الاجتماع الأول للجنة في الأقصر في مصر. على أن تسبق هذا الاجتماع، خلوة يعقدها وزير خارجية مصر، سامح شكري، بوصفه رئيسا ل «COP-27»، يومي 24 و25 مارس 2023. وبالفعل اكتمل نصاب اللجنة بكامل أعضائها ال 24، بتقديم كل الحكومات لمرشحيها، بما في ذلك مرشحي منطقة آسيا والباسيفيكي الذين تأخر وصول أسمائهم بسبب صعوبة التنسيق بين حكومات أكبر منطقة إقليمية ذات وزن هائل ومتنامي،.
وقد ضمت اللجنة 10 أعضاء من الدول المتقدمة و14 من الدول النامية، منهما دولتان من الدول الجزرية الصغيرة ودولتان من الدول النامية الأقل نمواً (Least developed countries – LDC). ولحل مشكلة التمثيل الضيق للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيّر المناخ واتفاق باريس للمناخ (199 دولة)، عينت المجموعة ممثلين من أكثر من دولة للحضور والمشاركة بالتناوب في جلسات اجتماعات اللجنة. فمن منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تم التوافق بين 6 دول رئيسية للمشاركة في حضور ثلاثة اجتماعات مخطط لها هذا العام؛ حيث ستتشارك كل من الهند والفلبين والمملكة العربية السعودية، في مقعد واحد، بينما ستتشارك الصين وكوريا الجنوبية وباكستان المقعد الآخر. والمجموعة لديها ثلاثة مقاعد، بما في ذلك مقعد واحد مخصص لممثل دولة الإمارات التي ستستضيف مؤتمر الأطراف القادم، وستترأس دورته الثامنة والعشرين. ومجموعة آسيا والمحيط الهادئ ليست الوحيدة التي كان عليها تقديم تنازلات في ما يتعلق بالتمثيل في اللجنة. ودول من أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي والدول الغنية، هي الأخرى تعيّن عليها تبادل تقديم التنازلات والتوافق على التمثيل المتناوب في اجتماعات اللجنة. ما سيسمح لمزيد من الحكومات بالانضمام والمشاركة في نقاشات اللجنة.
 الموضوع، كما نلاحظ في غاية الدقة والحساسية، نظراً للأهمية القصوى التي تنطوي عليها مخرجات عمل هذه اللجنة الانتقالية التي سترفع توصياتها إلى مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP-28) في الإمارات، ومنها تحديد الدول التي تتعيّن عليها المشاركة في تمويل الصندوق، والدول التي يجب أن تستفيد من تمويله، والجهة التي ستدير عمل الصندوق وتشرف على كيفية إنفاق الأموال على الأرض. ودلت التعقيدات التي أحاطت بعملية التمثيل في اختيار أعضاء اللجنة، مدى الصعوبة التي ستكتنف عمل اللجنة أولاً، وعمل الصندوق ثانياً. وستعقد اللجنة اجتماعين آخرين (إضافة إلى اجتماع الأقصر)، قبل رفع توصياتها لمؤتمر الأطراف في دولة الإمارات. وطبيعة عمل هذا الصندوق، تختلف عن بقية صناديق التمويل المعنية بتمويل قضايا المناخ، مثل صندوق المناخ الأخضر «Grean Climate Fund»، وصندوق التكيف «Adaptation Fund».
والصندوق الجديد مصمم للاستجابة للاحتياجات الفورية للدول التي ستتعرض لأضرار وخسائر نتيجة كوارث طبيعية متطرفة، وبالتالي فهو يختلف عن التمويل المناخي الآخر، والذي يعتمد على التمويل طويل الأجل لمشاريع محددة سِمتها البطء والتدرج في صرف الأموال للدول المستحقة. ما يعني أن صندوق الأضرار والخسائر يُفترَض أن يبدأ تحركه عندما يحتاج بلد ما إلى مساعدة عاجلة في أعقاب حدث يتسبب في خسائر اقتصادية، وخسائر أخرى لمساعدته للوقوف على قدميه من جديد. لذلك سوف يتعين على ممثلي الدول النامية في اللجنة الانتقالية خلال اجتماعاتها الثلاثة، أن تولي اهتماماً لكل القضايا المدرجة على جدول أعمال اللجنة، ومنها التنبه لمحاولة ممثلي الدول المتقدمة العشرة في اللجنة، ربط عمل هذا الصندوق بمرافق التمويل المناخي الأخرى، وكذلك لموضوع تشكيلة الصندوق التنفيذية والإدارية؛ وكذلك العمل على تجنب الوقوع في تعقيدات معايير ومدة تقديم التمويل، كما هو حادث في صندوق المناخ الأخضر، وصندوق التكيف.
* خبير اقتصادي بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/589b9j5c

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"