الخير بالخير والبادئ أرحم

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يحتفي المجتمع الإماراتي في كل عام بيوم زايد للعمل الإنساني، ليؤكد أن أعظم إرث قد تحظى به الشعوب والأمم هو القيم الأصيلة التي أرساها الآباء المؤسسون، كونها تشكل جوهر ثقافة المجتمع وبوصلة أفعاله ومقياساً مستداماً لممارساته، فيحفظ بواسطتها منجزاته ويحمي صورته ومكانته التي تحققت بسمو الخُلق وعظمة الفعل، فإذا كانت الموروثات المادية متغيرة، تتبدل مع الزمن، تنقص أو تزيد بحسب الظروف، فإن القيم الموروثة مثل الغرس الطيب، دائم النمو والخضرة والثمر.
في يوم زايد للعمل الإنساني، نستذكر أيضاً ما علينا من واجبات ومسؤوليات تجاه مسيرته، وما حققه من منجزات ننعم بها حتى اليوم، ولعل أول هذه الواجبات هي ألا ننسى أنّ في هذا العالم من هم محرومون من أبسط مقومات الحياة، وأن النعم الصغيرة التي نعتبرها من المسلّمات وقد لا نفكر بها في غمرة الحياة اليومية، مثل توافر الغذاء والماء والملبس والمأوى والأمان، تشكل حلماً كبيراً يكاد يكون مستحيلاً بالنسبة لملايين البشر الذين ساءت ظروفهم، بسبب أحداث قاهرة خارجة عن إرادتهم، حتى الأدوات البسيطة التي لا ننتبه لأهميتها فنستخدمها أو نهملها وأحياناً نتخلص منها، تشكل فارقاً نوعياً في حياة مئات الآلاف من المحرومين.
إن سيرة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليست مجرد أفعال من التاريخ، بل هي دروس وعبر متواصلة، نتعلم منها كل يوم وليس كل عام، نتعلم منها أن ما بين أيدينا من خير فيه حق للمحتاجين والمحرومين، وأن العطاء هو جزء من الشكر على النعم، ووسيلة للحفاظ عليها وتنميتها، ونتعلم أيضاً أن الحياة قائمة على العطاء المتبادل، فعندما وقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى جانب شعوب المنطقة والعالم، رُدّ إلينا ذلك ثقة وتقديراً ومحبة.
واليوم عندما نقدم ما نستطيع للمحتاجين واللاجئين، فإن لديهم الكثير مما يقدمونه للعالم، وفي مقدمة ذلك الشعور بالانتماء للمجتمع الإنساني ومشاركتهم في تطويره، فلا ننسى أن أعداد اللاجئين والمحتاجين يصل إلى مئات الملايين، وهذا يعني عشرات الآلاف من المواهب والكفاءات، وعشرات الآلاف من الأطباء والمهندسين، والكثير الكثير من العلماء والأدباء والمخترعين، قد نلتقي مع أحدهم يوماً ما وقد لا نلتقيهم أبداً، ولكن حتماً سنلقى منهم الكثير من الخير الذي سينشروه مستقبلاً، بين عائلتهم ومجتمعهم وأوطانهم وهذا أسمى ما نريده.
إن مسيرة زايد لا نهاية لها، لأنها مسيرة خير مرتبطة بالحكمة وبُعد النظر والصبر والإيثار، مسيرة خير غُرس منذ عشرات السنين في القلوب ليزهر اليوم خيراً مقابلاً في جميع أنحاء الأرض، مسيرة كانت وستبقى تناشد لمناصرة الإنسان أينما كان ولسان حالها يقول: الخير بالخير والبادي أرحم.
مدير مؤسسة القلب الكبير

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/jvk3wjfd

عن الكاتب

مديرة مؤسسة القلب الكبير

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"