لعبة دعائية ليس إلا

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

كيف يمكن أن يكون رد فعلك، حين تقرأ أو تسمع، أن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك ومعه مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي، يحذرون من التمادي في تطوير الذكاء الاصطناعي، وكثرة الاعتماد عليه، وأنت تعلم أنهم الممولون والمبتكرون والباحثون والمدافعون نحو الترويج لعالم قائم على التقنيات الحديثة والعقل الإلكتروني؟ من نصدق، إيلون ماسك صاحب الشركة التي أطلقت سيارة تيسلا الإلكترونية، أم ماسك الخائف أو القلق من كثرة اعتماد الإنسان على الذكاء الاصطناعي والروبوت؟ 
كبشر عاشوا في زمن الانتقال من الحياة العادية المستعينة والمستفيدة بنواح عدة من تطور التكنولوجيا، ثم أقلقهم هذا الاجتياح المكتسح للتكنولوجيا الذي طال كل مناحي الحياة، وقفز إلى حد توظيف الرجل الآلي، والمرأة الآلية، مكان أشخاص من لحم ودم. يستغربون اليوم أن يكون «قادة» هذا الاجتياح، والمساهمون في سرعة غسل أدمغة الناس به، وإبهارهم بشتى الوسائل، كي يستسلموا ويسلموا عقولهم لكل الوسائل الإلكترونية، هم أنفسهم الذين ينشرون تحذيرات من تلك التقنيات، وكأنهم يؤكدون أن «طباخ السم لا يتذوقه»؛ وقد سبق أن قدّم بيل غيتس خير نموذج لهذه الحقيقة، حيث فرض على أولاده، حين كانوا صغاراً، عدم استخدام الهاتف النقال، إلا في أوقات محددة وقليلة في اليوم، محذراً من كثرة استخدامه، وسلبيات تأثيره في عقول الأبناء. 
كانت شركة «أوبن إيه.آي» المدعومة من «مايكروسوفت»، أعلنت الإصدار الرابع من برنامج الذكاء الاصطناعي «شات جي.بي.تي»، والذي استطاع في وقت قياسي جذب الناس إلى استخدامه، حيث يتواصلون معه عبر السؤال والجواب وكأنها دردشة، ويساعدهم على حل مسائل أو في تلخيص قصة أو درس.. 
وفي عز وهج «شات جي بي تي» نجد المديرين التنفيذيين ومعهم الرئيس التنفيذي لتويتر إيلون ماسك، يوقعون رسالة تدعو إلى «التوقف لمدة ستة أشهر عن تطوير أنظمة أقوى من روبوت الدردشة (شات جي.بي.تي-4) الذي أطلقته شركة أوبن إيه.آي في الآونة الأخيرة، مشيرين إلى المخاطر المحتملة لمثل هذه التطبيقات على المجتمع»!. 
هذه الحقيقة التي يدركها جيداً العاملون في قلب تلك المؤسسات العالمية، تؤكد أننا نحن «البشر العاديون» غير المسؤولين، محقون في طرح مخاوفنا من الغد، إذا ما استمر التقدم بهذه الوتيرة السريعة، وإذا ما أعجب المرء بتسليم أموره ومسؤولياته للروبوت والذكاء الاصطناعي كي يستريح هو، والخوف الأكبر من أن تتغلب الآلة على الإنسان وتتحكم فيه، عندها ماذا يفعل البشر؟. 
إيلون ماسك رغم تحذيره، ماض في تطوير الذكاء الاصطناعي وتويتر، وكأنه يرضي جميع الأطراف في وقت واحد، والقلق على المستقبل والناس هو لعبة دعائية ليس إلا.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3yzh5znt

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"