عادي

الخاتمة

23:20 مساء
قراءة 3 دقائق

د. حميد مجول النعيمي *

بحمد الله سبحانه وتعالى وبتوفيقه، تمكنّا من نشر عدد من المقالات المهمة حول «الأرض والكون»، خلال أيام رمضان، اعتماداً على مراجع ومصادر عديدة ذات علاقة بالعنوان شملت الأرض والكون ومحتواه من مختلف الأجرام السماوية والظواهر الكونية الفلكية.

قد نجد أنفسنا جميعاً على هذا الكوكب الصغير لا شيء يذكر، مقابل آية من آيات الله العظيمات التي تتحدث عن الظواهر الكونية وأسرارها ومفاهيمها في القرآن الكريم، وبذلك لا بد أن نتوقع فيضاً من الاستنتاجات بعد الجولة الشاقة والممتعة بين كتاب الله العزيز ورحاب علوم الفلك والفضاء وإنجازاتهما.

وأعتقد أن هذه المقالات حققت تماساً كبيراً مع آيات القرآن الكريم ذات العلاقة المباشرة، وفي الوقت عينه اقتربت من معطيات الأرض والكون ومحتواه من خلال علوم الفيزياء الفلكية، ولا يعني ذلك تحقيق الكافي أو الوافي، بل إن الاستزادة ممكنة والتقويم مطلوب وأعتقد أننا، بإذن الله، أضفنا ما استجد وقومنا ما استوجب، وهناك في ذهننا الكثير من ذلك الحقل المعرفي والزاد الإيماني، لكي نبدأ العمل بما يفيد ويُغني تحت قبس الكلمة القرآنية ونورها، الكلمة التي جمعت الوجود والنظائر إلى المدلول المعرفي الفسيح في بنية التصريف المُعجز والنهج البلاغي الأمثل. والنص القرآني الكريم دليل بذاته إلا أن فهمه على النحو الصحيح، يتطلب الكثير من البحث ومن البيانات المعرفية المخزونة والتحليل الموازن لمذاهب التفسير أولاً، ولمعطيات العلم المتغيرة ثانياً، ولكن على الرغم من ذلك، فإننا نجد أنفسنا في بعض الأحيان أمام شكل نص آخر قد يتطلب الإجراءات نفسها التي يتطلبها النص القرآني العظيم، إن لم يتطابقا.

لقد انطلقنا في جهدنا هذا وفي تصورنا المتواضع من أننا سنقدم بعض الشيء الجديد والسبق العلمي غير المطروق، ونعتقد أننا حققنا ذلك حقاً. أما إزاء تقديم كل المطلوب فإننا ندخل في متاهات تحديد معنى (كل) هذه وقيدها على ذمة جيل واحد فقط، لأن ذلك من الاستحالات قطعاً، أما الممكنات فمتغيرة في كثير من الأحيان، بل إن بداهة بعض التعابير القرآنية تتحول إلى مستحيلات عند الاستدلال بغيرها عليها أو بها على غيرها، ولا يبقى للعلم دور يذكر في حل مشكلة عدم الفهم الدقيق أو عدم الإدراك البلاغي الإعجازي. وللتذكير، على سبيل الإضافة، حين نقرأ قوله تعالى «مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى» الأحقاف (3)، نواجه مشكلة مدلول الأرض: جنس الأرض في الكون، والكواكب السيارة، والأرضين في قوله تعالى: «الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ» في سورة الطلاق، ثم السماء أو السماوات وعلاقة هذين بالكون شكلاً وجوهراً، ثم نواجه مشكلة مدلول (أجل مسمى) على أنه المعنى العام (أي إلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص)، لانتفاء الغاية من وجود المخلوق، أو على معنى (إلى فنائهما يوم القيامة) إذ يقودنا الاستدلال بقوله تعالى: «يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِالْقَهَّارِ» إبراهيم (48) إلى تبني أكثر من رؤية أو موقف، استناداً إلى النص القرآني «فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ، خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ» هود (106 و 107)، إذ يشغلنا تعبير «مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ» مقابل عبارة «يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ» وغيرها من العبارات المؤكدة لتغير الأرض والسماء استناداً إلى النص القرآني نفسه، ثم: في الجنة خلود «مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ» أيضاً كما في قوله تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ» هود 108. وفي نهاية هذه الرحلة القرآنية الكونية الممتعة أتمنى أنني وفقت بالكتابة والبحث والإعداد في هذه الموضوعات المهمة الدقيقة بالشكل الذي يرضاه سبحانه وتعالى خدمة للعالم الإسلامي والشريعة الإسلامية، آملاً أن تلقى هذه الموضوعات استحسان القراء الأعزاء وراجياً ممن له رغبة وخبرة في الترجمة إلى لغات أخرى أن يقوم بترجمة المقالات هذه بالتنسيق معي، لأنني على استعداد تام لتقديم أقصى درجات المساعدة له، لتكون في أيادي الأجانب، عند قراءة الموضوعات الكونية في القرآن الكريم وفهمها سيعلمون حقيقة الإعجاز القرآني العظيم.

وأخيرا ندعو الله مخلصين أن يوفقنا والقراء الأعزاء إلى الارتقاء بما يسمو بكلمته في الدنيا، ويسبغ علينا جميعاً نعمة عفوه ورضاه في الآخرة.

* مدير جامعة الشارقة رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2j8hsjbu

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"