عادي

«براكة».. طاقة التنمية المستدامة

00:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

أبوظبي: عدنان نجم

بفضل الرؤية الاستشرافية للقيادة الرشيدة، كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، سباقة إلى بدء مسيرة الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة منذ عقود مضت، استناداً إلى نهج واقعي ومدروس وطويل، وبالتالي تطوير مزيج للطاقة يعتمد على المصادر الصديقة للبيئة، لا سيما وأن التقارير الدولية تشير إلى أن قطاع الطاقة يعد من المسببات الرئيسية لظاهرة التغير المناخي.

على هذا الأساس تميزت محفظة الطاقة في دولة الإمارات بتنوعها واعتمادها أكثر على المصادر الخالية من الانبعاثات الكربونية، حيث أطلقت حكومة الدولة في عام 2008 سياستها الخاصة بتطوير برنامج سلمي للطاقة النووية، وتطوير محطات براكة للطاقة النووية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، على أساس أن الطاقة النووية خيار ملائم لنظام الطاقة المستدام والمتنوع، إذ تنتج كهرباء الحمل الأساسي الوفيرة والخالية من الانبعاثات الكربونية على مدارالساعة، ومن دون انقطاع، الأمر الذي يتيح للدولة التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، التي تقوم بدور تكاملي مع الطاقة النووية، من أجل تسريع عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة، وكذلك تسريع مسيرة الانتقال إلى مصادر الطاقة الصديقة للبيئة، وصولاً إلى الحياد المناخي في عام 2050.

واقع ملموس

تجسدت خطط الدولة في هذا الإطار إلى واقع ملموس بعد التشغيل التجاري لثلاث من محطات براكة، والتي تحد سنوياً من ملايين الأطنان من الانبعاثات الكربونية، وتوفر محطات براكة الثلاث ما يصل إلى 4200 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة، وتحد مما يقترب من 17 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام، في وقت وصلت المحطة الرابعة إلى المراحل النهائية من الإنجاز تمهيداً لبدء مرحلة الاستعدادات التشغيلية. وعند تشغيل المحطات الأربع بالكامل ستوفر ما يصل إلى 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء على مدار الساعة. ومع دخول رابع محطات براكة المراحل النهائية من الإنجاز، سيكون في مقدور المحطات الأربع، وفق بعض التقديرات، الحد من أكثر من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، ما يرسخ دورها المحوري في مسيرة الانتقال لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة في دولة الإمارات.

وتواصل محطات براكة القيام بدورها كركيزة أساسية للتنمية المستدامة، من خلال دعم تطوير اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية في الدولة، باعتبارها حلاً مناخياً موثوقاً ومجدياً من الناحية الاقتصادية، يتيح تسريع خفض البصمة الكربونية على نطاق واسع لقطاع الطاقة، وكذلك خفض البصمة الكربونية للقطاعات التي تواجه تحديات في هذا الشأن، إلى جانب مواصلة دعم النمو الاقتصادي.

كما تدعم محطات براكة تعزيز الدور الريادي لدولة الإمارات في إطار الجهود العالمية المبذولة للحد من تبعات ظاهرة التغير المناخي، حيث ستغطي المحطات ما يصل إلى 25% من التزامات الدولة بخفض البصمة الكربونية بحلول عام 2023، باعتبارها أكبر مصدر للكهرباء الصديقة للبيئة المستخدمة في شبكة الدولة.

البرنامج النووي السلمي

ترى مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في محطات براكة أولى خطوات تجسيد البرنامج النووي السلمي الإماراتي على أرض الواقع، كما تمثل المحطات أحد العوامل الرئيسية لنجاح خطط المؤسسة المستقبلية الرامية للقيام بدور ريادي في الاستثمار على المستوى العالمي في حاضر ومستقبل التكنولوجيا المتعلقة بالطاقة النووية، وتعتمد المؤسسة في ذلك على اعتبار أن محطات براكة تعد منصة لتحفيز الابتكار في مسيرة التحول لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة، بما يشمل نماذج المفاعلات المعيارية المصغرة، ومفاعلات الجيل التالي، وتقنية الاندماج النووي، إلى جانب تمهيد الطريق لتطوير مصادر طاقة جديدة وخالية من الانبعاثات الكربونية مثل، الوقود الصناعي، وكذلك إنتاج الهيدروجين وتصديره، إضافة إلى كون المحطات مصدر حرارة وبخار متقدم للصناعات الثقيلة، بينما تساهم في تسهيل النمو والابتكار من خلال البحث والتطوير في القطاعات ذات الصلة بالفضاء والطب والزراعة.

ضمان أمن الطاقة

تسهم محطات براكة في ضمان أمن الطاقة لدولة الإمارات، إلى جانب كونها ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في دولة الإمارات والمنطقة، حيث تمتلك أهمية جيوسياسية مستقبلية للدولة في تصدير الكهرباء الصديقة للبيئة إلى جميع أنحاء العالم، لا سيما وأن موقعها الاستراتيجي يسهل عملية تصدير الكهرباء إلى إفريقيا وأوروبا وآسيا.

وعلى هذا النحو، يساهم البرنامج النووي السلمي الإماراتي في دعم دور الدولة الريادي في قطاع الطاقة على المستوى الدولي، إلى جانب المشاريع الضخمة وغير المسبوقة التي تنفذها دولة الإمارات في قطاعات الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة في إطار مسيرتها للانتقال إلى مصادر الطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية. وفي الإطار نفسه، تنتقل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى مرحلة جديدة من طبيعة عملها لتقوم بدور قيادي في قطاع الطاقة الصديقة للبيئة، وتوفر منصة جديدة للبحث والتطوير والتميز هدفها خفض البصمة الكربونية على نطاق واسع، وترسيخ النموذج الإماراتي عالمياً في سعيه لتأمين مستقبل مستدام للأجيال القادمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yck8bvhd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"