عادي

المُتَعَال جلّ جلاله

21:41 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

حينما نقرأ أسماء الله الحسنى، نجد أن الله جلَّ في علاه، وصف نفسه بأنه عليّ وأعلى ومتعال، وللوهلة الأولى قد نظن أن الأسماء الثلاثة لها المعنى ذاته، غير أننا لو أمعنا النظر، لوجدنا أن هناك فرقاً بينها من حيث المبنى، والذي يتولد عنه فرق من حيث المعنى، فمن المعلوم في قواعد اللغة، أن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. وبالتالي فاسم الله العلي يقصد به أنه سبحانه عليّ فوق خلقه بكل معاني العلو، فبديهي أن الإنسان قدراته وعلمه وكل الأمور الأخرى المتعلقة به محدودة، ضمن نطاق قدراته وحواسه، والله، سبحانه، له الكمال في كل شيء، فهو سبحانه «ليس كمثله شيء»، أما اسم الله الأعلى، فمعناه المفاضلة فهو سبحانه أعلى من كل شيء، وكلا الاسمين (العليّ والأعلى) لهما دلالة تختلف عن اسم الله المتعال، فما معنى اسم الله المتعال؟

المتعال اسم من أسماء الله الحسنى ورد في القرآن في قوله تعالى: «عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ» الرعد: 9، وورد في السنة النبوية من حديث عبد الله بن عمر قال: قرأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذهِ الآيةَ وهو على المنبرِ:«وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»، قال: «يقولُ اللهُ: أنا الجبارُ، أنا المتكبرُ، أنا الملكُ، أنا المتعالُ.. يمجِّدُ نفسَه»، قال: فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، يُردِّدُها حتى رجف به المنبرُ حتى ظننا أنه سيَخِرُّ به.

والمتعال لغة على وزن المتفاعل، فمعنى ذلك أنه، سبحانه وتعالى، استعلى على خلقه علواً يليق بجلاله وعظمته وكبريائه حتى أدرك العبد أنه مهما أوتي من علم وقدرة وبصر وسمع، فهو لا شيء أمام قدرة الله وعظمته وصفاته، فهو سبحانه لا تدركه الأبصار وهو مدركها، ولا تحيط بكنهه العقول وهو محيط بها، يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، هو سبحانه الذي عجزت الألباب أن تدرك عظمته، فسلمت له أمرها، وفوضت له حاجتها، ورفعت إليه سؤلها، وأذعنت لأوامره، ودانت لعظمته، فذاته سبحانه ليست كذواتنا، فشتان بين من لم يلد ولم يولد، وبين من بُدئ بولادة وانتهت بدايته تلك بنهاية الموت، وصفاته جلّ جلاله ليست كصفاتنا، فلا مقارنة بين الكمال المطلق المتصف به سبحانه، والعجز والضعف والنقص الذي يلازمنا في كل صفة من صفاتنا، وفي جميع تقلباتنا، وأفعاله ليست كأفعالنا التي يعتريها النقص والعيب.

اسم الله المتعال يعلم العبد أن يتواضع ويخفض جناحه لخلق الله، فلا يتعالى على أحد، ويبذل الخير للآخرين، فالكبرياء لله وحده، والعبد لو نظر إلى حقيقة نفسه لوجدها عاجزة في كل شيء فعلمه الذي يفاخر به سبق بجهل «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا» النحل: 78، ومهما تقدم فيه «وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً» الإسراء: 85؛ لذا المؤمن يمتثل أمر الله في كل شيء فهو الضعيف العاجز أمام قدرة الله وعظمته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4k3ks4u8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"