عادي

النمو والزكاة

22:21 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر
تُعد ظاهرة النمو في المفهوم الإسلامي، جزءاً من عملية استخلاف الإنسان في الأرض، أما الزكاة فتعني، لغة واصطلاحاً، الزيادة والنماء الممزوجة بالبركة والطهارة.

وسمي الإخراج من المال زكاة، وهو نقص منه مادياً بمعايير الاقتصاد، في حين ينمو بالبركة أو بالأجر الذي يثاب به المزكي من الله تعالى. وهو ما يقارن بالعكس بالربا الذي قال عنه الله «يمحق الله الربا ويربي الصدقات»، البقرة:276.

ويتضح من ذلك أن مفهوم النمو في الفكر الإسلامي يُعبر عن الزيادة المرتبطة بالطهارة والبركة وأجر الآخرة وإن لم يتجاهل مع هذا «الحياة الطيبة» في الدنيا، بينما يركز مفهوم Development وهو المفهوم الغربي على البعد الدنيوي من خلال قياس النمو في المجتمعات بمؤشرات اقتصادية مادية في مجملها، حيث تقوم المجتمعات بالإنتاج الكمي، بصرف النظر عن أية غاية إنسانية.

وفي الواقع، فإن «التنمية» من المفاهيم القليلة التي تجمع بين البعد النظري والجانب التطبيقي، وتستدعي الرؤية الفلسفية والغيبية للمجتمعات ومقاصد تطورها. وإذا كانت الحياة في سريانها وحركتها لا تحتمل لوناً واحداً من ألوان النشاط، بل تتطلب ألواناً متنوعة تستجيب لطبيعة القطاعات والفروع الإنتاجية في تعددها وتنوعها، كان لزاماً علينا أن نسلّم بأن فرض شكل واحد من أشكال الاستغلال والنشاط على مجموع الأنشطة الاقتصادية المختلفة أو غالبيتها لابد وأن يعود بالضرر على مستقبل التنمية الشاملة.

لقد ثبت أن زيادة الدخل لا تؤدي بالضرورة إلى حياة طيبة، وأن الإنسان يستطيع أن يحيا حياة كريمة ويحقق معظم احتياجاته بدخل قليل أو متوسط، وأن العكس يمكن أن يحدث أيضاً، إذ تبقى حياة الناس فيها معاناة كبيرة، ونقص في الاحتياجات التنموية مع توفر المال بين الناس والحكومات، قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: «من أمسى آمناً في سربه معافى في بدنه وعنده قوت يومه فقد حاز الدنيا بحذافيرها».

والحياة الطيبة هي فن فردي ومجتمعي يستطيع الإنسان بمقتضاه أن يحيا سعيداً، وقد استطاعت مجتمعات فقيرة أن تحقق لأفرادها المسكن والتعليم والغذاء والأمن دون تكاليف كبيرة.

عملية التنمية نشاط متعدد الأبعاد ولا يقتصر على جانب دون الآخر، والإسلام يسعى إلى إحداث التوازن في الحياة بين العوامل والقوى المختلفة.

ونفهم من ذلك أن التنمية لها خصائص الشمولية والتوازن، بحيث يشمل مفهومها الجوانب المادية والروحية معاً، ويلبي حاجة الفرد والجماعة في تناسق تام وتناغم. كما أن الجهد التنموي يهتم بالإنسان، وهذا يعني أن التنمية موجهة للإنسان ولترقية حياته المادية والاجتماعية والثقافية والبيئة المحيطة به.

الإسلام يحاول إعادة التوازن بين المتغيرات الكمية والنوعية، وهذا ما تسعى إليه التنمية الاقتصادية في إطارها التطبيقي (الاستخدام الأمثل للموارد، وتحقيق التوزيع المكافئ والمتساوي للعلاقات الإنسانية على أساس العدل والحق). وبذلك تصبح التنمية الاقتصادية في المفهوم الإسلامي تنمية الأفراد والمجتمعات ماديّاً وروحيّاً وأخلاقيّاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mwzxxpvk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"