عادي
150 دولاراً للتدخين و36 للفواكه

لماذا ينفق الأردنيون على السجائر أكثر من الطعام؟

19:09 مساء
قراءة 4 دقائق
تصنف منظمة الصحة العالمية، الأردن الدولة الأولى عالمياً من ناحية انتشار التدخين نسبة إلى عدد السكان، وتقول: إن الأردنيين ينفقون على السجائر أكثر مما ينفقون على الطعام، ما يطرح تساؤلات كثيرة.
وترى روان الدعجة، أخصائية الإرشاد والدعم النفسي، أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع نسب التدخين في الأردن البطالة والضغوط النفسية عند الشباب نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وبينما تنفث أسيل خالد (36 عاماً) دخان سيجارتها وهي تستريح من عملها مدربة في صالة تدريب رياضية في العاصمة عمّان، تقول إن التدخين لا يؤثر في عملها وإنها لا تعتبر السجائر متنفساً لحالتها النفسية السيئة فقط؛ بل هي رفيقتها في اللحظات السعيدة أيضاً.
وذكرت أسيل خالد التي بدأت التدخين في سن العاشرة دون علم أسرتها، أنها تنفق على التدخين 70 ديناراً (100 دولار) شهرياً، إذ يتراوح سعر علبة السجائر في الأردن بين دينار ودينارين ونصف الدينار.
وتقدر منظمة الصحة إنفاق الأسرة الأردنية على التدخين شهرياً بما يزيد على 150 دولاراً للشخص مقابل 36 دولاراً شهرياً للفواكه و58 دولاراً للألبان والبيض ونحو 70 دولاراً للحوم والدواجن. (الدولار = 0.709 دينار)
وتحذر المنظمة على موقعها الإلكتروني من أن التبغ يودي بحياة زهاء نصف من يدخنونه، وأنه يسبب وفاة أكثر من ثمانية ملايين نسمة سنوياً. وتقول المنظمة إن أكثر من 80 في المئة من المدخنين البالغ عددهم 1.3 مليار شخص في العالم يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وتقول روان الدعجة إن «الفقر والمشاكل الاقتصادية لدى الأسر سببت ضغطاً نفسياً واعتبرت أن التدخين هو المتنفس الذي يقلل التوتر».
وهو ما يؤكده محمد ياسين (75 عاماً) الذي يصف التدخين بأنه صديقه «الوفي» منذ كان عمره 17 عاماً.
يوضح ياسين أنه وسط مشاكل الحياة التي عايشها سواء الاجتماعية والاقتصادية والسياسية يلجأ للسجائر «لإزالة هموم الصدر».
ويضيف ياسين، وهو رب أسرة من سبعة أبناء، أنه يدخن نحو علبة ونصف العلبة يومياً منذ أكثر من 55 عاماً، و«بحمد الله لم يضر التدخين صحتي وربما هذه نعمة أتمنى أن لا أحسد عليها».
ويبين أن جيله عايش حروباً عديدة سواء عربية أو عالمية «وكان القهر يسيطر على نفسيته ولذلك كان يشعر أن الدخان سبيله للتنفيس».
وفي إجابة على أسئلة «رويترز» يوضح مكتب منظمة الصحة في عمّان أن معدل التدخين بين الذكور الأردنيين البالغين (18-69 عاماً) لمنتجات التبغ (كالسجائر والسيجار والنرجيلة ومنتجات التبغ الساخن، إلخ) بلغ 66.1 في المئة إلى جانب 15.9 في المئة ممن يدخنون السجائر الإلكترونية، وبالتالي يبلغ إجمالي استهلاك النيكوتين 82 في المئة بين الذكور الأردنيين.
وحول نسبة المدخنات، توضح المنظمة أن الإحصاءات المتعلقة بالتدخين بين النساء تعاني من عراقيل في التبليغ والرصد لاعتبارات اجتماعية.
ووفقاً للمنظمة، تبلغ النسبة الإجمالية للمدخنين الأردنيين البالغين (ذكوراً وإناثاً) لمنتجات التبغ 42 في المئة و9.6 في المئة للسجائر الإلكترونية والأجهزة المشابهة.
من جانبه، يقول د.غيث عويس، رئيس قسم الوقاية من أضرار التدخين في وزارة الصحة إن «ضغط الأقران وتقليد الكبار وضغط شركات التبغ وتأثير الإعلام على مواقع التواصل من العوامل التي تؤدي إلى رفع نسب التدخين في الأردن حسب الدراسات».
ويضيف أنه رغم وجود قوانين في الأردن لمنع التدخين في الأماكن العامة والدوائر الحكومية وفرض عقوبات على المخالفين، ما زال التدخين ظاهرة اجتماعية منتشرة «وبحاجة إلى مزيد من الاهتمام لحلها من خلال تضافر جميع المؤسسات».
* تدخل
تقول منظمة الصحة في ردها على أسئلة «رويترز» إن أحد الأسباب الرئيسية لعدم إنفاذ برنامج مكافحة التبغ في الأردن «هو تدخل صناعة التبغ والمجموعات المساندة لها لتقويض الجهود المبذولة لمكافحة التدخين».
وتوضح أن هناك «طرفين رئيسيين يناهضان مكافحة التبغ في الأردن هما شركات التبغ، وهي المستفيد الرئيسي، فضلاً عن المنشآت السياحية كالمطاعم والمقاهي».
وتبين المنظمة أنه رغم توقيع الأردن على العديد من الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة التدخين، تشهد البلاد انتهاكات جسيمة متعددة وبشكل مستمر للقانون تتمثل بالتدخين في غالبية الأماكن العامة، وبيع النرجيلة للقصّر، وغياب الفصل الفعلي بين مناطق المدخنين وغيرهم، مما يؤخر من عملية تنفيذ حظر التدخين في الأماكن العامة وجعلها خالية منه بنسبة 100 بالمئة.
وتوصي المنظمة «بعدم التدخين في الأماكن العامة بشكل كلي، والحظر التام للترويج والإعلان عن السجائر، فضلاً عن زيادة حجم التحذيرات الصحية المصورة على منتجات التبغ، وزيادة سعرها لتقليل القدرة على شرائها».
ويشير عويس إلى أن وزارة الصحة أسست أكثر من 26 عيادة للمساعدة على الإقلاع عن التدخين في مختلف محافظات المملكة ضمن المراكز الصحية مجهزة بكوادر طبية مدربة، مبيناً أن هناك أكثر من 11 ألف زيارة لتلك العيادات خلال العام الماضي.
ويقول إن الوزارة تنفذ بشكل مستمر حملات للتوعية بأضرار التدخين وحماية الصحة العامة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc39azvz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"