عادي

بجهود الأصدقاء.. روسيا تنفض غبار التمرد

14:17 مساء
قراءة 4 دقائق
انتهاء التمرد

الخليج - وكالات

تنفس الشعب الروسي اليوم الصعداء، بعد انتهاء أزمة التمرد المسلح الذي شنه قائد مجموعة فاغنر الروسية يفغيني بريغوجين، ضد القيادة العسكرية في بلاده قبل أن يقرر وقف زحفه نحو العاصمة «موسكو» مساء السبت، بموجب اتفاق توسط فيه الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.

وفي حين بدأت السلطات رفع القيود الأمنية في عموم البلاد، يعمل الكرملين على التخلص من آثار التمرد القصير الذي أثار مخاوف من حرب أهلية في الدولة النووية الكبرى.

وغادر مقاتلو مجموعة فاغنر مقرّ القيادة العسكرية في مدينة روستوف في جنوب غرب روسيا، بعد أن كانوا سيطروا السبت مع قائدهم يفغيني بريغوجين على مقر الجيش الروسي فيها، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على بدء التمرد.

وشوهد صباح الأحد مسلّحين من فاغنر وهم يغادرون على متن حافلات صغيرة، لكنّ الدبّابات التي احتلّوا بواسطتها المقرّ كانت لا تزال في مكانها ولم يسحبوها في الحال.

اتفاق يحفظ الدماء

ومن جانبه أكّد الكرملين أنّه وافق على إبرام اتّفاق مع مجموعة فاغنر التي نفّذت تمرّداً مسلّحاً «لتجنّب حمّام دم».

وقال المتحدث باسم الرئاسة ديمتري بيسكوف إنّ «الهدف الأسمى هو تجنّب حمّام دم وصدام داخلي واشتباكات لا يمكن التنبّؤ بنتائجها»، مضيفاً أنّ جهود الوساطة التي بذلها رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو رمت لتحقيق هذا الهدف.

وأشار بيسكوف إلى أن بوتين ولوكاشينكو، اتفقا على وساطة مينسك في عملية التسوية، لافتاً إلى أن الوساطة كانت مبادرة شخصية من رئيس بيلاروسيا، وأضاف أن جهود لوكاشينكو، جاءت من منطلق تجنب إراقة الدماء والمواجهة الداخلية.

ولعب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو دوراً رئيسياً في الوساطة، وقد أعلن مكتبه أنه هو من اقترح على رئيس فاغنر وقف تقدمه في روسيا.

وبموجب الاتفاق الذي طرحه «لوكاشنكو» ووافق عليه الطرفان «حقناً للدم الروسي» كما أعلن الكرملين فإن قائد «فاغنر» يفغيني بريغوجين سيغادر إلى بيلاروسا والدعوى الجنائية المرفوعة ضدّه سيتمّ إسقاطها، كما سيتم العفو عن مقاتلي مجموعته مع ضمان عدم ملاحقتهم قانونياً.

وفي هذا الصدد قال المتحدّث باسم الكرملين خلال إفادة صحفية بأنه «سيتمّ إسقاط الدعوى الجنائية المرفوعة ضد بريغوجين، وسيتوجه هو نفسه إلى بيلاروسيا»، مضيفاً أنّ مقاتلي فاغنر الذين شاركوا في «التمرّد المسلّح» لن تتمّ مقاضاتهم.

بوتين «ممتنّ»

وشكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو على وساطته مع رئيس مجموعة فاغنر المسلّحة يفغيني بريغوجين لوقف تمرّدها.

وأوضح بيسكوف للصحفيين «نحن ممتنّون لرئيس بيلاروسيا على جهوده»، مشيداً «بتسوية من دون مزيد من الخسائر» ومشيراً إلى أنّ «المحادثة المسائية بين الرئيسين كانت طويلة جدّاً».

وكانت قوات فاغنر قد سيطرت على المنشآت العسكرية في روستوف، التي تعد مركزاً للعمليات الروسية في أوكرانيا، وكذلك في مقاطعة فورونيج، وبدا أنها تتقدم إلى موسكو من دون مقاومة كبيرة، رغم تعرضها لضربة جوية قرب فورونيج.

لا قيود أمنية

ومن جانبها ذكرت الوكالة الاتحادية للطرق في روسيا أن القيود المفروضة على حركة المرور على طريق إم-4 السريع الرئيسي في منطقتي موسكو وتولا مستمرة اليوم الأحد.

ويأتي هذا الإعلان بعد أن نقلت وكالة تاس أنه تم رفع كافة القيود التي سبق فرضها على الطرق السريعة في روسيا.

ولإبطاء زحف قوات فاغنر باتجاه موسكو السبت، كانت السلطات قد كسرت أجزاء من طريق إم-4 الذي يربط العاصمة الروسية بالمقاطعات الجنوبية، بحسب شهود للوكالة الفرنسية.

واتخذت إجراءات أمنية مشددة في موسكو شملت نشر نحو 3 آلاف جندي شيشاني تم استقدامهم من أوكرانيا.

ورغم انتهاء التمرد، فإن سلطات موسكو أبقت على يوم الاثنين عطلة رسمية.

أزمات هزّت الكرملين

و لم يكن تمرّد «فاغنر» الأزمة الوحيدة التي وجد الكرملين نفسه مضطرا لمواجهتها وحسمها في تاريخ خزان روسيا العملاق «الكرملين» فقد واجه أسلاف فلاديمير بوتين بعد سقوط جدار برلين انقلاباً فاشلاً وتمرّداً.

حيث حاولت مجموعة ممّن يحنّون إلى فترات الاتحاد السوفييتي في الفترة من 19 إلى 21 أغسطس 1991 الوصول إلي السلطة لمنع التوقيع على «معاهدة الاتّحاد» التي تمنح حكماً ذاتياً واسعاً للجمهوريات ال15 الأعضاء في الاتحاد السوفييتي.

وبينما كان الرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشوف في إجازة، احتُجز في منزله الريفي في شبه جزيرة القرم.

خلال هذه الأيام الثلاثة من التوترات، كان عشرات الآلاف من الأشخاص يتظاهرون، خصوصاً في موسكو وفي سانت بطرسبرغ.

في العاصمة، كانوا يجتمعون للدفاع عن «البيت الأبيض» وهو البرلمان الروسي الذي يعدّ رمز مقاومة الانقلاب.

اختتمت ليلة العشرين إلى الحادي والعشرين بمقتل ثلاثة شبّان متظاهرين خلال اشتباك مع الجنود.

كما فشل الانقلاب في ظلّ تصميم بوريس يلتسين في 22 من الشهر ذاته، وعاد غورباتشوف إلى موسكو، لكنّ سلطته كانت تتأرجّح في وجه الرئيس الذي كان يتمتّع بشعبية كبيرة.

في الأيام التالية، استقال غورباتشوف من منصب الأمين العام للحزب الشيوعي للاتّحاد السوفييتي، وبينما تمّ حظر أنشطة الحزب الشيوعي من قبل سلطات العديد من الجمهوريات، قام يلتسن بحظره في روسيا.

وفي غضون أسابيع قليلة، أعلنت الجمهوريات السوفييتية، بما فيها أوكرانيا، استقلالها على التوالي وتمّ قبول جمهوريات البلطيق الثلاث في الأمم المتحدة في 17 سبتمبر، بعدما اعترف اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية باستقلالها في السادس من سبتمبر.

ومُنح المتآمرون الرئيسيون الذين تمّ اعتقالهم عفواً برلمانياً في عام 1994، بينما انتحر اثنان منهما.

تمرّد العام 1993

كما شهدت روسيا أزمة سياسية ودستورية كبري في الفترة من 21 سبتمبر إلى الرابع من أكتوبر 1993، حيث حلّ الرئيس الروسي بوريس يلتسن مجلس السوفييت الأعلى، أيّ البرلمان الذي انبثق من الحقبة السوفييتية، بتهمة عرقلة السلطات.

تحصّن رئيس البرلمان السابق روسلان كاسبولاتوف ونائب الرئيس الروسي السابق ألكسندر روتسكوي، اللذان يقودان المعركة السياسية ضد رئيس الدولة منذ عدة أشهر، مع مئات من النواب، في البرلمان. كان المبنى مطوّقاً من قبل القوات الحكومية.

تغيّر كلّ شيء في الثالث من أكتوبر بعد تظاهرات للمعارضة في شوارع موسكو. هاجم أنصار متمرّدي «البيت الأبيض» دار البلدية ومركز تلفزيون الدولة، واحتدمت المعركة طوال الليل بين القوات الحكومية والمتظاهرين.

أعلن بوريس يلتسين حالة الطوارئ، وفي صباح اليوم الرابع قرّر اقتحام البرلمان، وقامت الدبابات بإطلاق النار على المبنى. استسلم المتمرّدون، بينما سُجن زعماؤهم، وخلّفت أعمال العنف رسمياً 150 قتيلاً، بينما أفادت مصادر أخرى بأنّ عددهم كان بالمئات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/danupsjn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"