عادي
كل الفرضيات مطروحة على الطاولة لإعادة النظام

بعد 96 ساعة مرعبة بفرنسا.. هل يعلن «ماكرون» حالة الطوارئ؟

20:01 مساء
قراءة 6 دقائق

الخليج - متابعات

أعادت أعمال الشغب والاضطرابات العنيفة التي شهدتها العديد من المدن الفرنسية على مدى أربع ليالٍ، بعد مقتل فتى يبلغ من العمر 17 عاماً من أصول جزائرية-مغربية يدعى «نائل م.»، على يدي شرطي فرنسي، إلى الأذهان أعمال شغب استمرت ثلاثة أسابيع اندلعت في أنحاء البلاد عام 2005، وأجبرت الرئيس آنذاك جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد وفاة شابين صعقاً بالكهرباء في محطة للكهرباء في أثناء اختبائهما من الشرطة. فهل سيحذو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذو جاك شيراك ويعلن حالة الطوارئ في جميع أرجاء فرنسا بعد عمليات التخريب الواسعة التي شهدتها معظم مدن البلاد على مدار 96 ساعة مرعبة؟.

ويبدو أن ماكرون يبحث عن حل جذري لتهدئة الأوضاع في فرنسا، وضمان عدم تكرار الأخطاء التي تؤدي إلى اندلاع الاضطرابات وأعمال الشغب مرة أخرى. وبالتالي فإن كل الحلول والفرضيات مطروحة على طاولة الرئيس الفرنسي؛ لوضع نهاية لهذه الأزمة العميقة وإعادة النظام إلى الدولة.

كل الاحتمالات ممكنة

أكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن، الجمعة، أن السلطة التنفيذية تدرس «كل الاحتمالات»، لإعادة النظام في فرنسا، من بينها فرض حال الطوارئ، بعدما تواصلت أعمال الشغب في أرجاء البلاد.

من شأن فرض الطوارئ أن يعطي السلطات صلاحيات إضافية للإعلان عن تدابير حظر تجول محددة، وحظر التظاهرات وإعطاء الشرطة حرية أكبر في ضبط الأشخاص الذين يشتبه في أنهم مثيرو شغب وتفتيش المنازل.

ورداً على سؤال خلال مؤتمر صحفي حول احتمال اللجوء إلى فرض حال الطوارئ قالت رئيسة الحكومة: «سندرس كل الاحتمالات خلال اجتماع مع رئيس الجمهورية عند الساعة 13,00. لن أجيبكم الآن. لكننا ندرس كل الاحتمالات، واضعين أولوية إعادة النظام الجمهوري على كل الأراضي» الفرنسية.

وحضرت بورن التي كانت تجري زيارة لمركز شرطة في إيفري-كوركورون جنوب باريس، اجتماعَ أزمةٍ أمنياً برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون عند الساعة 13,00 (11,00 ت غ) الجمعة.

وأفاد مصدر مقرب من ماكرون بأن الرئيس كان يستعد، الجمعة، إلى فرض إجراءات أمنية «من دون محظورات»، ما يعني أن الحكومة تفكر في اتّخاذ تدابير أكثر تشدداً.

وفي آخر أعمال شغب في المدن اجتاحت البلاد عام 2005، أعلنت الحكومة اليمينية حينذاك حالة الطوارئ، بعد صدامات استمرت أسبوعين.

وقال الناطق باسم حزب «التجمع الوطني» اليميني المتشدد سيباستيان شينو لقناة «إل سي إي» التلفزيونية الجمعة: «ندعو إلى حظر للتجول مبدئياً، ومن ثم فرض حالة الطوارئ بشكل كامل، وتعبئة جميع قوى حفظ القانون والنظام في البلاد».

وأضاف: «نحن الآن على حافة الهاوية، وعلينا أن نكون غاية في التشدد».

كما دعا زعيم حزب الجمهوريين اليميني إريك سيوتي إلى فرض حالة الطوارئ الخميس قائلاً: «لا يمكن للأمة أن تتزعزع في أي ظرف كان».

دعوات للهدوء والحوار

رداً على سؤال في برنامج تلفزيوني، الجمعة، عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان: «بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية، وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية».

وأصدر لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم بياناً نادراً دعوا فيه إلى الهدوء. ونشر النجم كيليان مبابي البيان على حسابه على «إنستغرام» وقالوا فيه: «يجب أن يتوقف العنف من أجل الحداد والحوار وإعادة الإعمار».

وألغيت فعاليات منها حفلان موسيقيان في استاد فرنسا بضواحي باريس. وقال منظمو سباق فرنسا للدراجات، إنهم على استعداد للتكيف مع أي وضع عندما ينتقل الحدث إلى البلاد يوم الاثنين بعد انطلاقه من إسبانيا.

اجتماع أزمة.. وإزالة لقطات الشغب

غادر ماكرون قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل مبكراً الجمعة؛ لحضور ثاني اجتماع أزمة تعقده الحكومة في غضون يومين، وطلب من وسائل التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب «الأكثر حساسية»، والكشف عن هويات المستخدمين الذين يؤججون العنف.

وأظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي اشتعال النيران في مناطق حضرية. وأضرمت النار في ترام بمدينة ليون شرق البلاد، كما احترقت 12 حافلة في محطة في أوبيرفيلييه بشمال باريس.

واجتمع دارمانان مع ممثلين من شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت سناب شات، إنها لا تتهاون مطلقاً مع المحتوى الذي يروّج للعنف.

ورجل الشرطة، الذي يقول المدعون إنه أقر بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب، محتجز على ذمة التحقيق الرسمي بتهمة القتل العمد.

وقال محاميه لوران فرانك لينارد، إن موكله أراد التصويب على ساق سائق السيارة، لكنه تعثر عندما انطلقت فجأة، مما تسبب في إطلاق النار باتجاه صدره. وذكر لينارد في تصريح لتلفزيون (بي.إف.إم): «من الواضح أن (الشرطي) لم يرغب في قتل السائق».

ماكرون يمكث في البلاد

أعلنت الرئاسة الألمانية في بيان السبت أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجَّل زيارة الدولة التي كانت مقررة لألمانيا ابتداءً من مساء الأحد، بعد أربعة أيام من أعمال الشغب التي تشهدها فرنسا.

وقالت الرئاسة الألمانية، إن «الرئيس الفرنسي ماكرون تحدث هاتفياً السبت مع الرئيس الألماني (فرانك فالتر) شتاينماير، وأطلعه على الوضع في بلاده. وطلب الرئيس ماكرون تأجيل زيارة الدولة المقررة إلى ألمانيا».

وأكد الإليزيه لفرانس برس أن ماكرون يرغب بالبقاء في فرنسا خلال الأيام المقبلة. ولم يتم تحديد موعد جديد للزيارة، وفق مصدر فرنسي.

وأضاف البيان الألماني أن «الرئيس الألماني يأسف لإلغاء الزيارة، ويتفهم تماماً الوضع» في فرنسا الذي «يتابعه باهتمام كبير. ويأمل أن يتوقف العنف في الشوارع قريباً، وأن يحل السلم الاجتماعي مجدداً».

في باريس، أكد أحد المصادر أن المسؤولين الفرنسيين والألمان لديهم العديد من الفرص للقاء، وأن زيارة الدولة هي قبل كل شيء وسيلة للاحتفاء بالصداقة الفرنسية الألمانية، وأكثر من مجرد لقاء سياسي، لكن الوقت ليس ملائماً.

في نهاية آذار/مارس الماضي، اضطُر الملك تشارلز الثالث لإلغاء زيارة الدولة التي كان مقرراً أن يقوم بها لفرنسا بسبب الأزمة الاجتماعية المرتبطة بإصلاح نظام التقاعد.

القبض على 1311 شخصاً

ألقت الشرطة الفرنسية القبض على أكثر من 1300 شخص خلال الليلة الرابعة من أعمال الشغب، وتجمعت أسرة وأصدقاء الشاب نائل م.، الذي أشعل مقتله برصاص الشرطة الاضطرابات، لتشييع جثمانه السبت في ضاحية بباريس، حيث لقي حتفه.

ونشرت الحكومة 45 ألف شرطي وعدة عربات مدرعة خلال الليل؛ للتصدي لأسوأ أزمة تواجه الرئيس إيمانويل ماكرون منذ احتجاجات «السترات الصفراء» التي أصابت فرنسا بالشلل في أواخر عام 2018.

وأعلنت باريس وبرلين أن ماكرون أرجأ زيارة دولة كانت مقررة لألمانيا الأحد بسبب الاضطرابات.

وقالت وزارة الداخلية الفرنسية على «تويتر»، إن الشرطة ألقت القبض على 1311 شخصاً الليلة الماضية بخلاف 875 في الليلة السابقة، في أحداث عنف وصفتها بأنها كانت «أقل حدة».

وقُتل نائل م.، برصاص الشرطة، الثلاثاء، عند نقطة تفتيش مروري بضاحية نانتير، حيث توقفت حركة الحافلات وعمّ الهدوء المنطقة صباح السبت بعد وقوع المزيد من الشغب خلال الليل.

واصطف عدة مئات لدخول مسجد نانتير الكبير، الذي كان يحرسه متطوعون يرتدون سترات صفراء، بينما تابع المشهد بضع عشرات من المارة من الجانب الآخر من الشارع.

وانتظم المشيعون في الشارع لأداء صلاة الجنازة.

وقالت سلسبيل، وهي شابة من أصل عربي، ل«رويترز» إنها جاءت للتعبير عن دعمها لأسرة نائل.

وأضافت، «أعتقد أنه من المهم أن نقف جميعاً معاً».

وقالت ماري (60 عاماً)، إنها عاشت في ضاحية نانتير لمدة 50 عاماً، وإن المشكلات مع الشرطة هناك دائمة.

وأضافت، «يجب أن يتوقف ذلك تماماً. الحكومة منفصلة تماماً عن واقعنا».

وأذكت وفاة الشاب، التي رصدتها إحدى الكاميرات، «شكاوى قديمة من المناطق الحضرية التي يقطنها أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية».

وقال شاب طلب عدم نشر اسمه: «إذا كان لون بشرتك غير مناسب، فإن الشرطة ستكون أكثر خطورة عليك»، مضيفاً أنه كان من أصدقاء نائل.

نهب المتاجر

نهب لصوص عشرات المتاجر، وأضرموا النار في نحو ألفي سيارة منذ اندلاع أعمال الشغب التي امتدت إلى مدن منها مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورج وليل.

وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، إن أكثر من 200 فرد من الشرطة أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب، مضيفاً أن متوسط أعمارهم 17 عاماً.

وشملت اعتقالات ليل الجمعة 80 شخصاً في مدينة مرسيليا الجنوبية، ثاني كبرى المدن الفرنسية، والتي يقطنها عدد كبير ممن تعود أصولهم لمنطقة شمال إفريقيا.

وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجاراً يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا، لكن لم ترد تقارير عن وقوع أي إصابات.

وقالت الشرطة، إن مثيري الشعب في وسط مرسيليا نهبوا متجراً للأسلحة النارية، وسرقوا بعض بنادق الصيد، لكن دون ذخيرة. وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصاً بحوزته بندقية ربما نُهبت من المتجر الذي يخضع الآن لحراسة الشرطة.

ودعا بينوا بايان، رئيس بلدية مرسيليا، الحكومة إلى إرسال قوات إضافية على الفور. وأصيب ثلاثة من أفراد الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح السبت.

وفي ليون، ثالث كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لإخماد الاضطرابات. كما طلب رئيس بلدية ليون تعزيزات.

وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة من المحتجين ليل الجمعة، بعد أن بدأت فيها تظاهرة دون تخطيط مسبق.

وطلب دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام، ووجّه رسالة لرجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها، إنه يستطيع الاعتماد عليهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42wavz7e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"