قصة الإدارة

00:27 صباحا
قراءة دقيقتين

حتى تمارس أي مهنة يجب أن تحصل على شهادة أكاديمية تمكنك من مزاولة العمل بشكل قانوني، خصوصاً إذا كان التخصص في مجال الطب أو الهندسة على سبيل المثال لا الحصر. فلماذا إذاً يمارس الكثيرون الإدارة دون أدنى دراسة؟

في الحقيقة، يرجع السبب في ذلك إلى أن الإدارة تعتمد على الممارسة العملية أكثر من اعتمادها على المعلومات النظرية. بل إن نظريات الإدارة مبنية على الممارسات التي تتم على أرض الواقع؛ لهذا يمكن أن نطلق على الإدارة مسمى «العلم الحر».

منذ فجر التاريخ والإدارة موجودة في مختلف مناحي الحياة، سواء مارسها الذين أشرفوا على بناء الأهرامات الفرعونية، أو استخدمها صناع القرار. ومع مرور الوقت ظهرت نظريات عدة حتى أصبحت الإدارة علماً وتخصصاً تعززه الممارسة والتجربة.

أما علم الإدارة الحديث فبدأ على يد «فريدريك تايلور» الذي ولد سنة 1856م، وعمل في أحد المصانع الذي عينه مديراً بسبب مهارته وحنكته. أثناء عمله، لاحظ تايلور أن العمال يستخدمون المجرفة نفسها حين يرمون الفحم داخل الأفران أو يجمعون الرماد الناتج عن احتراق الفحم؛ ما أدى إلى إضاعة الكثير من الوقت والجهد نتيجة استخدام نوع واحد من الأدوات. فبدأ مباشرة بتجربة أدوات أخرى، بعدما قسم الموظفين على المهمتين، وأخذ يقيس النتائج إلى أن توصل إلى أفضل الأدوات لاختصار الوقت ومضاعفة الإنتاجية.

وفي عام 1911م طرح تايلور كتابه الأول «مبادئ الإدارة العلمية»، الذي أصبح المرجع الأول لعلم الإدارة في العصر الحديث.

وبما أن الإدارة تعتمد على الممارسة فهي ليست مجرد علم، بل فن له أدوات من أبرزها «فن ابتكار القيمة» الذي يقوم على مبدأ أن العميل يدفع المال لقاء حصوله على قيمة معينة، لا نظير سلعة أو خدمة، كما قال المستثمر «وارن بافيت».

القيمة هي جوهر المنتج الذي تقدمه إلى العميل، ووسيلة تربطه بشركتك وعلامتك التجارية. فشركة كوكا كولا مثلاً، تسعى إلى إيصال مفهوم السعادة إلى عقول العملاء عبر مشروبها، وبالتالي فهي تقدم قيمة السعادة إلى زبائنها. وشركة أوبر تستهدف إيصال قيمة الخصوصية والأمان عبر خدمة التوصيل التي تقدمها.

نفس الاستراتيجية يمكن تطبيقها إذا كنت مديراً، حيث بوسعك أن تزرع قيمة في نفوس الموظفين قبل أن تطالبهم باحترامك أو تنفيذ أوامرك، بحيث تعزز انتماءهم للشركة وتزيد ثقتهم بك، فيسهل عليك قيادتهم وإدارة شؤونهم.

مما سبق نستنتج أن دراسة الإدارة كعلم، وممارستها كفن يعزز المهارات القيادية، ويزود القائد أو المدير بمزيد من الأدوات الفعالة في عملية إدارة الآخرين وتوجيههم بما يخدم مصالح الشركة ويحقق أهدافها.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vcxdjmud

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"