عادي

دول عربية متضررة من انقلاب النيجر.. من يدفع فاتورة الإرهاب؟

20:00 مساء
قراءة 5 دقائق
نيجر 3

ألقى الانقلاب العسكري في النيجر بظلاله السلبية على عدة دول عربية، فالانقلاب الذي أطاح الرئيس محمد بازوم، وحظي بدعم قيادة الجيش في اليوم التالي، من شأنه دخول النيجر في فوضى سياسية وأمنية، وأن تكون له تداعيات خطيرة على الدول العربية المجاورة لها، على غرار الجزائر وليبيا، وأيضاً موريتانيا والسودان.

وتمثل التطورات الأخيرة في النيجر، والمخاوف من تعرضها لحالة من الفوضى والانفلات الأمني، خطورة على العديد من الدول العربية المجاورة، بحكم موقعها ضمن منطقة الساحل الإفريقي. إذ يعد خطر تدفق المهاجرين، والجماعات الإجرامية عبر الحدود، الهاجس الأكبر لتلك الدول، إضافة إلى انهيار تعاونها الاقتصادي والأمني مع النيجر.

1
باحث

وشكل الانقلاب العسكري في النيجر، صدمة للدول الإفريقية، وبالأخص العربية منها ذات الجوار القريب، لما لهذه الخطوة من تداعيات على استقرار المنطقة.

الجريمة العابرة للحدود

تستقبل الجزائر عدداً كبيراً من المهاجرين القادمين من النيجر، وتقوم بين الحين والآخر بترحيلهم إلى بلادهم ضمن اتفاقية أمنية مع نيامي، لكن الانقلاب الأخير من شأنه مضاعفة أعدادهم، خاصة وأن الجزائر تعد أغنى بلد بين دول الساحل، حيث تحولت لبلد استقرار لكثير منهم بعدما كانت بلد عبور نحو أوروبا.

وقَّع البلدان في 2021، على اتفاق التعاون الأمني، لتنسيق عمليات محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود والمنظمة.

كما أن النيجر تمثل ممراً مهماً للجزائر نحو قلب إفريقيا، ضمن استراتيجيتها لتعزيز صادراتها إلى القارة السمراء، وبالأخص مشاريع الطريق العابرة للصحراء والتي تربط الجزائر بنيجيريا عبر النيجر، بالموازاة مع خط للألياف البصرية، وأنبوب لنقل غاز نيجيريا إلى أوروبا مروراً بالبلدين.

كما أن هناك تنسيقاً فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية، فالبلدان عضوان في مجموعة الميدان التي تضم أيضا كلاً من موريتانيا ومالي.

إذ يتدفق عبر النيجر آلاف المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى الجزائر عبر الحدود المشتركة.

بالإضافة إلى اتفاقيات الغاز، حيث وقَّع مجمع سوناطراك الجزائري في فبراير/شباط 2022، مع وزارة الطاقة في النيجر، اتفاقاً لتقاسم الإنتاج في حقل «كفرا» النفطي شمالي البلاد، الذي اكتشفته في 2018، والذي تقدر احتياطاته بنحو 400 مليون برميل.

فكل هذه الاتفاقيات والمصالح الاستراتيجية أصبحت مهددة بعد الانقلاب على الرئيس بازوم، الذي من شأنه إدخال البلاد في مرحلة من الفوضى وعدم الاستقرار على غرار ما يجري في ليبيا ومالي.

لذلك دانت الجزائر بشدة المحاولة الانقلابية في النيجر منذ الساعات الأولى لاحتجاز الرئيس بازوم.

ودعت الجزائر، في بيان لخارجيتها «لوضع حد فوري للاعتداء غير المقبول على النظام الدستوري، وهذا الانتهاك الخطير لمقتضيات سيادة القانون».

مجموعات مسلحة

وتعد ليبيا أكثر الدول العربية تأثراً بالانقلاب في النيجر، فالرئيس محمد بازوم، يتحدر من قبيلة أولاد سليمان الليبية، التي يمتد انتشارها من بلدة هراوة على البحر الأبيض المتوسط «قريبة من مدينة سرت الليبية» إلى غاية النيجر وتشاد جنوباً.

فليبيا سبق لها وأن جربت عدم الاستقرار في النيجر، خلال السنوات الأخيرة، إذ عانت بسبب مشاركة مجموعات مسلحة من النيجر في القتال لصالح هذا الطرف أو ذاك.

فبسبب الوضع الاقتصادي في النيجر، يسهل على أطراف الصراع في ليبيا تجنيد مرتزقة للقتال في صفوفهم، أو على الأقل حماية حقول النفط والمراكز الحيوية في المناطق النائية، خاصة بالجنوب، بالإضافة إلى انتشار تجار البشر على طول سواحلها الغربية القريبة من شواطئ مالطا وإيطاليا.

ولم يخف رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة، قلقه مما يجري، ودعا، عبر حسابه على تويتر، إلى «وضع حد فوري لهذه التحركات العسكرية التي تقوض أمن المنطقة واستقرارها، وتشكل مصدر قلق لجميع البلدان المجاورة، والمجتمع الدولي ككل».

وإذا دخلت النيجر في حالة عدم استقرار أو انجرفت نحو الفوضى، فإن ذلك سيدفع أعداداً كبيرة من سكان النيجر للفرار إلى ليبيا، التي لا تملك الإمكانيات الكافية لحماية حدودها، بحسب وكالة الأناضول.

نظام ديمقراطي

موريتانيا أيضاً معنية بانقلاب النيجر، رغم عدم وجود حدود مباشرة معها، وتفصل بينهما مالي، وذلك بحكم أن البلدان عضوان في مجموعة «دول الساحل الخمس»، التي شكلتها فرنسا لتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة.

فمن بين دول الساحل الخمس، لم تبق سوى موريتانيا التي تتبع نظاماً ديمقراطياً دستورياً، ولا يقودها نظام عسكري أو انقلابي.

فالأنظمة المنتخبة في دول الساحل تتساقط الواحدة تلو الأخرى.

وقد دانت الخارجية الموريتانية، في بيان، الانقلاب، وقالت إنها «تراقب بقلق كبير تطورات الأوضاع في النيجر، وترفض التغييرات غير الدستورية للحكومات».

وعلى غرار موريتانيا، لا تربط السودان أي حدود مع النيجر، لكن بينهما بحر مفتوح من الرمال وقبائل مترابطة عرقياً، أو مذهبياً.

وفي الوقت الذي يشتعل فيه قتال عنيف في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإن أي انهيار للاستقرار في النيجر سيغذي الحرب في السودان، والعكس صحيح.

الباحثون عن الذهب

ومن المعروف أن النيجر تعج بالمرتزقة والباحثين عن الذهب والمجد، وشاركوا بشكل بارز بالحرب في ليبيا، إلى جانب مجموعات مسلحة شاركت بالقتال الدائر في السودان، الأمر الذي يضع دولاً عربية عدة تحت الضغوط، في ظل التكهنات بموجة لجوء جراء الاضطرابات التي سببها هذا التحرك الذي قاده الحرس الرئاسي، وأثار إدانات واسعة على الصعيدين العربي والدولي.

وإذا كانت كل الأنظار اتجهت إلى فرنسا المتضررة الرئيسية من سقوط بازوم، فإن دولاً مثل الجزائر وليبيا وموريتانيا والسودان لن تكون بمنأى من تداعيات هذا الانقلاب، بخاصة أن حدودها مشتعلة بسبب نشاط الجماعات الإرهابية في مالي وتشاد وبوركينا فاسو.

مركز الدعم المالي

يقول المتخصص في الشؤون السياسية البوركيني ألفا الهادي كوانا، إن «النيجر مركز كل الدعم المالي والإنساني الغربي والأممي نحو دول منطقة الساحل، وهي أيضاً مركز عمليات مكافحة الإرهاب من خلال عملية (برخان) الفرنسية، حتى إن هناك تعاوناً مع إيطاليا والولايات المتحدة اللتين تملكان قوات عسكرية فيها».

ويتدفق من النيجر مئات المهاجرين غير النظاميين الذين تكون وجهتهم الجزائر وليبيا في مسعى للعبور إلى الضفة الأخرى من المتوسط، وتقوم السلطات الجزائرية بإعادة هؤلاء إلى بلادهم، حيث تجمع بين نيامي والجزائر اتفاقية أمنية في شأن ذلك.

أبرز التخوفات

وقالت الدكتورة نرمين توفيق الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية في تصريحات خاصة ل«الخليج»،: «يجب أن نضع في الاعتبار أن الاستياء الشعبي في دول غرب إفريقيا للوجود الفرنسي كان سبباً في موجة رأي عام مؤيدة للانقلابات التي حدثت منذ 2020».

وأوضحت أن ذلك ظهر بصورة واضحة في المظاهرات الشعبية التي خرجت ضد فرنسا في مالي وتشاد وبوركينا فاسو ومؤخراً في النيجر.

وأشارت نرمين توفيق، إلى أن الحركات الإرهابية تستغل الاضطرابات وموجات اللجوء من دول غرب إفريقيا، فهي تمثل أبرز التخوفات التي تهدد أمن دول شمال وغرب إفريقيا، بما فيها دول الجوار العربية، أضف إلى ذلك الأحداث الملتهبة في السودان، فانقلاب النيجر تربة خصبة لتلك المنظمات الإرهابية.

وأضافت، أن هذا يحيلنا إلى دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن تكون حلول مشكلات القارة من الداخل، خاصة وأن القوى الأجنبية تعمل لمصلحتها أولاً قبل مصلحة الدول الإفريقية.

وقد يسمح الانقلاب على الرئيس بازوم للجماعات الإرهابية بتعزيز مكاسبها على الأرض، مما سينعكس على الوضع الأمني على حدود النيجر.

بصرف النظر عن الأزمة الإنسانية التي قد يقود إليها الانقلاب في النيجر، فإن هواجس الجزائر وليبيا تمتد لتشمل الاتفاقات الخاصة بمشاريع غازية ونفطية ضخمة، على غرار الاتفاق الذي وقعته شركة «سوناطراك» الجزائرية المملوكة للدولة عام 2022 من أجل تقاسم الإنتاج في حقل «كفرا» النفطي شمال النيجر، الذي تم اكتشافه في 2018 وتقدر احتياطاته بنحو 400 مليون برميل، بحسب إندبندنت عربية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc7wjhde

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"