زعيم غربي للسلام

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

أشد الأسئلة طرحاً في المشهد السياسي العالمي يتعلق بالحرب الدائرة في أوكرانيا، ومتى ينتهي هذا الصراع المخيف وعلى أي صيغة عسكرية أو سياسية ستكون النتيجة؟. ورغم وجود كثير من الفرضيات، لا يوجد خيار مرجح بسبب تشابك المصالح والتفاصيل والأهداف بين الأطراف المتحاربة أو الداعمة لهذا الطرف أو ذاك.

مشكلة هذه الحرب أن سقف نتائجها أعلى وأوسع من ميدان معاركها، وبصورة من الصور فإن العالم كله، والفاعلون فيه على وجه التحديد، منخرطون في الصراع، وكل يريد النتائج لصالحه، فروسيا مصممة على النصر، وأوكرانيا وداعموها الغربيون يراهنون على تكبيدها هزيمة استراتيجية لا تنهض منها. ووفقاً لذلك، تبدو المعادلة صعبة جداً وتؤشر إلى معركة مريرة وقاسية تستنزف كل شيء. وبالنتيجة فإن جميع الأطراف ستستمر في صب الزيت على نار القتال، ولا توجد، إلى الآن، مؤشرات واضحة على شعور أحد الطرفين بالإنهاك.

كل صراع لا بد أن تكون له نهاية، وليس ضرورة أن ينتهي وفق قاعدة غالب أو مغلوب. وإذا تم تشخيص المعركة على أنها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظرائه في الغرب بزعامة الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن النهاية الطبيعية لهذا الصراع والأقرب إلى المنطق هي أن يظهر زعيم غربي يعمل من أجل تحقيق السلام مع بوتين، الذي يتجاوز بنك أهداف عمليته العسكرية الخاصة حدود الدولة الأوكرانية ويصطدم بطموحات حلف شمال الأطلسي في التوسع شرقاً. والمشكلة القائمة أن تحالف الغرب السياسي لا يريد صداماً مباشراً مع موسكو ولا يستهين بقدراتها العسكرية، ولكنه، مع ذلك، يريد إضعافها وإرغامها على قبول شروطه والخضوع لإرادته. وبالنسبة إلى العارفين بالخفايا، فإن هذا الطموح هو التهور بعينه، ولا يمكن لروسيا أن تخضع له، وكذلك قوى دولية أخرى مثل الصين، التي تقف على الربوة وتتابع المعركة الدائرة بعين مصالحها وخطط نفوذها ومكانتها المستقبلية على الساحة الدولية.

عندما ينهض في الغرب رجل يقبل بالتفاوض مع روسيا ويقتنع بأن النظام الدولي بصدد التغير، كحتمية تاريخية، فآنذاك يمكن للحرب الدائرة في أوكرانيا أن ترسم خط نهايتها، ويمكن للقارة الأوروبية أن تتنفس وتتجاوز أقسى محنة تواجهها منذ الحرب العالمية الثانية. أما التصميم على السياسة الحالية بإذكاء نار القتال على أمل أن تنتصر كييف وتنهزم موسكو، فإن الأسوأ لم يأت بعد، وأن ما يحدث اليوم مجرد مقدمات لمأساة لا قبل للعالم أجمع بها، في ظل التحديات المتراكمة والتضخم والغلاء وشح الموارد والغذاء.

أي زعيم يستطيع أن ينزع فتيل هذه الحرب المؤجلة، سيخلد اسمه في التاريخ قروناً، وسيكون رجل سلام حقيقياً، ولا يبدو الغرب عاجزاً عن انتخابه من بين نخبته. وبعد نحو ثمانية عشر شهراً من الاقتتال، لم يحقق أي من الطرفين أهدافه، والاستمرار في هذا الوضع سيقود إلى انفجار أشمل، ربما تختفي فيه دول وتظهر أخرى، وحينها لن يكون الندم نافعاً، وسيكون الكل خاسرين والمصير بائساً للجميع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4hpjykwc

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"